
بقلم: خالص جلبي
سرطان الثدي عند النساء قابل للكشف، وجراحته سهلة. والشفاء منه كامل، إذا ضبط في وقت مبكر. ولكن كثيرا من النساء يجهلن هذه الحقيقة، فلم يعد يعني السرطان موتا حتميا. وسبب السرطان مجهول، وتحوم الشبهات حاليا حول منشأ السرطان، بسبب خلل في الكود الوراثي. وطرق معالجته تقدمت من الجراحة إلى المعالجة الكيماوية والشعاعية والهورمونية. وأذكر سيدة ممن حولي أنها كانت تنزف من المهبل وقد انقطع عندها الحيض، فأشرت لها بسرعة الكشف، فكان التشخيص سرطان عنق الرحم، وأجريت لها جراحة استئصال واسعة للرحم وما حوله، ثم عولجت شعاعيا فبرأت وهي اليوم نشيطة كأفضل ما يكون. ومع انتشار مرض الإيدز، ثم اجتياح كورونا وما بينهما الإيبولا والسارز، انفتح الباب على عالم جديد لفهم تركيب المادة الوراثية، ورب ضارة نافعة. واتصل بي أخ فاضل يستشيرني في مريضة له أصيبت بورم في الثدي، فهي تحت المراقبة الآن، وعندما قرأت التقرير عرفت أنها في طريقها للجراحة. وعملية استئصال الثدي مشوهة لصدر المرأة، ولكن الجراحة التجميلية يمكن أن تتدخل فتحافظ على بقايا الثدي والحلمة، والتخلص من الورم الخبيث. وأعرف سيدة كشف عندها الورم الخبيث فاستؤصل وعاشت بعده عشرات السنوات، وماتت من انفجار أم دم أنورزما في أبهر الصدر، الذي جاء تعبيره في القرآن (ثم لقطعنا منه الوتين)، والوتين هو أكبر شريان في الجسم، وهو الشريان الأبهر الذي يخرج من القلب فيغذي كل مكان، بما فيه القلب. وأعرف رجلا من أقربائي كشف عنده ورم (قتاميني Melanoma) خبيث، وهو من أخبث الأنواع، وهو مرض جلدي. وكشفت عنده الورم سيدة ليست طبيبة، بل امرأة حكيمة توازي مجموعة أطباء، فنصحته بالتخلص من الورم بسرعة. وكل خال أو شامة كبرت في الحجم وسقط منها الشعر وبدأت في الحك والنزف فهي خطيرة، وإذا بدأت العقد اللمفاوية في المنطقة المجاورة للورم بالتضخم، فهي علامة متأخرة بأن الورم يكون قد انتشر وضرب. وما زلت أذكر الأستاذ خالد رحمه الله الذي كان آية في الذكاء والتقوى، عندما عرض علي قصته في الورم الصباغي القتاميني، قال كانت شامة، ثم كبرت، في ذراعي وأحسست بتورم في الإبط، فلما فحصته عرفت أنه في حالة خطيرة. ثم ذهب الرجل إلى ألمانيا وكانت الحالة متأخرة، فافترسه الورم الخبيث في ستة أشهر بأشد من افتراس كوكبة من الأسود لفريسة. وفي يوم استدعاني رجل لرؤية أخيه الذي يشكو من ضعف عام، ففحصته بشكل عام، وهي قاعدة طبية، فلما وصلت إلى فحص البروستات عنده شعرت أنني أمس قطعة من الحجر وكانت قد تسرطنت، ثم مات بعدها إذ ذاب قطعة قطعة. وأعرف رجلا تعرضت زوجته لانثقاب معدة، فلما فتح الجراح المكان رابه الأمر، فقطع المعدة وأرسل العينة إلى الفحص النسيجي، فكان الجواب أن لا خوف والنسيج طبيعي ولم يكن كذلك، وكانت كارثة، فقد أخطأ من أعطى الجواب. وهي قضية لو حدثت في بلد راقي لخسر الطبيب منصبه ورزقه، ولكن جرى هذا في بلد ثوري (سوريا الأسد)، أهم ما فيه حفظ الأمن وآخر ما فيه صحة المواطن. وبعد الجراحة تردت حالة المريضة، فلما فتحوا البطن من جديد، كان الورم قد انتشر بدون فائدة عمل أي شيء. والمهم فإن قصة الأورام مرعبة وحزينة، والنصيحة الطبية لكل امرأة تقدمت في السن أن تفحص الثدي عندها وكذلك عنق الرحم بانتظام. وأما الرجل فيجب أن يفحص الموثة، أي البروستات، (ومراقبة فحص الدم لهورمون البروستات ويرمز له بثلاثة حروف = PSA). وهناك الآن من فحوصات الدم ما تشير إلى احتمال التحول إلى الخبث. وعلى الرجل والمرأة أن يفحصا نفسيهما كل ستة أشهر، أو سنة بشكل عام، من صورة شعاعية للصدر، أو تخطيط قلب، أو فحص شامل لعناصر الدم. وعندي صديقي يشكو من ارتفاع في الضغط وكولسترول الدم، فكنت أسأله عن السكري فأنكر، وفي يوم اضطربت حالته بين أيدينا فخشينا عليه وركضنا به إلى الإسعاف، فتبين أن سكره قد ضرب إلى 250، فانتبه إلى نفسه بعدها ولم يعد يطلق العنان لشهوة البطن كما كان سابقا، وبدأ بممارسة الرياضة. وقصة مرض السكري لها حكاية ثانية، ولكن الحركة بركة والرياضة تكسر السكر وتنشط المفاصل وتحيي القلب، فمن لم يمش فليمش كل يوم ساعة مع الليل، أو قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، لعله يرضى.
نافذة:
قصة الأورام مرعبة وحزينة والنصيحة الطبية لكل امرأة تقدمت في السن أن تفحص الثدي عندها وكذلك عنق الرحم بانتظام وأما الرجل فيجب أن يفحص الموثة أي البروستات





