حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

لا تشتروا «غواصاتكم» من الصين

 

 

يونس جنوحي

بدا واضحا أن الاتفاقية الأخيرة، التي جمعت بين المغرب والهند في مجال التدريب والأمن والدفاع، استأثرت باهتمام الصحافة الدولية.

أكثر من 25 موقعا أجنبيا ومركز دراسات متخصصا اهتم بزيارة وزير الدفاع الهندي إلى المغرب، وركز على مستقبل تعزيز التعاون في مجال الصناعات الدفاعية، وقدم الاتفاق على أنه نموذج يجب أن تتأمله دول أخرى تعيش مشاكل تسليح وصيانة معداتها الدفاعية بسبب «غابة» من المشاكل التقنية مع المزود الصيني.

وبينما كان الطرفان يوقعان الاتفاق في الرباط، كانت التايلاند تعيش على إيقاع «فضيحة» دفاعية تتمثل في قبول سلطات البلاد تسلم محركات ميكانيكية، «ديزل»، أقل بكثير من المعايير الدولية المتعارف عليها. وهو ما علق عليه الخبير الدفاعي «صن لي» بأنه تحول كبير في استراتيجية المشتريات الدفاعية في البلاد، ويكشف عن الواقع غير المريح للتعامل مع الصين.

صفقة الحصول على هذا النوع من المحركات، لاستعمالها في تحريك الغواصات، تعود إلى سنة 2017، وبلغت قيمتها الإجمالية 417 مليون دولار أمريكي. في البداية كانت التايلاند تُزود بمحركات ألمانية ذات كفاءة عالية، إلا أنه، بسبب القيود التي فرضها الاتحاد الأوروبي على الصين بخصوص تصدير هذا النوع من المحركات، عرض الصينيون الآن بديلا على التايلاند، لكن المشكل أن المحرك البديل لم يسبق استعماله في تحريك الآليات القتالية.

ورغم أن عملية التزويد توقفت إثر احتجاج التايلاند، واستمرت المفاوضات لأشهر، إلا أن بانكوك اضطرت في الأخير لقبول الأمر الواقع.

جاء في التقرير أن التايلاند كانت تعاني من مشاكل تقنية منذ 2021، ورغم محاولات احتواء الأزمة، إلا أن الخبراء يؤكدون أن المحرك الذي حصلت عليه التايلاند مؤخرا من الصين لم يثبت كفاءته ولا يُستعمل أساسا في مجال تحريك الغواصات.

الخبراء وصفوا الصفقة بأنها ليست مجرد حل وسط من الناحية التقنية، بل هي تنازل جيوسياسي.

إلغاء صفقة الغواصة من طرف التايلاند كان ليغضب الصين بالتأكيد، وهو ما سوف يعرض التجارة والاستثمار والعلاقات الدبلوماسية للخطر. وحسب تعليق الخبير «صن لي»، المتخصص في الشأن الجيوسياسي في آسيا: «في منطقة يلوح فيها نفوذ الصين عاليا في الأفق، غالبا ما تجد الدول الصغيرة نفسها محاصرة، وليس أمامها سوى الامتثال».

تقول التقارير إن الصين تستهدف مؤخرا الدول النامية وتحاول خنقها باتفاقيات عسكرية للسيطرة على سوق السلاح العالمي، من خلال تقديم صفقات مخفضة وتمويل مرن. وهذه الاتفاقيات أبرمتها الصين مؤخرا مع دول في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، لبيع أسلحة عسكرية على حساب الجودة والشفافية والموثوقية على المدى البعيد.

تقوم هذه الصفقات، التي تندد بها الصحافة الآسيوية مؤخرا، على تقديم الصين نفسها كمورد خيري للدول العاجزة عن تحمل تكاليف صفقات التسليح التي تعرضها الدول الغربية، وتقدم الصين لهذه الدول العاجزة صفقات تهم الغواصات والطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار، وأنظمة صواريخ بتكلفة بسيطة جدا مقارنة مع التكلفة التي تعرضها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. وهذه الصفقة الصينية غالبا ما تأتي مع قيود «مُرفقة»، وهذه القيود هي التكنولوجيا التي وصفها المتخصصون بالرديئة، والعقود المبهمة.

محللو مجال الدفاع حذروا من المحرك البديل الذي عرضته الصين، وقالوا إنه يفتقر إلى القوة التي يتميز بها المحرك الألماني الذي زود به الصينيون الغواصات قبل بيعها بموجب الصفقات الدفاعية لدول، من بينها التايلاند.. ووصفوا قبول الحكومة التايلاندية بهذا الحل، بأنه «مقامرة» لا بد أن تعرض المجال الأمني للبلاد للخطر خلال العقود المقبلة.

قضية غواصات التايلاند ليست إلا مثالا على انتشار هذه الصفقات الصينية المثيرة للجدل، والتي استفادت منها دول إفريقية، مثل النيجر، في مجال المركبات المدرعة، ودول آسيوية في مجال الطائرات المقاتلة. ورفض صفقات الصيانة التي تعرضها الصين، تكون له عواقب وخيمة على الدول الموقعة على الاتفاقيات الدفاعية مع الصين.

الأمر في النهاية شبيه بالاختيار بين «السيئ» و«الأسوأ».

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى