حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

مشروع قانون المحاماة يفتح جبهة مواجهة جديدة مع وهبي

مقتضيات جديدة تنذر بتعميق الخلاف بين المحامين والوزارة

النعمان اليعلاوي

تتجه وزارة العدل نحو جولة جديدة من التوتر مع هيئات المحامين، على خلفية مشروع القانون الجديد المنظم لمهنة المحاماة، الذي أثار ردود فعل قوية في أوساط المحامين، بسبب ما اعتبروه «مسا باستقلالية المهنة وتضييقا على الشباب المقبلين على ولوجها»، في وقت لم تندمل بعد تداعيات الجدل الكبير الذي رافق امتحان الأهلية الأخير.

وبحسب معطيات حصلت عليها جريدة «الأخبار»، فإن عددا من هيئات المحامين في مختلف جهات المملكة عبرت عن رفضها لعدد من المقتضيات التي تضمنها المشروع، سيما تلك المتعلقة بشروط اجتياز امتحان الأهلية، والاقتطاعات الضريبية، وآليات الرقابة التي قد تُفرض على مكاتب المحامين، إضافة إلى آليات تدريب المحامين الجدد، ما ينبئ بصدام جديد مع وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، الذي سبق أن دخل في مواجهات مماثلة مع هذه الهيئات في مناسبات سابقة.

وتتمثل أبرز النقاط الخلافية في ما تعتبره الهيئات المهنية «تشديدا غير مبرر على المترشحين الجدد»، خاصة في ظل رفع سقف شروط ولوج المهنة، بشكل قد يُقصي عددا من خريجي كليات الحقوق من تحقيق حلمهم في ارتداء الجُبّة السوداء. ويرى المحامون أن هذه الشروط تُشكل تراجعا عن منطق تكافؤ الفرص، وتكرس طابعا انتقائيا لا يخدم العدالة الاجتماعية ولا روح دستور 2011.

كما عبر عدد من المحامين عن رفضهم الصيغة التي جاء بها مشروع القانون في ما يخص المقتضيات الضريبية، معتبرين أن «فرض المزيد من الاقتطاعات، دون الأخذ بعين الاعتبار التفاوت في مداخيل المهنيين وظروف اشتغالهم، يعد ضربا للعدالة الجبائية»، وأن المحامين يُعانون أصلا من ضغط الضرائب وغياب حوافز حقيقية لمزاولة المهنة، في ظل الارتفاع المستمر لتكاليف التسيير والتجهيزات التقنية المرتبطة بممارسة الدفاع.

واعتبرت بعض الأصوات داخل مجالس الهيئات أن المساس باستقلالية المهنة هو أخطر ما يتضمنه المشروع، في إشارة إلى البنود التي تفتح الباب أمام إمكانية رقابة خارجية على مكاتب المحامين، بدعوى تعزيز الشفافية والنجاعة، وهو ما تراه الهيئات «مساسا مباشرا بسرية العلاقة بين المحامي وموكله»، وانحرافا عن الأعراف المهنية الدولية المتعارف عليها.

ومن النقاط الخلافية الأخرى التي تهدد بتأجيج الوضع داخل الجسم المهني، مسألة تكوين المحامين الجدد، حيث ما زالت وزارة العدل تُحيل مسؤولية التدريب بالكامل على الهيئات المهنية والنقباء، في وقت تقول فيه هذه الأخيرة إن الإشراف على تداريب المئات من المحامين المتمرنين يطرح تحديات لوجستيكية كبيرة، سواء على مستوى التكوين أو التأطير والمتابعة. وتدعو الهيئات إلى صيغة جديدة تضمن إشراك الوزارة في هذا المسار، سواء من خلال دعم مالي، أو عبر توفير مراكز تكوين مشتركة، شبيهة بالمعاهد الوطنية للمهن القضائية.

وبينما تطالب هيئات المحامين بفتح حوار شامل ومسؤول حول مضامين مشروع القانون، وبتأجيل مناقشته إلى حين التوصل إلى صيغة توافقية، يبدو أن وزارة العدل مصممة على تمرير المشروع ضمن الجدول الزمني المسطر، وهو ما قد يفتح الباب أمام خطوات تصعيدية من طرف المحامين، تشمل أشكالا احتجاجية ونضالية أكثر حدة، كما وقع في مراحل سابقة.

ويرى عدد من المتابعين أن هذا الخلاف الجديد يُسلط الضوء على هشاشة العلاقة بين وزارة العدل والمهنيين، وعلى غياب مقاربة تشاركية حقيقية في إعداد القوانين المتعلقة بالمهن القضائية، رغم أن خطاب الإصلاح الذي ترفعه الحكومة يشدد على ضرورة إشراك جميع الفاعلين في صياغة السياسات التشريعية ذات الأثر المباشر على القطاعات المهنية.

في الأثناء، ما زالت أصوات داخل الوسط الحقوقي تحذر من تأثير هذا الاحتقان المتجدد على استقرار المنظومة القضائية برمتها، وتدعو إلى بناء جسور الثقة بين الدولة وأصحاب البذلة السوداء، عبر سن تشريعات متوازنة تحمي الحقوق وتراعي واقع الممارسة، بدل تغليب منطق الفوقية وتهميش الهيئات التمثيلية.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى