
يونس جنوحي
لا أحد يعلم على وجه التحديد، ما إن عاد تطبيق «أوبر» إلى المغرب من الباب، أم من النافذة.
لأن الطريقة التي «رحل» بها «Uber» العالمي عن المغرب، قبل أزيد من خمس سنوات تقريبا، كانت محاطة بالكثير من الضبابية.
نتحدث هنا عن استثمار ضخم، وإحدى أقوى شركات النقل باستعمال الهواتف الذكية عبر العالم. يوظف التطبيق مئات آلاف السائقين في العالم العربي، ويأخذون عمولتهم، بينما تنقل ملايين الدولارات يوميا، وبالدولار، إلى حساب الشركة الأم التي «أبدع» صاحبها فكرة استعمال تطبيق هاتفي في مجال النقل التقليدي الذي بدأ مع سيارات الأجرة، قبل قرن ونصف القرن تقريبا.
تتزامن عودة تطبيق خدمة النقل إلى المغرب، مع قرب الإعلان عن انطلاق دورة كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، التي تستضيفها البلاد. سياح من كل مكان، سوف يأتون إلى المدن المغربية لمتابعة المباريات، والتجوال السياحي.
لا حاجة طبعا إلى التذكير بـ«أهوال» النقل العمومي على متن الحافلات وسيارات الأجرة، بل وحتى القطارات.. وتبقى ثورة تطبيقات النقل الذكي، الاختيار العصري الذي يفضله ملايين المستهلكين حول العالم.
نحن أمام شرائح جديدة من السياح، لا يحتاجون إلى تجربة الخدمات العمومية، حتى يتسنى لهم اتخاذ قرار التعامل معها، أو مقاطعتها.. نحن أمام سياح، من الشباب خصوصا، لديهم ثقافة استعمال الهاتف لقضاء كل الأغراض تقريبا. وهذا يعني أن قطاع الفنادق معني أيضا بهذا التحول.
مشجعو فرق كرة القدم، حتى الذين لا تشارك منتخباتهم في الحدث، ويأتون لتشجيع لاعبين في منتخبات إفريقية يلعبون لصالح فرق أوروبية، يختلفون تماما عن السياح العاديين.
أي أن المشجعين يفضلون اللجوء إلى خدمات تطبيقات معينة، بدل اللجوء التقليدي إلى الفنادق.
والأمر لا يتوقف عند السياح فقط، الشباب المغربي اليوم يتعاطى لتطبيقات الخدمات في كل المجالات، بينما القطاعات الإدارية الرسمية لا تواكب هذا التغير.
نتحدث عن أرباح بملايين الدراهم سنويا، تحققها شركات أجنبية تستثمر في قطاع التطبيقات الذكية.. بما فيها تطبيقات النقل التي تعوض فوضى قطاع سيارات الأجرة في المدن المغربية.
يحتج الناس لأن مهنيي سيارات الأجرة يرفضون نقلهم إلى وجهات معينة، انطلاقا من محطات القطار والمحطات الطرقية الكبرى.. وأرباب سيارات الأجرة، يشتكون من ثقل المصاريف التي يُفرض عليهم أداؤها للحصول على تراخيص النقل العمومي، بما في ذلك تكلفة المأذونيات وكثرة الوسطاء، وقانون شركات التأمين الذي يفرض رسوما إضافية عن تأمين السيارات العادية ذات الاستعمال السياحي العادي.
وفي الأخير، تأتي خدمة تطبيقات النقل الذكي، لتتجاوز قطاع سيارات الأجرة بمشاكله ونقاباته وتمثيلياته، وتعرض على المواطن خدمة النقل بميزات إضافية، برفقة سائق لا يحتاج إلى «رخصة الثقة» المفروضة على سائقي سيارات الأجرة.
كان تفادي كل هذه الفوضى ممكنا، لو تم إدماج سائقي سيارات الأجرة، الحاصلين على «رخصة الثقة»، في منظومة النقل الذكي. وكنا سوف نربح سنوات من النقاش العقيم حول أحقية تمثيليات المهنيين، وحاجة الناس إلى التطبيق الذكي لمواكبة هذا النوع من الخدمات حول العالم.
ما وقع أشبه بعملية جراحية لمحاولة زرع يد جديدة.. لكن مكان الأذن. لو أن المسؤولين الذين أتاحوا لهذا التطبيق، وغيره، إمكانية العمل والاستثمار في المغرب، اقترحوا أن يتم اعتماد السائقين الحاصلين على «رخصة الثقة»، لما تبع «الشوافرية» الغاضبون سائقي «أوبر» بالعصي والهراوات.. ولما غادر صاحب التطبيق من الباب، أو النافذة، لكي يعود الآن.




