
النعمان اليعلاوي
تلوح بوادر توتر جديد في العلاقات بين الحكومة والمركزيات النقابية، بعد إعلان وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، عن قرب تقديم مشروع قانون جديد لتنظيم النقابات، بالتوازي مع مراجعة شاملة لمدونة الشغل، في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين. وكشف السكوري عن حزمة من الإجراءات التي تعتزم الحكومة إطلاقها في مجال التشغيل وتنظيم العلاقات المهنية، وعلى رأسها «مشروع قانون لتنظيم النقابات» وإعادة النظر في مدونة الشغل، بما يواكب التحولات التي يعرفها سوق العمل، وعلى وجه الخصوص تقنين العمل عن بعد وعمال التوصيل.
وأعادت تصريحات السكوري إلى الواجهة التخوفات النقابية من محاولة «فرملة العمل النقابي وتقنينه بشكل يحد من حريته»، خاصة وأن مشاريع القوانين ذات الصلة بالعمل النقابي تعد من أكثر الملفات حساسية في المشهد الاجتماعي المغربي، وتسببت في مواجهات متكررة بين الحكومات المتعاقبة والنقابات، على الرغم من تأكيد الوزير أنه سيتم فتح باب المشاورات مع الفرقاء الاجتماعيين قبل طرح هذه المشاريع، إلا أن حديثه عن «تطوير مدونة الشغل بما يضمن حماية الشغيلة ويدفع بسوق العمل إلى الأمام»، لم يكن كافياً لطمأنة العديد من الأصوات النقابية، التي ترى في هذه المبادرات محاولة لإعادة رسم قواعد اللعبة الاجتماعية دون توافق فعلي.
وحسب مصادر نقابية، فمشروع القانون المزمع طرحه حول تنظيم النقابات يطرح إشكاليات جوهرية، أبرزها شروط التمثيلية وضمان استقلالية القرار النقابي، وطرق تمويل النقابات وآليات مراقبة عملها. وهي قضايا لا تزال محل تجاذب كبير بين النقابات والسلطات الحكومية، وسط تحذيرات من أي محاولة لتقليص هامش الحرية النقابية أو فرض قيود إدارية جديدة، فيما يتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة جولات ساخنة من الحوار، خاصة في ظل استعداد المركزيات النقابية الكبرى لوضع خطوط حمراء أمام أي قانون يُعتبر «إجهازاً» على المكتسبات النقابية.
من جهة أخرى، قدّم السكوري حصيلة إيجابية على مستوى سوق الشغل، مشيراً إلى خلق 350 ألف منصب شغل خلال الفصل الأول من السنة الجارية، رغم فقدان 75 ألف منصب في القطاع الفلاحي، ما يجعل الحصيلة الصافية تصل إلى 282 ألف منصب، موضحا وجود تحسّن طفيف في معدل البطالة، الذي تراجع من 13.7 إلى 13.3 في المائة، مشدداً على أن هذا التحول «لا علاقة له بالتساقطات المطرية»، في إشارة إلى الطابع البنيوي للتحسن الذي تشهده المؤشرات.
وفي ملف الحوار الاجتماعي، أكد السكوري تخصيص غلاف مالي يناهز 45 مليار درهم، وتعميم زيادات الأجور على أكثر من 1.1 مليون موظف بالقطاع العام، علاوة على رفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص من 2600 إلى 3200 درهم ابتداءً من يناير المقبل، مما سيشمل نصف المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.





