
النعمان اليعلاوي
تواصل الحكومة العمل على تفعيل مشروع مرسوم جديد يهدف إلى مراجعة منظومة تسعير الأدوية بالمغرب، في إطار تحديث السياسات الصحية. إلا أن هذه الخطوة أثارت مخاوف جدية داخل قطاع الصيدلة، الذي يضم أزيد من 14,000 صيدلاني وصيدلانية ويشغل أكثر من 50,000 إطار مساعد، حيث يواجه تهديدًا وجوديًا حقيقيًا قد يؤدي إلى شلّ القطاع برمته.
وينذر المشروع الحكومي، في حال تطبيقه بالصيغ الحالية، بتراجع رقم معاملات الصيدليات بنسبة تتراوح بين 25 و30 في المائة، في وقت تشهد كلفة التسيير والالتزامات الضريبية ارتفاعًا متواصلاً، ما قد يدفع بالعديد من الصيدليات إلى حافة الإفلاس، وهو ما يُشكل تهديدًا للأمن الدوائي الوطني وضمان الولوج العادل إلى الأدوية والخدمات الصحية.
ويعبر المهنيون عن استغرابهم من أن يأتي هذا «الإصلاح» على حساب الصيادلة الذين يلعبون دورًا حيويًا في حماية صحة المواطنين وضمان استمرارية الخدمة الصحية في مختلف جهات البلاد، مشيرين إلى أن التوجه الحكومي أحادي الجانب يتناقض مع روح الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش السادس والعشرين، الذي أكد فيه جلالة الملك محمد السادس على ضرورة إنصاف المهنيين وتحقيق العدالة الاجتماعية، وعلى أن تُسهم الإصلاحات الاقتصادية في تحسين ظروف عيش كافة فئات المجتمع.
ويشير الصيادلة إلى أن ربط استدامة صناديق التأمين الصحي فقط بتخفيض أسعار الأدوية طرح اختزالي ومغلوط، إذ ترتبط التوازنات المالية لهذه الصناديق بعوامل أخرى، منها كلفة التحاليل والفحوصات الطبية، ومصاريف الاستشفاء والعلاجات المكلفة، وضعف مراقبة الفوترة، إضافة إلى صرف أدوية باهظة الثمن خارج الصيدليات.
ويطالب المهنيون بإصلاح شامل ومتكامل يعالج جميع اختلالات المنظومة الصحية والدوائية، عوض استهداف طرف واحد دون غيره، مذكرين بمكانتهم التي اكتسبوها عبر انخراطهم المسؤول في عدة محطات مصيرية للسياسة الصحية الوطنية وتضحياتهم الكبيرة من أجل الوطن، مؤكدين أن تجاهل مطالبهم المشروعة يعمق من معاناتهم المهنية والاجتماعية، في ظل غياب رؤية واضحة واستباقية للتخطيط الصحي.
وتتزايد المخاوف من تدهور الوضع الأمني الدوائي في المملكة، سيما مع تسجيل انقطاع أكثر من 600 دواء من الأسواق المغربية، جراء التخفيضات المتلاحقة في أثمنة الأدوية، ما دفع الصيادلة إلى المطالبة بفتح حوار عاجل مع الجهات المعنية للاستجابة لمطالبهم قبل فوات الأوان، وسط أجواء من الإحباط وعدم الثقة التي تعم القطاع، فيما يحذر المهنيون من تصعيد احتجاجاتهم حتى تحقيق الكرامة والعيش الكريم، مع تأكيدهم أن المعركة بدأت من أجل استرجاع حقوقهم وتحقيق مطالبهم المشروعة، حمايةً لصحة المواطنين وضمانًا لاستمرارية منظومة دوائية وطنية قوية ومستقرة.





