شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

معارضة لا نستحقها ولا تستحقنا

تركت المعارضة البرلمانية كل الملفات الحارقة التي تلهب جيوب وموائد المواطنين، وفضلت أن تنهي سنتها التشريعية بـ«جدبة» مضحكة حول بوليميك الحضور الشهري لرئيس الحكومة إلى البرلمان. طبعا من حق المعارضة أن تتحدث في أي شيء داخل قبة البرلمان وأن تثير الانتباه إلى اشتباه خرق الدستور، لكن المعارضة نفسها تظل يوميا تخرق الدستور وتنتهك الحقوق التي منحها إياها الدستور لجعلها معارضة مسؤولة وذات قوة اقتراحية، وليس عقبة وجزءا من الأزمة.

ففي بريطانيا، حيث أعتى ديموقراطية برلمانية في العالم، ينظر إلى المعارضة على أنها إحدى الأدوات الضرورية والمكملة للحزب الحاكم وللحكومة، ولها الأولوية في المناقشات التي تجري في مجلس العموم، وإعطاء الفرصة لها لتقديم وجهة نظرها واقتراحاتها بما لها من ثقل سياسي وتمثيل للرأي العام، وقد تحمل امتعاضاً من لدن الحكومة، لكنها في النهاية تصب في خدمة الدولة والمجتمع.

لكن للأسف في بلدنا نعيش خريفا حقيقيا للمعارضة وتجريفا لأدوارها الدستورية، فبدل أن تكون لدينا معارضة تصنع الأحداث وجدنا معارضة تتبع الأحداث وتحاول الركوب عليها بشكل بشع، وبدل أن نكون أمام معارضة تنتج المطالب والاقتراحات وجدنا أنفسنا أمام معارضة تعتاش على مواقع التواصل الاجتماعي وتعيد إنتاج الأفكار الافتراضية نفسها التي يُروج لها البعض في الشبكة العنكبوتية، وبدل أن تبدي المعارضة مواقفها المتباينة مع الحكومة وجدنا أن السنة التشريعية تنتهي بتحقيق الإجماع في 97 من النصوص القانونية المصادق عليها، هذا لوحده دليل كاف لإثبات وفاة المعارضة.

ومن الخطأ القاتل أن نتخوف من وجود معارضة قوية بحجج واهية، فليس هناك من نظام سياسي قوي دون معارضة برلمانية قوية تراقب عمل الحكومة وتحرجها سياسيا إذا استدعى الأمر ذلك، ولها القدرة على ضبط وامتصاص غضب الجماهير وربما تأطير حركات الشارع، إن دعت الضرورة، في إطار القانون واحترام المؤسسات وبما يمنع من اختراق فضاء المعارضة من أية أفكار جذرية.

والخلاصة أن هذه المعارضة سوف تبقى معارضة فاشلة وغير مؤثرة ما لم يتم تأطيرها في عمل منسق بوجوه محترمة وليس بوجوه مغضوب عليها في مشاريع ملكية وأخرى فاشلة في تدبير جماعاتها وأخرى تحول لديها البرلمان إلى دار الورثة. فالمطلوب، في هذا السياق الصعب، أن يصبح لدينا برنامجان برنامج تمثله معارضة وبرنامج يمثله من هو في موقع الحكومة، غير ذلك سيظل المغاربة يشعرون بالإحباط الممزوج بالحسرة عندما يرون معارضة لا تشبههم ولا يستحقونها ولا تستحقهم.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى