كواليس أول قمة عربية حضرها الملك الحسن الثاني باعتباره ملكا.. وهكذا أعد خطابه للعرب

يونس جنوحي
لم يسبق أن نُشرت مضامين قمة المفاوضات الأولى بين المغرب والجزائر، التي تلت حرب الرمال، وعُقدت في طنجة، شهر يناير 1964، لعقد الصلح بين البلدين. كان وقتها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وزير خارجية الجزائر، يترأس الوفد الجزائري إلى المغرب.. وكان محمد التازي حاضرا.. وفي الشهر نفسه أيضا، دعا الرئيس المصري، جمال عبد الناصر، إلى قمة وحرص على أن يحضرها كل من المغرب والجزائر لإذابة الجليد في العلاقات بشكل نهائي، ومرة أخرى، حضر محمد التازي ضمن أعضاء الوفد الرسمي المغربي. وهي القمة التي حضرها الملك الراحل الحسن الثاني شخصيا.
كان الرئيس أحمد بن بلة، وقتها، أي في يناير 1964، في عامه الأخير رئيسا للبلاد قبل أن ينقلب عليه وزير دفاعه الهواري بومدين ويصبح رئيسا للبلاد.
وكان محمد التازي موظفا في وزارة الخارجية المغربية، لكن حسه الصحفي ظل حاضرا، ودون مجريات القمة.. ومن بين ما سجله في أوراقه الشخصية:
«كان الوفد المغربي للقمة يتكون من:
صاحب السمو الملكي الأمير مولاي عبد الله. المرحوم الحاج أحمد بلافريج الممثل الشخصي لصاحب الجلالة. السيد ادريس المحمدي المدير العام للديوان الملكي. المرحوم السيد أحمد رضا اكديرة، وزير الشؤون الخارجية. وعبد الهادي بوطالب، الوزير المنتدب لدى الوزير الأول، ومولاي أحمد العلوي وزير الأنباء والفنون الجميلة والسياحة، وعشرة سفراء، وعدد آخر من كبار الموظفين.
وحضر إلى القاهرة وزير الخارجية، قبل وصول جلالة الملك وطلب عقد اجتماع مع أعضاء الوفد من السفراء. وحين التأم الجمع طُلب من كل سفير أن يقترح الفكرة التي يرى ضرورة اشتمال الخطاب الملكي عليها، باعتبار أن هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها جلالته في مؤتمر قمة عربي، وبدأت الاقتراحات تترى على السيد اكديرة، وفي ما يلي نماذج منها:
-السيد عبد الرحمن الفاسي، السفير في الأردن: الإشارة إلى عروبة المغرب، واهتمامنا
بقضية فلسطين، ولدى الدول العربية التزامات وسننفذها.
-الوزير: هذا كلام عام، وجدول الأعمال محدد في الموقف من اقتراح السيد «جونسون» لتحويل مياه نهر الأردن.
-السفير الفاسي: الموضوع هو تحويل نهر الأردن، وقد وضع العرب مشروعا يعارض
مشروع «جونسون».
-السيد عبد الهادي الشرايبي، السفير في ليبيا: أذكر أني كنت في الجامعة العربية، وأن لبنان شرع بالفعل في تنفيذ مشروعه.
-السيد أحمد بن عبود السفير في لبنان: عندي معلومات من سفير أمريكا في بيروت أن الرئيس عبد الناصر سيعلن قيام دولة فلسطين، وخطاب سيدنا يلقي نظرة عامة على ارتباطنا بالجامعة وأننا سنؤيد كل قرار يحقق مصالح العرب.
(..)
بعد وصول جلالته واستقراره في فندق هيلتون مع الملوك والرؤساء العرب، سُلمت لجلالته شارات الحضور للاجتماعات، واحدة ذهبية لجلالته وست شارات فضية لمن سيحضر معه، فوزعها جلالته على النحو التالي:
صاحب السمو الملكي الأمير مولاي عبد الله
السيد أحمد بلا فريج.
السيد ادريس المحمدي.
السيد أحمد رضا اكديرة.
الكولونيل محمد أوفقير.
وأمرني جلالته بالاحتفاظ بالشارة السادسة لي، فإذا ارتأى حضور أي شخص سيطلب
مني إحضاره، مما أتاح لي متابعة أعمال المؤتمر.
اطلع جلالته على مشروع الخطاب فأضاف إليه بعض الفقرات، كانت إحداها لافتة للنظر حين إلقاء الخطاب. وهي تأكيده على أن موضوع الماء الذي دعا المؤتمر له هو جزء من كل، فالموضوع الذي يرى جلالته أن على المؤتمرين أن يهتموا به هو النظرة الشمولية للقضية الفلسطينية، حاضرها ومستقبلها، فهل عند العرب مشروع لتحرير فلسطين؟ تلك هي القضية، كما قال جلالته، وقد ارتجل جلالته تحليلا لأفكاره، عن منهج التفكير الجدي للقضية».





