حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسياسيةفسحة الصيف

مذكرات مولاي المهدي العلوي… معاناة الانتقال في الدراسة بين  فرنسا والأعيان ومدارس الوطنيين في الأربعينيات

يونس جنوحي

 

لا شك في أن سلا، بأزقتها وطقوسها وشخوصها أيضا، ساهمت في صقل شخصية مولاي المهدي العلوي، خلال بداية الأربعينيات، وهو تلميذ.

لم يتمكن مولاي المهدي العلوي من التسجيل في مدرسة الاعيان لموسم سنة 1936، لأنه تجاوز السن القانونية، وحاول الالتحاق بالمدرسة التي أسسها كل من أبي بكر القادري مع الحاج معنينو -كلاهما من أقطاب الحركة الوطنية في سلا- سنة بعد ذلك، لكي يتدارك ما فاته من دروس. لاحظ العلوي أن أقرانه كانوا يفوقنه من حيث الاطلاع على الثقافة الفرنسية. وهو ما جعله يصر على ضرورة تدارك ما فاته، وتكثيف جهوده في التحصيل. حاول الالتحاق بالمدرسة الصناعية التي قال عنها إن النجاح في اجتياز مستوياتها لم يكن في متناول الأغلبية، وأن قلة فقط تستطيع النجاح كل سنة..

عندما كان العلوي يدرس في السنة الرابعة بهذه المدرسة، اعتدى عليه أحد المدرسين الفرنسيين بالضرب.. وطيلة تلك السنوات احتفظ العلوي باسم هذا المدرس، وبدا واضحا أنه لم يكن قادرا على نسيانه: “ماجينو”. انقطع العلوي عن الدراسة لستة أشهر، وبعد ذلك التحق بمجموعة مدارس “جسوس” ذائعة الصيت في الرباط، والتي تخرجت منها أفواج من رموز السياسة والأدب.

يحكي مولاي المهدي العلوي عن أجواء الدراسة بمجموعة مدارس جسوس بالرباط، قائلا: “كانت تشكل مدارس (جسوس) نموذجا في الانضباط، وكانت تحظى بسمعة طيبة بين أوساط الوطنيين من مختلف أنحاء المغرب، وكانت هيأة التدريس تتشكل من أساتذة مغاربة مرموقين من مختلف التخصصات، مما جعل المؤسسة تستقبل الطلاب من مناطق الشمال والغرب والدار البيضاء، لكونها تتوفر على قسم داخلي يوفر الإقامة للطلاب الوافدين.

كنا معجبين كثيرا بأساتذتنا، وكنت شخصيا أحظى بعطف خاص من بعضهم، وقد أصبحوا في ما بعد بمثابة أصدقاء، خصوصا وأن فارق السن حينها لم يكن كبيرا بين بعض الطلاب وبعض المدرسين، نظرا لظروف العملية التعليمية في ذلك الوقت.

ومازالت أذكر بكل خير أستاذ اللغة العربية الشاعر والأديب «عثمان جوريو» رحمه اللّٰه والأستاذ «محمد بن الراضي»، صاحب رائعة: «يا صاحب الصولة والصولجان»، التي كان قد تغنى بها الموسيقار المغربي الكبير المرحوم أحمد البيضاوي.

أما مدير المدرسة «السي عبد الله المالقي»، فقد كان رجلا صارما، فضل ترك سلك المحاماة، بما أنه كان يحمل الإجازة في الحقوق، لأداء الواجب الوطني باختياره لتحمل أعباء إدارة مؤسسة وطنية رائدة، كان من مهامها تشكيل الوعي لدى الأجيال بأهمية الدفاع عن الوطن واستقلاله والانخراط في بنائه والذود عن وحدة أراضيه.

كان لنا مدرسون أفذاذ، رسخوا فينا حب الوطن وألهمونا، بأساليب رصينة في التلقين والتربية والتهذيب، بقيمة العمل والاجتهاد والتعلق بالأمل في غد نستطيع بتضحياتنا، جميعا، أن نجعله أفضل.

كان «الحاج محمد بلعياشي» معروفا بحسه الإنساني المرهف، وهو يدرس تلامذته مبادئ اللغة ويلقنهم المعاني الجُلى لآيات القرآن الكريم وسوره، إلى جانب العالمين الجليلين «محمد الروندة» و«محمد العوني»، رحمهم اللّٰه جميعا.

أما مدرس الرياضة والتربية البدنية المرحوم السي “بوبكر الأزرق» فقد كان مفعما بالحيوية والنشاط ومُتمرسا في شتى أنواع الرياضة، مع حرصه الدائم على ترديد نشيد المدرسة الذي لابد أن يستظهره كل من مربها ومطلعه: «نحن أبناء محمد جسوس كلنا لصرح الوطن أسس».

وإلى جانب أستاذنا للغة الفرنسية «السي محمد بن الراضي»، كان بالمدرسة أساتذة آخرون لا يقلون قدرا، منهم الأساتذة: «عمر مدون» و«أحمد الزغاري» و«عمر عواد»، و«محمد بنشقرون» وقد أدوا جميعا الأمانة باقتدار، جازاهم اللّٰه عنّا خير الجزاء.

وفي دروس الحساب واللغة، كانت حصص الأستاذ «الصديق العلوي»، ابن أخت المجاهد المرحوم «الحاج عمر بن عبد الجليل»، تلقى اهتماما خاصا من قبل التلاميذ المقبلين على امتحانات الشهادة الابتدائية”.

من أبرز المحطات في حياة مولاي المهدي العلوي، وهو طفل، انخراطه في الكشفية، بما كانت تمثله وقتها، في أربعينيات القرن الماضي، من انضباط والتزام بالقضية الوطنية، والانخراط في أنشطة الحركة الوطنية.. حجز مولاي المهدي العلوي إذن تذكرة الانخراط في العمل السياسي، مبكرا..

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى