
النعمان اليعلاوي
شهدت سلا، من جديد، فيضانات فضحت هشاشة البنيات التحتية والأعطاب المزمنة في تدبير شبكات التطهير والتعمير، ورغم أن المدينة استفادت من برامج تأهيل كبرى، لكنها لا تزال عاجزة عن استيعاب كميات متوسطة من مياه الأمطار.
فمع عودة التساقطات المطرية، خلال اليومين الماضيين، سجلت مستويات مياه الأمطار المتجمعة ارتفاعا مقلقا في عدد من الأحياء، حيث تجاوز منسوب المياه مترا واحدا في بعض المناطق، ما حول الشوارع إلى برك مائية، وشل حركة السير وألحق أضرارا مادية جسيمة بممتلكات السكان. وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا توثق حجم الخسائر، في مشهد أعاد إلى الواجهة أسئلة محرجة حول نجاعة التخطيط الحضري وجدية الاستعدادات الموسمية.
وفي حي سعيد حجي، غمرت مياه الأمطار المرائب التحت أرضية لعدد من العمارات السكنية، متسببة في إتلاف عشرات السيارات، وسط شكاوى السكان من غياب أي تدخل استباقي لتصريف المياه أو فتح قنوات الصرف قبل تفاقم الوضع. فيما سجلت حالات اختناق واسعة لقنوات التطهير السائل، أدت إلى عودة مياه الصرف الصحي إلى عدد من المنازل الأرضية، في وضع وصفه متضررون بـ«الكارثي» صحيا وبيئيا.
ولم تتوقف التداعيات عند الأحياء السكنية، إذ تسببت السيول في غلق الطريق الساحلي بحي سيدي موسى، ما أربك حركة التنقل وأثار مخاوف مستعملي الطريق، في وقت كان يفترض اتخاذ تدابير وقائية، خاصة مع صدور نشرات إنذارية مسبقة.
وتضررت مجموعة من المحلات التجارية بحي بطانة، بعدما غمرتها المياه وأتلفت سلعها، مخلفة خسائر مالية مباشرة لأصحابها.
هذه الوضعية وضعت عمدة سلا عمر السنتيسي، المنتمي لحزب الاستقلال، وأغلبيته المسيرة، في مرمى انتقادات حادة، تتهم المجلس بالعجز عن الانتقال من منطق التدبير الظرفي إلى منطق التخطيط الاستباقي، وبالتغاضي عن اختلالات تراكمت بفعل فوضى التعمير، وضعف مراقبة التجزئات السكنية وهيمنة منطق الربح العقاري على حساب احترام المعايير التقنية.
وتعيد هذه الأحداث طرح سؤال المسؤولية السياسية والمؤسساتية، فبينما تتجه أصابع الاتهام إلى شركة التدبير المفوض لقطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل «ريضال»، نفت مصادر من الشركة المسؤولية عنها، موضحة أن «فرق التدخل التابعة للشركة كانت قد نفذت العديد من التدخلات التي همت تسليك قنوات الصرف الصحي كما تم إبلاغ الساكنة في الأحياء القريبة من الساحل بضرورة عدم وضع سياراتهم داخل المرائب الأرضية وذلك تفاعلا مع نشرات إنذارية سابقة لمديرية الأرصاد الجوية» تشير المصادر.




