شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

مستقبل في كف عفريت

يوجد مستقبل الآلاف من طلبة مغاربة عائدين من أوكرانيا على كف عفريت، فبين عشية وضحاها تحولت أحلام من قصدوا أوكرانيا من أجل تحصيل العلم إلى مجرد كوابيس، فبعد سنوات من الجد والدراسة وجد 8200 طالب وطالبة بحسب أرقام رسمية حديثة نشرتها وزارة التعليم الأوكرانية، أنفسهم أمام طريق مسدود ومستقبل غامض.
بالفعل ليست هناك حلول كثيرة أمام العائدين من ويلات الحرب، فإما انتظار انتهاء النزاع العسكري وعودة الطلبة للدراسة هناك بصفة طبيعية، أو تواصل الوضع المتوتر على ما هو عليه إلى أجل غير مسمى وهو ما يتطلب من السلطات الحكومية البحث عن مخرج قانوني وواقعي لهاته الأزمة الخارجة عن إرادة الجميع.
وإلى اليوم لم يصدر عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أي موقف رسمي أو معطيات مؤكدة في ما يتصل بالطلبة القادمين من أوكرانيا باستثناء تصريح على الهواء لوزير التعليم العالي سرعان ما تراجع عنه عمليا، يبدو أن فرضية التحاق الطلبة العائدين خصوصا المنتمين لكلية الطب بالجامعات المغربية تبقى بعيدة المنال وسط مقاومة من طرف الهيئة التدريسية وجمعيات الطلبة الذين أسسوا تكتلا لهذا الغرض، بالإضافة إلى العوائق القانونية رغم أن بعض الشهادات الجامعية الأوكرانية معترف بها رسميا من قبل الدولة المغربية.
لكن السلطات المعنية لا يمكنها الاختباء وراء مدونات القانون و «فيتو» الهيئة البيداغوجية التي يقودها عمداء كلية الطب الذين لهم حساباتهم الخاصة، وكأننا في وضع طبيعي وعادي، الأمر ليس كذلك نحن أمام قوة قاهرة فرضت سطوتها على الجميع، وبالتالي لا يمكن مواجهة أوضاع غير طبيعية بإجراءات عادية ومن منظور قانوني ضيق. فالمهمة الأولى للسلطات في مثل هاته الأزمات هي إيجاد الحلول وليس التذرع بالإكراهات القانونية الجافة، حتى لا يتعطل مستقبل هؤلاء الشباب ويصبحون ضحية، فهم لا ذنب لهم في حماقات العالم ولا ذنب لهم في قوانين لا ترحم.
ومع ذلك فإن قضية طلبة أوكرانيا تسائل سياسات السلطات الحكومية من زاوية أخرى، فكيف نسمح لأنفسنا كدولة بإرسال 8000 طالب إلى أوكرانيا وإمدادهم من طرف أسرهم بحوالي 100 مليار سنويا بينما كان بالإمكان امتصاص هذا الطلب وإبقاء تلك الأموال وتلك الأدمغة داخل البلد عبر إحداث مؤسسات عامة وخاصة معتمدة، هناك إذن شيء ليس على ما يرام ولو فتح ملف طلبة المغاربة بالخارج على مصراعيه لوجدنا أن البلد يعيش نزيفا ماليا وبشريا بسبب محاولة بعض اللوبيات جعل الطب والهندسة وغيرهما مهنا حكرا على طبقة النبلاء يتوارثونها أبا عن جد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى