شوف تشوف

الرئيسيةشوف تشوف

مغاربة بلا حدود

ما قاله هنري لوي فيدي الباحث في معهد policy center for the new south من كون النزاع بين المغرب والجزائر يكلف نقطتين في معدل النمو لكلا البلدين، صحيح بالفعل. لكن السؤال الذي لا يجيب عنه ويجب أن يطرح هو لصالح من؟

الجواب واضح، ليس هناك طرف مستفيد من إذكاء الحقد الجزائري ضد المغرب أكثر من فرنسا. ويكفي أن يفتح الواحد جهاز التلفزيون ويتابع ما تبثه القنوات الفرنسية الإخبارية لكي يفهم أن فرنسا تغلي مثل مرجل بسبب تداعيات أزمة الطاقة إلى الحد الذي أصبح معه شبح أزمة خبز يلوح في الأفق بعدما هدد أصحاب المخابز بالتوقف عن العمل بسبب ارتفاع تكاليف الكهرباء، أضف إليها أزمة اللحوم وبقية المواد الغذائية الأساسية. فرنسا إذن مقبلة على أزمة اجتماعية خانقة ولذلك فماكرون محتاج للمال، الكثير من المال، لكي يشتري السلم الاجتماعي بالشيكات التي ينوي توزيعها على القطاعات المتضررة.

ومن هنا نفهم سياسة الابتزاز ولي الذراع التي يقوم بها ماكرون مع المغرب بمغازلة عسكر الجزائر ودعوتهم للإليزي وتوقيع الاتفاقيات والصفقات معهم.

خطورة القرار المعادي للمغرب والذي دفعت فرنسا باتجاهه عبر نوابها في البرلمان الأوروبي أن الدول التي تدافع تقليديا عن المغرب في أروقة الاتحاد سوف تفكر ألف مرة قبل أن تصطف إلى جانب مصالح المغرب خوفا من نعت ممثليها بالمرتشين. هذا الوسم الذي يحاول كل سياسي أوروبي أن يبقى بعيدا عنه هو السلاح الذي تستعمله فرنسا اليوم لعزل المغرب عن أصدقائه داخل الاتحاد الأوربي حتى يرضخ لمطالب باريس ويأتي طائعا لكي يطلب أصوات برلمانييها وأعضائها داخل البرلمان والاتحاد الأوروبي دفاعا عن مصالحه.

الكابوس الذي يؤرق الدول الأوروبية هو ملايين المغاربة الذين يعيشون لديها ومنهم المجنسون المولودون على أراضيها. لقد كشفت الحشود الفرحة بانتصارات المغرب في المونديال وهي تجتاح شوارع العواصم الأوروبية خصوصا بروكسيل بمناسبة هزيمة المنتخب البلجيكي أمام نظيره المغربي حقيقةً مرعبة وهي مع من هؤلاء؟ في أي صف يوجدون ولماذا هم مرتبطون بهذا الشكل الروحي والقوي ببلد أجدادهم رغم أنهم مولودون على الأراضي الأوروبية؟

النائب الأوروبي الهولندي اليساري تيس روتن كان أول من أخذ الكلمة في البرلمان الأوروبي قبل التصويت على القرار ضد المغرب وقال إن المغرب يقوم بابتزاز أوروبا بجاليته.

وقد أصبح اليوم واضحا أن الجالية المغربية تشكل هاجسا مقلقا بالنسبة لصانعي السياسات العمومية الأوروبية، خصوصا بعد المنجز التاريخي للمنتخب المغربي في مونديال قطر حيث كان أبناء الجالية يخرجون إلى شوارع العواصم الأوروبية للاحتفال بهذه الانتصارات بالقميص الوطني والعلم المغربي. خصوصا عندما تعلق الأمر بانتصارات على منتخبات بلدان شهدت ميلاد أبناء الجالية وربما ميلاد آبائهم، وهنا طرح مشكل كبير لهذه الحكومات الأوروبية، خصوصا البلاجكة. يتعلق بمسألة ولاء هذه الجاليات، هل هي أوروبية أم مغربية.

مشكلة فرنسا تحديدا وأوروبا بشكل عام أنها تطالب المهاجرين بالتخلي عن هويتهم الإسلامية والانخراط في الهوية الأوروبية، وهم يسمون ذلك الاندماج، عكس بريطانيا وأمريكا وكندا التي لديها سياسة هجرة مغايرة وتترك للمهاجرين حرية ممارسة هويتهم الأصيلة داخل بلدان الاستقبال.

ثم هناك نقطة أخرى مهمة في موضوع الجالية المغربية تزعج الأوروبيين وهي أن تحويلاتهم من العملة الصعبة لبلدهم الأم تزداد سنة بعد أخرى، والحال أن فرنسا ترغب في بقاء تلك الأموال على أراضيها. وقد وصلت التحويلات هذه السنة لحوالي 10 مليارات أورو، ما يعادل عائدات الفوسفاط.

ولذلك بدأنا نسمع عن اتهامات لأحد البنوك المغربية بتبييض الأموال بسبب تحويلات المهاجرين، والتوجه في فرنسا مثلا إلى فتح بحث حول كل التحويلات المالية القادمة من فرنسا نحو المغرب.

لذلك نعتقد أن كل الجبهات المفتوحة اليوم ضد المغرب في أروقة الاتحاد الأوروبي وإعلامه وأذرعه الحقوقية سببها ملايين المغاربة الذين يشكلون جاليته المقيمة بأوروبا والتي ترتبط بالمغرب ارتباطا روحيا وماديا لا يمكن تكسيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى