حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

لقمة في جوف حفيظ

 

 

حسن البصري

إذا كانت دعوة المعلق الرياضي الجزائري حفيظ الدراجي إلى مقاطعة كأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2025 التي ستحتضنها بلادنا، صحيحة، فالبينة على من ادعى.

وإذا كانت الدعوة التي تقاسمتها منصات التواصل الاجتماعي، الجزائرية والتونسية على الخصوص، مزيفة يراد منها الفتنة المقرونة بالإثارة، فعلى حفيظ أن يقتص من وقته دقيقتين ليكتب سطر حقيقة.

نسي مروجو بضاعة المقاطعة، أن المغرب تعرض لعقوبات من الاتحاد الدولي لكرة القدم، حين استضاف سنة 1958 منتخب جبهة التحرير الجزائرية، الذي لم يكن معترفا به من طرف «الفيفا».

نلتمس لأتباع حفيظ العذر، لأنهم لا يقرؤون كتب التاريخ، ولا يعلمون أن المغرب تحمل غضب فرنسا، بسبب استضافة منتخب جزائري «إس دي إف»، منع لاعبوه من دخول بلدهم الذي كان حينها مقاطعة جنوبية لفرنسا.

تسببت هذه الاستضافة في ردود فعل غاضبة من الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، لأن اللاعبين الجزائريين فروا من الأندية الفرنسية دون سابق إشعار. وحين تدارس «الفيفا» الشكاية، قرر معاقبة المنتخب المغربي بالتوقيف لمدة سنتين نافذتين.

رد الملك محمد الخامس على قرار التوقيف، بقولته الشهيرة: «إلا ما قداتهم عامين يديرو ربعة، حنا مع خوتنا الجزايريين».

تناقلت قيادات جبهة التحرير الجزائرية هذه القولة الشهيرة، بكثير من العز والافتخار، بل إن ريع المباريات الودية التي خاضها الجزائريون في المغرب، خصص لدعم ثوار الجزائر في معركة الاستقلال.

سجل يا حفيظ، أن الملك محمد الخامس كان سباقا إلى تسجيل هدف في مرمى العلاقات المغربية الجزائرية، حين أرسل العربي بن مبارك، نجم الكرة المغربية، إلى الجارة الجزائرية لتدريب فريق اتحاد بلعباس، وحين حل جوهرة الكرة المغربية بالمدينة الجزائرية سلم مسؤولي الفريق هدية عبارة عن مسدس، نال على إثره شهادة من مكتب جبهة التحرير الجزائرية في الرباط، تتضمن شكرا للمدرب على «حسه القومي الكبير».

قضى العربي فترة مع الفريق الجزائري، وحين بزغ فجر الاستقلال قرر العودة إلى المغرب، وظل يتلقى دعوات من مسيري بلعباس، إلى أن أسلم الروح إلى بارئها.

حين كان الثناء والشكر ينهالان على الشعب المغربي لمواقفه النضالية، كان حفيظ مجرد مشروع «نطفة أمشاج»، وحين كان المغرب يفتح بابه لاحتضان فريق جبهة التحرير الوطني الجزائري وينظم له جولة في ربوع الوطن، كان جد حفيظ الدراجي خادما مطيعا للمستعمر الفرنسي في منطقة بني سليمان، شرق العاصمة الجزائرية.

تعرفت على حفيظ الدراجي لأول مرة سنة 2000 في مراكش، خلال منافسات كأس العالم للصحافيين الرياضيين، فوجئت به وهو يدخن بشراهة في الممر المؤدي إلى مستودع الملابس بملعب الحارثي، كما تعرفت عليه في مباراة جمعت صحافيي الجزائر بزملائهم المغاربة في ملعب الأب جيكو، انتهت بلا غالب ولا مغلوب.

وحين التقيت بالدراجي في مدينة سوسة التونسية خلال نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2004، كان الولد يحرص على الجلوس مع الصحافيين المغاربة، وهو ينشر دعوة «خاوة خاوة»، وحين خسر المنتخب الجزائري أمام المغرب في صفاقس ابتلع لسانه.

في صيف 2019، زار الدراجي المغرب وقضى أيامه بين الدار البيضاء وأكادير ومراكش، وتسابق بعض المسيرين والصحافيين لاستضافة ضيف المغرب، صاحب موال «خاوة خاوة»، وعلى حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام» نشر صوره في ساحة جامع الفنا وعلى متن يخت في مارينا أكادير، وفي أشهر مطاعم الدار البيضاء، وهو يثني على الشعب المغربي المضياف.

وحين اعتقدنا أن الرجل طوى صفحة النعرات، كان اعتقادنا في حالة تسلل، فقد عادت حفيظة إلى عادتها القديمة، ونشر من جديد سلعة الفتنة في أسواق منصات التواصل الاجتماعي، ناسيا لقمة الكسكس والبسطيلة التي استقرت يوما في جوفه.

الطعام بيننا .

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى