شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

ملفات ساخنة تواجه الحكومة قبل نهاية ولايتها قوانين عالقة وقرارات ملكية كبرى تنتظر التفعيل 

لم يتبق من عمر ولاية الحكومة سوى أقل من 10 أشهر، فيما هناك العديد من الملفات الساخنة التي تنتظرها قبل نهاية ولايتها، بعد هدر أربع سنوات من الزمن السياسي والتشريعي في الصراعات الفارغة، فهناك نصوص قانونية مهمة مازالت محتجزة داخل البرلمان، بسبب خلافات بين مكونات الأغلبية الحكومية حالت دون إخراجها إلى الوجود، واعتبارا لكون هذه السنة ستكون سنة انتخابية فإن كل الجهود ستخصص لإخراج القوانين الانتخابية.. كذلك تواجه الحكومة تحديا آخر، يتجلى في تفعيل وأجرأة القرارات الملكية المعلنة في خطاب العرش، ومن أبرزها توفير التغطية الاجتماعية والصحية لجميع المغاربة، فهل ستقدر الحكومة على ربح التحديات في حيّز زمني ضيق أم سترمي بكل هذه الملفات إلى الحكومة المقبلة؟

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي 

تعديل القانون الجنائي.. مشروع كبير في عنق الزجاجة

ما زال مشروع القانون الجنائي يراوح مكانه داخل لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، منذ حوالي خمس سنوات، دون أن تتوصل الفرق البرلمانية إلى توافق لإخراجه من عنق الزجاجة، بسبب خلافات بين مكونات الأغلبية حول التعديلات المقترحة على إحدى أهم المواد التي يتضمنها المشروع، وهي تجريم الإثراء غير المشروع.
وكان هذا القانون قد عاد إلى نقطة الصفر، بعدما قطع أشواطا من المناقشة والدراسة داخل اللجنة البرلمانية منذ سنة 2016، وصلت إلى مرحلة تقديم التعديلات، لكن فرق الأغلبية قررت سحب توقيعها من لائحة التعديلات المقدمة بشكل مشترك، وذلك بعد انقلاب حزب العدالة والتنمية على حلفائه داخل الأغلبية الحكومية، بسحبه لتعديل متوافق عليه حول تجريم الإثراء غير المشروع، وحددت اللجنة موعدا آخر لتقديم التعديلات، انتهى يوم الجمعة الماضي، لكن مرة أخرى طالبت الفرق البرلمانية الثلاثة بتأجيل الموعد، فيما تقدم فريق العدالة والتنمية وفرق المعارضة بتعديلاتها. وبرر فريقا التجمع الدستوري والاتحاد الاشتراكي طلبهما بتعذر عقد اجتماع للفريقين، بسبب أزمة كورونا، وتزامن ذلك مع عطلة البرلمانيين، فيما برر الفريق الحركي طلبه بمنح مهلة إضافية من أجل التوصل إلى توافق حول التعديلات، بين فرق الأغلبية البرلمانية.
وأوضح مصدر حكومي، أن قيادة حزب العدالة والتنمية تصر على الهيمنة في تمرير مشروع القانون الجنائي برؤية حزبية ضيقة، ما جعل هذا المشروع يعود إلى نقطة الصفر من جديد، بعد أن تنصل فريق الحزب الذي يقود الحكومة من التعديلات التوافقية ضمن الأغلبية، ما جعل باقي الفرق تنسحب رسميا من هذا التوافق، وتطلب من رئيس لجنة العدل والتشريع فتح آجال جديدة لإيداع التعديلات. وأضاف المصدر أنه «في اللحظة التي كان الجميع يترقب توجيه الدعوة إلى وزير العدل من أجل الحضور إلى اللجنة والشروع في البت في التعديلات المقترحة، يفتعل فريق العدالة والتنمية أزمة داخل فرق الأغلبية، من شأنها أن تزج بهذا المشروع في أفق ملتبس».
وكان فريق العدالة والتنمية قد انقلب على حلفائه داخل الأغلبية الحكومية، باتخاذ قرار انفرادي، بسحب التعديلات المقترحة على مشروع القانون الجنائي، المتعلقة بتجريم الإثراء غير المشروع، بعد التوافق عليها، وقرر الفريق سحب التعديل 31 الذي تقدم به بمعية فرق الأغلبية بشأن مشروع قانون رقم 10.16، القاضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، والإبقاء على الفرع 4 مكرر المتعلق بـ«الإثراء غير المشروع» كما جاءت به الحكومة في المشروع المذكور، مع تمسك الفريق ببقية التعديلات المقدمة سابقا بمعية فرق الأغلبية.
وتنص الصيغة التي جاءت بها الحكومة في المشروع على أنه «يعد مرتكبا لجريمة الإثراء غير المشروع، ويعاقب بغرامة من 100 ألف إلى مليون درهم كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات، طبقا للتشريع الجاري به العمل ثبت بعد توليه للوظيفة أو المهمة أن ذمته المالية، أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح عرفت زيادة كبيرة وغير مبررة، انطلاقا من التصريح الذي أودعه المعني بالأمر بعد صدور هذا القانون، مقارنة مع مصادر دخله المشروعة، ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة، ويجب في حالة الحكم بالإدانة بمصادرة الأموال غير المبررة، طبقا للفصل 42 من القانون نفسه، والتصريح بعدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو المهام العمومية».
وكانت الأغلبية تقدمت بتعديلات مشتركة قبل انقلاب فريق العدالة والتنمية، تنص على ألا يخضع المعنيون للمحاسبة، إلا بعد انتهاء مهامهم سواء الإدارية أو الانتدابية، وحصر مهمة المحاسبة في المجلس الأعلى للحسابات، والاقتصار في التصريح بالممتلكات بالنسبة إلى المعني وأبنائه فقط، دون الأخذ بعين الاعتبار الممتلكات المصرح بها قبل تولي المهمة الإدارية أو الانتدابية. واقترحت مكونات الأغلبية، من خلال التعديلات المقدمة، منح الصلاحيات للمجلس الأعلى للحسابات لكي يثبت تجاوز ما تم التصريح به بعد نهاية المهمة وليس أثناءها، ويجب أن تكون المقارنة مع ما صرح به من دخل انطلاقا من التصريح بالممتلكات الذي أودع المعني بالأمر، وليس مصادر دخله. واقترح فريق الأصالة والمعاصرة ومعه مجموعة حزب التقدم والاشتراكية، بأن لا تتم المتابعة إلا بناء على تقرير معد من قبل المجلس الأعلى للحسابات في حق الشخص المعني بالأمر.
وتشبث الفريق الاستقلالي بالتعديلات التي قدمها سابقا، حيث يطالب بالتنصيص على عقوبات حبسية في القانون، واقترح الفريق معاقبة مرتكبي جريمة الإثراء غير المشروع، بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة من 100.000 درهم إلى 1.000.000 درهم، كل شخص كيفما كانت صفته، يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر، ويساهم بذلك في خدمة الدولة أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع، ثبت بعد توليه للوظيفة أو المهمة أن ذمته المالية أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح عرفت زيادة ملحوظة، وغير مبررة، مقارنة مع مصادر دخله المشروع، ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة. كما يقترح الفريق نفسه، توسيع نطاق الموظفين العموميين المعنيين بهذا الفصل من الملزمين بالتصريح إلى الموظف العمومي وفق تعريف الفصل 224 من مجموعة القانون الجنائي، والحكم بالعقوبة السالبة للحرية أسوة بجرائم الرشوة والحصول على منفعة غير مستحقة من استغلال الوظيفة المنصوص عليها في الفصل 245-1، وكذلك تماشيا مع توصيات الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد والقانون المقارن، خاصة الفرنسي.

تعديل القوانين الانتخابية.. مهمة صعبة تنتظر الحكومة

بعد حسم وزارة الداخلية في قرار تنظيم جميع الاستحقاقات الانتخابية، خلال السنة الجارية، تنتظر الحكومة مهمة صعبة، تتجلى في إخراج القوانين المؤطرة لهذه الانتخابات، قبل نهاية الدورة التشريعية المقبلة. وفي هذا الصدد، فقد وضعت الوزارة نفسها اللمسات الأخيرة على مشاريع القوانين التي ستؤطر الاستحقاقات الانتخابية، وذلك بعد إدخال التعديلات المتوافق بشأنها من طرف الأحزاب السياسية، وستحال هذه المشاريع على المسطرة التشريعية في أقرب أجل ممكن، وذلك للمصادقة عليها من طرف غرفتي البرلمان، قبل نهاية الدورة الخريفية الحالية.
وأوضحت المصادر أنه في أفق الإعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، سواء منها الوطنية أو الجهوية أو المحلية أو المهنية، بادرت وزارة الداخلية إلى عقد عدة لقاءات مع الفاعلين السياسيين، وذلك وفقا للمنهجية التشاورية المعتمدة في مجال مراجعة المنظومة المؤطرة للانتخابات. وأكدت المصادر أن هذه المشاورات أسفرت عن توافق الفاعلين السياسيين حول جل التعديلات، التي سيتم إدراجها في مشاريع القوانين المؤطرة للعمليات الانتخابية المقبلة. ومن المنتظر أن يتوصل زعماء الأحزاب السياسية بمشاريع النصوص القانونية، قبل عرضها على المجلس الحكومي، خلال الأيام القليلة المقبلة.
ومن بين أهم النقاط التي تم التوافق عليها بين وزارة الداخلية وزعماء الأحزاب السياسية، بخصوص القوانين الانتخابية، إجراء جميع الاستحقاقات الانتخابية التشريعية والجماعية والجهوية في يوم واحد، وتم الاتفاق كذلك على تغيير يوم الاقتراع من الجمعة إلى الأربعاء، وتشكيل اللجنة الوطنية واللجان الإقليمية للانتخابات لمتابعة ومراقبة العمليات الانتخابية، كما تم الاتفاق على توسيع حالات التنافي في تقلد المهام الانتخابية، خاصة الجمع بين منصب برلماني ورئاسة مجالس المدن الكبرى، والعضوية بمكاتب مجالس الجهات والعمالات. ومن أبرز النقاط المتفق بشأنها، تقليص عدد مكاتب التصويت الفرعية، سيما بالمدن لتعزيز المراقبة من طرف ممثلي المرشحين والمرشحات.
وفي ما يتعلق باللوائح الانتخابية، تم الاتفاق على تنقية ومراجعة اللوائح الانتخابية وتبسيط مساطر تحيينها انطلاقا من مصالح الحالة المدنية، وحذف المقتضبات التي تمنع الأجانب من التصويت أو الترشح في الجماعات بشرط المعاملة بالمثل، مع تمكين الأجهزة الحزبية الوطنية من نسخة من اللوائح الانتخابية جماعة جماعة. كما سيتم اعتماد التسجيل الإلكتروني للناخبات والناخبين بشكل فردي، أي باسم واحد وعنوان واحد، وتم الاتفاق كذلك على تقليص مدة الحملة الانتخابية، ومراجعة طريقة استعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية من طرف الأحزاب السياسية.
وبخصوص مراجعة نمط الاقتراع، أفادت المصادر بأن وزارة الداخلية توصلت بعدة مقترحات تتراوح بين الإبقاء على نظام الاقتراع باللائحة وتعميمه على جميع الدوائر الانتخابية، وبين إلغائه والعودة إلى اعتماد نمط الاقتراع الفردي، وتم التوصل إلى اتفاق بشأن توسيع نمط الاقتراع الفردي بالنسبة إلى الجماعات الترابية التي يبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة. ومن بين النقاط المتفق عليها كذلك، تعزيز مراقبة السير السليم للعمليات الانتخابية من خلال العمل على اشتراك مكونات المجتمع المدني ومؤسسات الحكامة ذات الصلة بالاستحقاقات الانتخابية، وخاصة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، مع التنصيص على إجراءات جديدة لمحاربة الفساد الانتخابي، وتدقيق التدبير المالي للمرشحات والمرشحين للعمليات الانتخابية، بتعيين محاسب مسؤول عن الجانب المالي مداخيل ومصاريف، وفتح حساب بنكي خاص بها.
ولم تتوصل وزارة الداخلية إلى أي توافق بخصوص النقاط الخلافية التي بقيت مطروحة، ومن المنتظر إحالتها على مجلسي البرلمان للحسم فيها عن طريق مسطرة التصويت، أو التوصل إلى اتفاق بين الفرق البرلمانية، ومن أبرز هذه النقاط، مراجعة طريقة احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين عوض عدد الأصوات الصحيحة، وفي هذا الصدد أفادت المصادر بأن هناك مقترحا يروج داخل الأحزاب السياسية، بإمكانية التوصل إلى توافق بشأن هذه النقطة، بمراجعة طريقة احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المصوتين، أي باحتساب جميع الأصوات المعبر عنها، سواء كانت صحيحة أو ملغاة. وهناك نقطة خلافية أخرى، لم يتم التوصل إلى أي اتفاق بشأنها، وهي إلغاء اللوائح الوطنية للنساء والشباب، وتعويضها بلوائح جهوية، مع إضافة لائحة الأطر والكفاءات، وكذلك تمثيلية مغاربة المهجر في المجالس المنتخبة.
القانون التنظيمي للنقابات.. خمس سنوات من التماطل

تواجه الحكومة، مع اقتراب نهاية ولايتها، مهمة صعبة تتجلى في إخراج القانون التنظيمي للنقابات، الذي سيضبط الحقل النقابي، وذلك بعدما عجزت الحكومة السابقة عن تمرير هذا القانون، خلال الولاية السابقة. وأخيرا، رفض الكتاب العامون للهيئات النقابية تقديم ملاحظاتهم ومقترحاتهم بخصوص هذا القانون، وطالبوا بمنحهم مهلة زمنية لمناقشته، ويعني ذلك محاولة ربح المزيد من الوقت إلى حين نهاية الولاية الحكومية الحالية.
ويحدد القانون مدة ولاية زعماء النقابات، ويتضمن مقتضيات تهم على الخصوص «كيفية اختيار مرشحي النقابة أو المنظمة الذين سيكلفون بمهام الإدارة والتسيير في مختلف الأجهزة»، و«مدة ولاية الأعضاء المكلفين بالإدارة والتسيير داخل الأجهزة»، و«شروط الانخراط وإقالة واستقالة الأعضاء»، فضلا عن «أحكام تكفل ضمان تمثيلية النساء والشباب في الأجهزة المكلفة بإدارة وتسيير النقابة»، و«الجهاز المكلف بمراقبة مالية النقابة أو المنظمة»، كما أكد على ضرورة احترام مواعد انعقاد المؤتمرات الوطنية والجهوية والمحلية»، مشترطا أن «لا تتجاوز أربع سنوات»، ليردف أن «الفترة الفاصلة بين المؤتمرات العادية لنقابات العمال أو للمنظمات المهنية للمشغلين لا يجب أن تتجاوز المدة المنصوص عليها في النظام الأساسي في ما يتعلق بولاية الأعضاء المكلفين بإدارة وتسيير هيكل النقابة أو المنظمة على جميع المستويات.»، كما أن النقابات أو المنظمات المهنية مطالبة بـ«احترام تجديد هياكلها داخل الآجال المقررة في أنظمتها الأساسية تحت طائلة اعتبارها في وضعية غير قانونية وانعدام الأثر القانوني لأي تصرف صادر عنها قبل تسوية وضعيتها».
ووضع القانون معيارين أمام المنظمة النقابية للعمال من أجل الحصول على صفة «الأكثر تمثيلية»، يرتبط المعيار الأول بحصول النقابة المعنية على «نسبة 6 في المائة على الأقل من مجموع عدد ممثلي موظفي الدولة والجماعات الترابية ومستخدمي المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري في انتخابات اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء بالقطاع العام، ومن عدد مندوبي الأجراء في الانتخابات المهنية بالقطاع الخاص، على المستوى الوطني»، فيما ينص المعيار الثاني على أن «تكون ممثلة بمجلس المستشارين»، وحدد مشروع القانون أربعة معايير لحصول المنظمة المهنية للمشغلين على صفة «الأكثر تمثيلا على المستوى الوطني»، وهي «الرقم الإجمالي للمعاملات الذي حققه منخرطوها على المستوى الوطني، وعدد مناصب الشغل المصرح بها والتي وفرتها أنشطة منخرطي المنظمة، وحجم تواجدها على مستوى مختلف القطاعات الاقتصادية، وتمثيليتها بمجلس المستشارين.»
وينص مشروع القانون في المادة 100 على أن تمسك «المنظمات النقابية والمهنية للمشغلين نظاما محاسبيا سنويا»، وأن «تحتفظ بجميع الوثائق المثبتة لمحاسبة المنظمة لمدة عشر سنوات تبتدئ من التاريخ الذي تحمله هذه الوثائق»، ويلزم القانون النقابات والمنظمات المهنية للمشغلين بصرف الدعم المالي السنوي الممنوح لها «في الأغراض التي منح لأجلها»، معتبرا أن «كل استخدام كلي أو جزئي للدعم المالي الممنوح من طرف الدولة لأغراض غير التي منح لأجلها يعد اختلاسا للمال العام يعاقب عليه طبقا للقانون». وأكد المشروع على أن المجلس الأعلى للحسابات هو المؤسسة المخول لها «مراقبة صرف الدعم السنوي الذي تستفيد منه المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني»، لينص في هذا الصدد على أن توجه هذه المنظمات إلى هذه المؤسسة الدستورية، «داخل أجل أقصاه 31 مارس من السنة الموالية للسنة المالية المنصرمة، تقريرا مفصلا عن أوجه استعمال هذا الدعم عن السنة المعينة»، وهذا التقرير «يجب أن يكون مصادقا عليه من لدن خبير محاسب مقيد في جدول هيئة للخبراء المحاسبين، ومرفقا بالمستندات التي تثبت النفقات المنجزة برسم السنة المالية المعنية.»
وأوضح مشروع القانون أنه «في حالة عدم توجيه التقرير السنوي داخل الأجل المحدد، أو إذا كانت المستندات التي تم الإدلاء بها غير كافية، أو لا تبرر جزئيا أو كليا استعمال الدعم المحصل عليه في الغايات التي منح من أجلها، يوجه الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات إنذارا إلى رئيس النقابة من أجل تسوية وضعيتها داخل أجل أقصاه 30 يوما، أو إرجاع مبلغ الدعم إلى الخزينة العامة للمملكة»، وأضاف «في حالة عدم استجابة النقابة المعنية لإنذار الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، فإنها تفقد حقها في الاستفادة من الدعم السنوي، كما تفقد حقها في الدعم في حالة عدم عقد مؤتمرها الوطني العادي وفق الآجال المنصوص عليها في نظامها الأساسي، وذلك بعد انصرام أجل أٌقصاه ستة أشهر من التاريخ المحدد لانعقاد المؤتمر»، على أن «تسترجع المنظمة هذا الحق ابتداء من تاريخ تسوية وضعيتها بهذا الخصوص.»

قرارات ملكية كبرى تنتظر التفعيل قبل نهاية الولاية الحكومية

 

أعلن الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة عيد العرش، عن مجموعة من القرارات الكبرى، وطلب من الحكومة تنفيذها داخل آجال زمنية محددة. ومن أهم هذه القرارات، توفير التغطية الاجتماعية والصحية لكل المغاربة ابتداء من هذه السنة، ما يفرض على الحكومة إخراج العديد من القوانين لأجرأة التعليمات الملكية.

وفي هذا الإطار، أكد وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، أمام البرلمان، أن الحكومة ستعمل على اتخاذ سلسلة من الإجراءات الفورية قصد التفعيل الكامل للتوجيهات الواردة في الخطاب الملكي. وتتمحور هذه الإجراءات حول ثلاث أولويات أساسية، وهي تعميم التغطية الاجتماعية، وإصلاح القطاع العام، وإطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي. وأضاف بنشعبون أنه بالنسبة للشق الاجتماعي، سيتم العمل على التنزيل السريع للورش المتعلق بتعميم التغطية الاجتماعية، والذي سيمكن من تعميم التأمين الإجباري على المرض، والتعويضات العائلية، والتقاعد لفائدة كل الأسر المغربية التي لا تتوفر حاليا على تغطية اجتماعية، وسيتم ذلك بشكل تدريجي خلال الخمس سنوات القادمة، انطلاقا من سنة 2021، وعلى مرحلتين، ستمتد المرحلة الأولى من سنة 2021 إلى سنة 2023، وسيتم خلالها تفعيل التغطية الصحية الإجبارية والتعويضات العائلية، وتمتد المرحلة الثانية من سنة 2024 إلى سنة 2025 وسيتم خلالها تعميم التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل.

وأبرز الوزير أنه تفعيلا للتوجيهات الملكية سيتم فتح حوار بناء مع الشركاء الاجتماعيين لاستكمال بلورة منظور عملي شامل يتضمن البرنامج الزمني، والإطار القانوني، وخيارات التمويل المتعلقة بتنزيل هذا الإصلاح الاستراتيجي الهام. ولضمان نجاح هذا الإصلاح العميق، يضيف الوزير، سيتم اتخاذ سلسلة من التدابير القبلية والمُواكِبة والتي تتعلق على الخصوص بإصلاح الإطار القانوني والتنظيمي، وإعادة تأهيل الوحدات الصحية وتنظيم مسار العلاجات، وإصلاح الأنظمة والبرامج الاجتماعية الموجودة حاليا، للرفع من تأثيرها المباشر على المستفيدين، خاصة عبر تفعيل السجل الاجتماعي الموحد، وإصلاح حكامة نظام الحماية الاجتماعية، والإصلاح الجبائي المتعلق بإقرار مساهمة مهنية موحدة.

أما في ما يرتبط بإصلاح القطاع العام، فأشار الوزير إلى إعطاء الأولوية لمعالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية، قـصد تحقيق أكبر قدر من التكامل والانسجام في مهامها، والرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية. وسيتم في هذا الإطار، حسب الوزير، إحداث وكالة وطنية مهمتها التدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، ومواكبة أداء المؤسسات العمومية. ولتحقيق الأهداف المرجوة من هذا الإصلاح الهيكلي العميق، يضيف بنشعبون، سيتم اتخاذ ما يلزم من تدابير على المستوى القانوني والتنظيمي من أجل حذف المؤسسات والمقاولات العمومية التي استوفت شروط وجودها أو لم يعد وجودها يقدم الفعالية اللازمة. كما سيتم العمل على تقليص اعتمادات الدعم للمؤسسات العمومية وربطها بنجاعة الأداء، هذا فضلا عن إنشاء أقطاب كبرى عبر تجميع عدد من المؤسسات العمومية التي تنشط في قطاعات متداخلة أو متقاربة، وذلك قصد الرفع من المردودية وضمان النجاعة في استغلال الموارد وعقلنة النفقات.

وبخصوص الجانب الاقتصادي، أكد الوزير أنه سيتم العمل على بلورة خطة شمولية ومندمجة للإنعاش الاقتصادي تتضمن إجراءات أفقية تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات القطاعية، وذلك بهدف مواكبة الاستئناف التدريجي لنشاط مختلف القطاعات وتهيئة ظروف إنعاش اقتصادي قوي في مرحلة ما بعد الأزمة. وأوضح الوزير، أنه، في هذا الإطار، تم التوقيع خلال الأسبوع الماضي على ميثاق الإنعاش الاقتصادي والشغل، وعقد البرنامج 2020-2022 المتعلق بإنعاش قطاع السياحة في مرحلة ما بعد كوفيد19، ويعتبر هذان الميثاقان، يقول الوزير، بمثابة تعاقد بين كل الشركاء من أجل توفير ظروف الإنعاش الاقتصادي، وتحصين مناصب الشغل، وتقوية الانخراط في القطاع المهيكل.

وأعلن بنشعبون أنه، في هذا الإطار، سيتم توطيد المجهود المالي الاستثنائي الذي أعلن عنه الملك في خطاب العرش، عبر ضخ ما لا يقل عن 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني لمواكبة المقاولات، وخاصة الصغرى والمتوسطة، حيث ستخصص 75 مليار درهم للقروض المضمونة من طرف الدولة، بشروط تفضيلية لفائدة كل أنواع المقاولات الخاصة والعمومية. هذا، في حين سترصد 45 مليارا لصندوق الاستثمار الاستراتيجي، مشيرا إلى رصد مبلغ 15 مليار درهم في إطار قانون المالية المعدل، سيتم تحويلها لهذا الصندوق من الميزانية العامة للدولة، وستتم تعبئة 30 مليار درهم في إطار العلاقات مع المؤسسات المالية الوطنية والدولية، وفي إطار الشراكة مع القطاع الخاص.

وستكون مهمة هذا الصندوق دعم الأنشطة الإنتاجية ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى من خلال التدخل بشكل مباشر، عبر تمويل الأوراش الكبرى للبنية التحتية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وبشكل غير مباشر عبر المساهمة في دعم رساميل المقاولات التي تحتاج إلى أموال ذاتية بهدف تطويرها وخلق فرص الشغل، وسيكون انتقاء المشاريع التي سيتم تمويلها عبر الصندوق، بناء على أثرها على التشغيل.

مشروع قانون الإضراب.. الجمرة الحارقة في يد الحكومة

على بعد أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية والجماعية والمحلية التي سيتم تنظيمها صيف السنة الجارية، باتت حكومة سعد الدين العثماني، بين مطرقة مشروع القانون التنظيمي للإضراب، وسندان المركزيات النقابية محملة بملفات اجتماعية ثقيلة فرضتها تطورات الأوضاع الصحية عبر المغرب ودول العالم بالارتباط بانتشار جائحة كورونا، بينما لا يكاد يخبو الجدال بين الحكومة والمركزيات النقابية بشأن القانونين التنظيميين للإضراب، حتى يعود إلى الواجهة من جديد، فبعدما تراجعت وزارة الشغل عن برمجة مشروع القانون التنظيمي للإضراب، بلجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، التي كانت مقررة في 16 شتنبر المنصرم، على أن تعقد قبل ذلك لقاءات مع المركزيات النقابية، وتم تحديد موعد اللقاء مع المركزيات النقابية، وهي اللقاءات التي تم خلالها تقديم مقترحات النقابات بشأن مشروعي القانونين اللذين أعدتهما وزارة التشغيل. وكشفت مصادر نقابية أن الحكومة تستعد من جديد لعرض المشروعين على البرلمان، قبل الحسم في صيغتهما النهائيتين مع النقابات.
وبينما تحاول الحكومة ممثلة في الوزارة الوصية تمرير مشروع القانون بالمؤسسة التشريعية، تجد النقابات لها بالمرصاد، حيث تتهمها بعدم الالتزام بمخرجات اللقاءات المتفق بشأنها لتدارس مقترحاتها حول تعديلات مشروعي القانونين المذكورين قبل إحالتهما على البرلمان، بينما ترى الحكومة مطالب النقابات بفتح الحوار معها في مجمل الملفات الاجتماعية والمتعلقة بالحوار الاجتماعي، محاولة من المركزيات النقابية لكسب الوقت، إلى حين انتهاء الولاية الحكومية دون الوصول إلى اتفاق يذكر، والعودة بالتالي إلى الفراغ التشريعي حول القانون مع الحكومة القادمة، فيما تتهم النقابات الحكومة بالتلكؤ في عقد اللقاءات والتشاور معها حول القانون، حيث كان من المنتظر أن يتم عقد عدد من اللقاءات ولو عن بعد، لتفعيل مخرجات الاتفاق الاجتماعي الموقع في أبريل من 2019، خصوصا في ما يتعلق بالحقوق الاجتماعية والنقابية للأجراء، حسب النقابات التي تعتبر أن ملف مشروعي القانونين واحد من ملفات الحوار الاجتماعي الذي تم الاتفاق على معالجته في اجتماعات بين الأطراف الثلاثة (الحكومة والنقابات والباطرونا)، غير أن الواضح هو أن الحكومة تحاول حسم الملف منفردة وقبل نهاية ولايتها.
في السياق ذاته، قال النعم ميارة إن «إخراج مشروع قانون الإضراب كان في فترة حكومة عبد الإله بنكيران وقد واجهته النقابات حينها، وتم الاتفاق على التشاور في إطار الحوار الاجتماعي وإدخال التعديلات، غير أن الحكومة حينها أصرت على صيغة لم ترضي النقابات التي انسحبت من الحوار». وأضاف المتحدث ذاته أن «الحكومة تبدي إصرارا واضحا على تمرير مشروع القانون التكبيلي للإضراب خارج باب الحوار الاجتماعي والتشاور مع النقابات، وهو الأمر الذي نرفضه ونعتبر أن الصيغة التي ورد بها مشروع القانون المذكور تمس حق الشغيلة في الإضراب، وهو حق مكفول دستوريا ووفق المواثيق الدولية التي وقعها المغرب».
وأشار ميارة إلى أن «الاتفاق الاجتماعي الذي وقعته النقابات والحكومة، نص على ضرورة الاتفاق ومناقشة قانون الإضراب، قبل عرضه على المؤسسة التشريعية، وهو الأمر الذي لم تلتزم به الحكومة»، مضيفا أن «النقابات رفضت مسودة مشروع القانون الذي اقترحته الحكومة، وأن النقابات تقترح كمرحلة مقبلة إعادة صياغة كل بنود القانون، وفق صيغة توافقية مع النقابات، على أن تقدم الحكومة هذه الصيغة المتفق حولها كتعديلات في المشروع الذي عرضته على البرلمان»، معتبرا أن «الحكومة تتوفر على أغلبية في البرلمان إن كانت تريد تمرير «قانون إجرامي» في حق الطبقة العاملة»، مشددا على أن «النقابات لديها من الوسائل النضالية ما يكفي للتصدي لهذا القانون».
وكان ممثلو المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية قد وجهوا انتقادات شديدة إلى محمد أمكراز، وزير التشغيل، خلال لقاء في شتنبر الماضي، واتهموا الحكومة بمحاولة الاستفراد بالملف. وانتقد نقابيو الاتحاد المغربي للشغل مواقف الوزارة بخصوص قضايا وانتظارات الطبقة العاملة، وندد نقابيو الاتحاد المغربي للشغل بالمنهجية التي تتبعها الحكومة في تدبير الملفات الكبرى وإقرار القوانين، متهمين الحكومة «بإخلالها بالتزاماتها ومن ضمنها مضامين اتفاق 25 أبريل 2019»، كما احتجوا على ما اعتبروه «سلوكا استفزازيا، نهجته الحكومة عبر برمجتها لمشروع قانون الإضراب في اللجنة الاجتماعية لمجلس النواب بين الدورتين، في تجاهل تام للحوار الاجتماعي والحركة النقابية».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى