حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

ليلة ممطرة في جوهانسبورغ

 

 

حسن البصري

لا أذكر اسم رئيس اللجنة المنظمة لكأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2013، التي احتضنتها جنوب إفريقيا، لكني أذكر جيدا غضب الوفود الرياضية المشاركة في هذه الدورة، بسبب سوء البرمجة في بطولة راعيها الرسمي هو المطر.

حين حطت بي الطائرة في مطار جوهانسبورغ الدولي، اكتشفت أن هاتفي قد استنفد شحنته من الطاقة، وبالتالي لا يمكنني التواصل مع ابن حينا عبد السلام حبيب الله، رئيس جمعية المهاجرين المغاربة في جنوب إفريقيا.

اهتديت إلى محل لبيع الهواتف المحمولة في بهو المطار، والتمست من البائعة ملء حقينة هاتفي بما تيسر من شحن.

حين شعرت بأن نسبة الشحن تكفي للتواصل، شكرتها على الخدمة وهيأت نفسي لمغادرة المحل، لكنها فاجأتني بأداء واجب الشحن وحددته في راند واحد، أي حوالي ثمانية دراهم من أجل ثماني دقائق من «الشارج».

حكيت لصديقي هذه الواقعة، فذكرني بوجودي في بلد «البيزنيس»، وأكد أن لافتات الترحيب المنتشرة في المطار لا تتعارض مع رغبة شعب في جني الأرباح من دورة كروية.

في الطريق إلى فندق «أونومو» الأقل سعرا والأقرب إلى الملعب، شحنني صديقي بنصائحه، ودعاني لتوخي الحذر.

دعاني لتناول وجبة عشاء في بيته، وعلى امتداد الاستضافة، لم يتوقف عبد السلام في سرد لائحة التحذيرات.

نفس الأجواء الممطرة التي نعيشها اليوم، عاشتها جوهانسبورغ، قبل وأثناء دورة كأس أمم إفريقيا 2013، إلى درجة أن المركز الإعلامي الذي قصدناه نحن معشر الصحافيين لتسلم «بادجات» الدورة، كان محاصرا بالمياه، وكنا مضطرين إلى الكشف عن مهارتنا في السير فوق معبر إسمنتي يحتاج إلى لاعب سيرك ليقطعه.

احتمينا بخيمة «الكاف» من شدة المطر، وقفنا في طابور مبلل، لفتت مصورة جنوب إفريقية مسنة نظر ضابط أمن، وهي ترتعش من شدة البرد، فتقدم حولها وقادها إلى المدفأة وأجلسها أمامها، ثم هيأ لها فنجان قهوة.

لا أعرف صاحب فتوى إجراء مباراتين متتاليتين في ملعب واحد، يوم افتتاح فعاليات كأس أمم إفريقيا 2013، لكن يبدو أن الدافع هو الخوف من عزوف لاحت بوادره.

في صباح يوم 19 يناير، دبت في شرايين المدينة حركة غير عادية، انتشرت قوات حفظ الأمن في الشوارع المؤدية إلى الملعب، الذي سيحتضن المباراة الافتتاحية بين جنوب إفريقيا والرأس الأخضر.

إلى هنا تبدو الأمور عادية، لكن المثير للاستغراب هو برمجة مباراة منتخبنا ضد أنغولا، مباشرة بعد نهاية المباراة الافتتاحية.

يا له من يوم عسير في جو ماطر، فقد كان حضور نيلسون مانديلا إلى الملعب حدثا تناقلته وسائل الإعلام، بل كان وجوده أهم من نتيجة المباراة الافتتاحية.

ردد زملائي المغاربة في منصة الصحافة، أنشودة «يا إخوتي جاء المطر»، وحين حل الوفد الرسمي لاحظنا أن زعيم انفصاليي البوليساريو محمد عبد العزيز، يبحث عن موقع قدم خلف مانديلا.

ولأن منصة الصحافة كانت محاذية للمنصة الرسمية، فقد وزعنا حصة من الشتائم على عبد العزيز، لكنه رد علينا بتحية وابتسامة مستعارة.

لم تكن منصة الصحافة مغطاة، أو أن الجزء الأكبر منها كان مكشوفا، فتحولت التغطية الإعلامية إلى تعرية.

حين انتهت مباراة جنوب إفريقيا والرأس الأخضر بالتعادل، غضب الجمهور الجنوب إفريقي، وغادر الملعب.

دخل فريق من عمال صيانة العشب لترميم ما أفسدته أقدام لاعبي المباراة الافتتاحية، وانسحب الوفد الرسمي، ولم يتبق إلا قلة من المشجعين.

كان العشب مثقلا بالوحل، وكانت المنصة تحت رحمة المطر، وانتهت مواجهة منتخبنا لنظيره الأنغولي بالتعادل.

غادر علي الفاسي الفهري، رئيس جامعة الكرة، الملعب ولسان حاله يقول:

يا إخوتي جاء المطر.

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى