حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

فزاعة جزائرية

 

 

حسن البصري

جرت العادة أنه قبل كل دورة رياضية قارية أو عالمية، تبادر الدولة المنظمة لإجراء مسابقة بين المصممين المبدعين من أجل إنجاز «تميمة» خاصة بالتظاهرة، يراعى فيها تاريخ وثقافة البلد، وتحترم فيها الهوية الرياضية للدورة.

لكن تميمة بطولة كأس إفريقيا للاعبين المحليين «الشان»، والتي ستحتضنها الجزائر في الفترة الممتدة من 13 يناير إلى 4 فبراير المقبلين، لقيت سخرية عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة من الجزائريين، الذين أجمعوا على أنها من عجائب الدورة.

سئل وزير الشباب والرياضة الجزائري، أثناء حفل الكشف عن تميمة «الشان»، عن خصوصيات التميمة التي أطلق عليها اسم «قبطان»، فقال: «إنها مجسم لثعلب بقميص المنتخب حامل لكرة، هذا النوع من الثعالب يعيش في صحراء الجزائر وهو من فصيلة الفنك، اخترناه تميمة لأنه من الصعب اصطياده»، وحين داهمته الاستفسارات عن سبب حمله اسم رتبة عسكرية سكت عن الكلام المباح، وقال إنها تميمة شكلية وأن الأهم هو الفوز باللقب القاري. «لا تشغلوا رؤوسكم بهذا المجسم، اخترنا حيوانا محليا يعتمد على نفسه في تدبير عيشه».

انهالت الانتقادات على «القبطان» وعلى المكون العسكري لتميمة رياضية، في بلد يأتمر بأوامر عسكرية، وشبهها البعض بلواء عسكري، وكاد رئيس اللجنة المنظمة أن يحيي التميمة تحية عسكرية قبل إزاحة الستار عنها.

تبين اليوم أن المشاركة في بطولة إفريقيا للاعبين المحليين، محفوفة بالمخاطر، ستستقبلنا تميمة برتبة «قبطان»، أشبه بفزاعة منتصبة في كل الملاعب والفنادق والمطارات.

في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي نظمت العام الماضي في وهران، وقع اختيار المنظمين على تميمة عبارة عن أسد حمل اللون الأبيض، تساءل الناس عن أسد أبيض اللون فلم يعثروا له على أثر، ولكن الليث الأبيض سيهاجم الصحافيين المغاربة ويمنعهم من دخول وهران، حينها تبين أن ابتسامته مزيفة وتحيته مزيفة ولونه مزيف.

حين اتسعت قاعدة الاحتجاج على «القائد» قال المنظمون للغاضبين منهم، إن البعض قد أساء فهم كلمة القبطان والمقصود بها «الكابتن»، أي عميد الفريق. ولا علاقة لها بالرتب العسكرية. حينها فهمنا المغزى الحقيقي للجمع بين ثعلب وعميد فريق.

لا ينصح الراسخون في الحركة الأولمبية الرياضية بشحن التمائم ونفخها بالسياسة، كما لا ينصح باعتماد مجسمات حيوانات «قليلة الأدب» كالضبع وابن آوى والثعلب. نذكر هنا الألعاب الأولمبية بميونيخ سنة 1972 في ألمانيا الغربية، عندما أصبح الكلب «فالدي» أول تميمة رسمية للألعاب، سئل المنظمون عن سبب اختيار كلب شرس تميمة لدورة أولمبية، فقيل إنه رمز الوفاء والتحمل. وحين هاجم فدائيون فلسطينيون الدورة الأولمبية قتل الكلب.

في كل دورة رياضية يقبل الزوار على اقتناء تميمة التظاهرة، لكن من يجرؤ على اقتناء «قبطان»؟ لهذا يبدو أن في الأمر ترهيبا لكل منتخب سولت له نفسه الأمارة بالانسحاب من الدورة، خاصة بعد أن كشرت التميمة عن أنيابها وتوعدت المقاطعين بأوخم العواقب.

انسحب المصريون والتونسيون مبكرا، وعبر الأوغنديون والكاميرونيون عن تخوفهم من دورة ظاهرها كرة وباطنها سياسة، خاصة أن التحضير لها تم بمنطق التحضير للدورات العربية والجهوية، حيث يزور وزير الرياضة الدول التي تظهر عليها أعراض العزوف ويقنعها بأهمية المشاركة صونا لكرامة بلد المليون شهيد.

لم يزر وزير الرياضة القطري الدول التي عبرت عن مقاطعة المونديال، لم يحمل لها «المرفودة» لثنيها عن القرار، لأن المونديال من اختصاص «فيفا»، وكل تداخل في الاختصاصات قد يفسد «للعرس» قضية.

آن الأوان لفصل السياسة عن الرياضة، وإجلاء العساكر من الملاعب الجزائرية، حتى لا تصبح المشاركة في دورة رياضية مشهدا مستقطعا من قمة عربية أو إفريقية تحتاج لاستنفار قبلي.

لذا أقترح أن نجعل من «لخمسية» تميمة لنا تدفع عنا كل سوء.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى