الرئيسيةالملف السياسي

هكذا زرعت منيب الفتنة داخل صفوف اليسار بالمغرب

هل سيتحقق حلم الوحدة قبل انتخابات 2021؟

إعداد: محمد اليوبي ـ النعمان اليعلاوي
ما زال حلم الوحدة والاندماج يراود قادة أحزاب اليسار المغربي، منذ أن تعرضت لـ«نكبة» التشتيت والانشقاقات، وهناك مشروع لإدماج ثلاثة أحزاب منضوية تحت لواء فيدرالية اليسار، لكن هذا المشروع بدوره يواجه صعوبات وعراقيل في بداية الطريق، بسبب الرغبة في كرسي الزعامة، وفي هذا الصدد توجه اتهامات إلى نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، من طرف رفاقها، بزرع «الفتنة» داخل الفيدرالية، لتأجيل مؤتمر الاندماج إلى ما بعد الانتخابات المقبلة، في حين يصر أعضاء حزبها وباقي قادة الأحزاب المشكلة للفيدرالية على عقد مؤتمر الاندماج، قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

نبيلة منيب تزرع «الفتنة» داخل فيدرالية اليسار
ما زالت أحزاب اليسار بالمغرب تحلم بتحقيق الوحدة لبناء حزب يساري موحد، لكن يبدو أن هذا المشروع ما زال يراوح مكانه بسبب الاختلافات التي تنخر جسد هذه الأحزاب، وتشبث قادتها بكرسي الزعامة. وشهد اجتماع الهيئة التقريرية لفيدرالية اليسار الديمقراطي، المنعقد في الدار البيضاء، نقاشا ساخنا بشأن التحضير لعملية الاندماج بين الأحزاب الثلاثة المكونة للفيدرالية، وهي الحزب الاشتراكي الموحد، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، حيث تراهن الفيدرالية على عقد مؤتمر اندماجي، قبل حلول موعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

مناورات قبل الاندماج
حسب مصادر من أحد أحزاب الفيدرالية، فإن معظم مناضلي اليسار يعون جيدا بأن دخول الانتخابات دون اندماج سيكبدهم خسائر فادحة، نتيجة تعنت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، حيث انتفض نجيب أقصبي، الخبير الاقتصادي، غاضبا في إحدى الندوات وهو يلح على ضرورة الاندماج قائلا: «إننا وعدنا مناضلينا والمتعاطفين معنا خلال الانتخابات السابقة بأننا سنندمج قبل استحقاقات 2021، لهذا علينا الوفاء بالتزاماتنا قبل هذا التاريخ».
وأفادت المصادر بأن منيب لا تدخر جهدا لعرقلة كل المبادرات الرامية إلى تسريع عملية الاندماج بين الأحزاب الثلاثة وبناء الحزب الاشتراكي الكبير، وآخر مناوراتها يقول مصدر حزبي، هي استصدار قرار من المجلس الوطني لحزبها من أجل تأجيل الاندماج إلى ما بعد الانتخابات، الأمر الذي سيكون من الصعب تنفيذه بحكم مخلفات وتداعيات الانتخابات من مشاكل وصراعات.
وأكد المصدر ذاته أن الغاية من كل هذه المناورات هي الحصول على الأمانة العامة للحزب الجديد، مشيرا إلى أن لا أحد من هذين الحزبين طرح موضوع الأمانة العامة، بل تركاه لتطورات عملية الاندماج وعدم مصادرة رأي القواعد في الأحزاب الثلاثة بخصوص هذا الموضوع، وأضاف: «مشكلة أحزاب الفيدرالية مع منيب هي أنانيتها وتسرعها في اتخاذ بعض المواقف دون استشارة حليفيها، فقد تسببت خلال الاستحقاقات التشريعية السابقة في خسارة الآلاف من الأصوات، بسبب تصريحاتها حول بعض المسائل الدينية، كما أنها تنفرد ببعض القرارات والمواقف دون استشارة باقي المكونات، حسب ميثاق الفيدرالية».
ومن بين زلات منيب كذلك يضيف المصدر نفسه، تهجمها على المنظمات الشبيبية لفيدرالية اليسار، حين بادرت الأخيرة إلى هيكلة الهيئة التنفيذية الخاصة واختارت الشاب عبد العاطي اربيعة (الكاتب الوطني للشبيبة الطليعية) منسقا لها، حيث صرحت في لقاء جماهيري بأن الشبيبات اليسارية اخطأت الطريق واختارت شخصا عمره 45 سنة منسقا لها، الأمر الذي سيثير زوبعة داخل أوساط الفيدرالية، حيث واجهها الشاب عبد العاطي اربيعة داخل اجتماع الهيئة التنفيذية ببطاقة تعريفه الوطنية، حيث لا يتجاوز عمره 36 سنة. وكشف المصدر ذاته أن خلفية هذا الهجوم تكمن في عدم قدرتها على فرض هيمنتها على حركة الشبيبة الديمقراطية التابعة للحزب الاشتراكي الموحد، حيث تلقى أنصارها هزيمة قاسية من طرف تيار مجاهد. وفي السياق نفسه، تعمل منيب جاهدة من أجل محاكمة هؤلاء الشباب وعلى رأسهم زينب إحسان، الكاتبة الوطنية، وذلك خلال المجلس الوطني المقبل، حيث دفعت بأنصارها إلى توقيع عريضة بهذا الخصوص، تحت ذريعة توجيههم رفقة بعض الشباب اليساري من الأحزاب الحليفة لرسالة إلى محمد الساسي، يطالبونه من خلالها باتخاذ مبادرة من أجل تسريع عملية الاندماج.

معارك خاسرة
حسب المصادر ذاتها، فإن منيب وبعدما تأكدت من ضعف موقفها داخل الحزب والفيدرالية بشأن موضوع وتاريخ الاندماج، وكذا مع اقتراب موعد المؤتمر الوطني لحزبها المقرر عقده في يناير المقبل، والذي لن يسمح لها حسب القانون الداخلي بولاية ثالثة، «بدأت تخبط خبط عشواء هنا وهناك لافتعال المشاكل والخصومات، سواء مع أعضاء حزبها من قبيل عمر بلافريج، زينب إحسان، محمد مجاهد وكريم التازي وغيرهم، أو مع الأمينين العامين لحزبي المؤتمر الوطني الاتحادي، والطليعة الديمقراطي الاشتراكي».
وما يعاب على منيب من طرف أعضاء حزبها وأعضاء مكونات الفيدرالية، هو إدلاؤها بتصريحات مثيرة وغير مضبوطة بهدف خلق «البوز» الإعلامي فقط، وبذلك تجر اليسار إلى معارك خاسرة، تكون موضوع تهكم وسخرية بمواقع التواصل الاجتماعي، كما حدث أخيرا عندما أدلت بمعطيات غير مضبوطة حول النائبة البرلمانية، وئام المحرشي، ابنة العربي المحرشي، القيادي بحزب الأصالة والمعاصرة. كما تواجه منيب اتهامات من طرف قواعد حزبها بمحاربة بعض رموز الحزب، وبمثل هذه التصرفات ساهمت في ابتعاد عدد من الأسماء اليسارية عن المسؤولية مثل المهدي لحلو، محمد الساسي، كريم التازي، نجيب أقصبي، محمد مجاهد، وعمر بلافريج الذي قدم استقالته من المكتب السياسي.

عبد العالي اكميرة- نائب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد سابقا
غادرنا الحزب الاشتراكي الموحد بعدما تحول إلى فضاء مغلق غير منفتح على المجتمع

1 غادرت الحزب الاشتراكي الموحد رفقة عدد من القيادات الشابة، هل يمكن أن تكشف لنا عن أسباب ذلك، ومن خلاله أسباب النزيف المستمر الذي تعرفه أحزاب اليسار؟
بداية، يجب التذكير بأن ما أعبر عنه هو نابع من قناعتي اليسارية بأن اليسار لا زال مطلبا ملحا، وهو، في اعتقادي المتواضع، التيار الوحيد القادر على تقديم أجوبة من أجل إخراج البشرية من الأزمة التي تعيشها سواء على مستوى مطالبها العادلة والمشروعة، وكذا ضمان استمرارها على هذه الأرض التي تتعرض اليوم إلى نزيف حاد.

على المستوى التنظيمي، أنا أتواجد اليوم خارج هياكل الحزب الاشتراكي الموحد، ولم تعد تربطني به أية علاقة، اللهم علاقتي بمجموعة من المناضلات والمناضلين الذين أكن لهم كل التقدير والاحترام. لقد غادرت الحزب بمعية مجموعة من الرفيقات والرفاق، كما غادره من قبل العديد من المناضلات والمناضلين، وسيغادره، لا محالة، آخرون. الشيء الذي سيؤثر، بدون شك، على مستقبل الحزب.

إن خروجي من هذا الحزب له ما يبرره، فحين تتحول المؤسسة الحزبية إلى فضاء لا يضمن الحق في الاختلاف، وقيادته لا تجيد تدبير الاختلافات والخلافات الداخلية، والاستفادة من غنى تجارب كل المناضلين، يتحول الحزب بالضرورة إلى فضاء مغلق وغير منفتح على المجتمع، وعلى مناضليه، وهذا ما يساعد، في اعتقادي المتواضع، على تهديد موقعه داخل المشهد السياسي، ويقلص من الدور الذي ينبغي أن يقوم به. وللإشارة، فإن تاريخ اليسار العالمي كما المغربي، هو تاريخ حافل بالتضحيات والاستشهاد، ولكن في نفس الوقت، هو تاريخ عرف العديد من الصراعات والانقسامات. وعلى هذا الأساس، لا يمكن اعتبار أن هذه العملية تخص اليسار المغربي فحسب وإنما هي ظاهرة تهم التجارب اليسارية.

2 هل هذا يعني أن مغادرتك للحزب كانت لأسباب تنظيمية، وغياب الديمقراطية الداخلية لتدبير الاختلاف؟
إن مغادرتي للحزب بمعية مجموعة من الرفيقات والرفاق، هو بالأساس راجع إلى اختلاف فكري، وكذا اختلاف في تقدير المرحلة السياسية، حيث كان النقاش آنذاك، منصبا حول فيدرالية اليسار الديمقراطي، والشروط العملية لإنضاجها في أفق تحقيق الاندماج، الشيء الذي كان مستساغا لدى الجميع، ولم يكن هناك من يرفضه. إلا أن من بين النقط التي كانت تشكل الخلاف، هو موضوع المركزية النقابية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (ك.د.ش)، حيث كنا نطرح أنه لا يمكن تصور الاندماج خارج وضع النقابة في المعادلة، مع طرح العديد من الأسئلة المتعلقة بسبل ضمان ديمقراطيتها، وجعلها فضاء يتسع لكل الفاعلين، ويضمن المشاركة والإشراك في الممارسة والتسيير والتدبير والمهام والمسؤوليات، وجعلها في تناغم تام مع الرؤية اليسارية للفعل النقابي، الشيء الذي كان يقابل بالرفض من طرف العديد من المناضلين، علما أن أغلبهم لا تربطه بالعمل النقابي أية صلة، وبالتالي كانت بينهم وبين العمل النقابي مسافة شاسعة، ناهيك عن عدم إحساسهم بالإكراه الممارس ضد هؤلاء المناضلات والمناضلين من طرف البيروقراطية النقابية.

أضف إلى ذلك نقطا أخرى كثيرة ومتعددة، فموازاة مع عملية إنضاج الشروط للفيدرالية وجعلها عملا قاعديا لا قياديا، منفتحا على الجميع، وعلى الفروع، وعلى الجهات، تنصت للمناضلين باختلاف مواقعهم ومواقفهم، جاعلة من مشروع الاندماج قناعة وتراكما للعلاقات الإنسانية والنضالية لمناضلات ومناضلي الأحزاب الثلاثة، الشيء الذي، مع الأسف، لم يتم تدشينه وسوف لن يتم، وهذه قناعتي الشخصية..، كل هذه الأسباب ساهمت في تعطيل هذا المسلسل، وعلى اعتبار أن المجتمع، في تلك المرحلة وما زال، كان يعيش نوعا من التقاطب، ومنقسم على جبهتين: جبهة المحافظين التي كانت تخترق كل المجتمع عموديا بما فيه الأحزاب الديمقراطية، الشيء الذي كان يستدعي معه تشكيل جبهة ديمقراطية حداثية موسعة، تطرح من بين مهامها مواجهة هذا المنحى المحافظ بالنضال، وعلى كل المستويات من أجل المساهمة في تحديث المجتمع وتحقيق الديمقراطية، الشيء الذي تمت مواجهته بحدة إلى درجة التخوين، على اعتبار أن طرح هاته الجبهة كان طرحا مخزنيا، بالإضافة إلى أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الأصالة والمعاصرة طالبا به آنذاك. كل هذا دفعنا، تحت وطأة الحرب الممارسة ضدنا من طرف الحزب والنقابة على حد سواء، إلى اختيار فضاء آخر، يتمحور فيه الوعي بالصراع مع العدو الرئيسي والطبقي لا مع المناضلين الديمقراطيين. لهذه الأسباب، اختارت المناضلات والمناضلون تجميد عضويتهم داخل الحزب، وتقديم استقالاتهم الجماعية من النقابة، وتأسيس تجربة نقابية جديدة تحمل اسم الكونفدرالية العامة للشغل CGT، مع البقاء في فضاءات الاحتجاج.

وأبان الواقع أن هؤلاء المناضلين لا زالوا يساريين، ويتواجدون في كل فضاءات الاحتجاج والفعل، وأنهم لم يلتحقوا يوما ما بحزب الأصالة والمعاصرة، كما كان يحلو للبعض أن يستعمل هذا التوظيف، وذلك من أجل إقصاء وجهة النظر هذه، الشيء الذي يستدعي القيام بنقد ذاتي من الطرف الآخر إنصافا لتاريخ هؤلاء المناضلين.

3 في نظرك أين تتجلى أزمة اليسار بالمغرب؟
إن أزمة اليسار لا تنطبق على المغرب فحسب، فهي أزمة مشتركة بين كل الأحزاب اليسارية، وتاريخ اليسار حافل بالنضال والتضحيات والاستشهاد، وفي نفس الوقت، تاريخ يشهد على حصول صراعات وانشقاقات، وهذه، مع الأسف، هي حركية وجدلية الفعل السياسي، لكن المهم، فوق كل هذا وذاك، أن أزمة اليسار بشكل عام، وفي اعتقادي المتواضع، هي عجزه عن تقديم أجوبة للمواطنين بخصوص قضاياهم اليومية، ما يصعب عليه عملية البروز كممارسة وكقيم، أخذا بعين الاعتبار، لخصوصية مجتمعهم، ومنصتين لمطالبه، ومنسجمين ومنصهرين مع هموم الجماهير، بترجمة شعاراته ضمن برامج صغيرة تتكامل حلقاتها من أجل تحقيق التغيير. فاليوم، اليسار مطالب، أكثر من أي وقت مضى، بتجديد خطابه وممارسته، ونبذ خلافاته وصراعاته، وتحديد أولوياته. أعتقد أن أزمة اليسار نابعة من عدم تمكنه من قراءة علمية للمجتمع، ما يفرض عليه أن يعيش على هامش المشهد السياسي، كنتيجة حتمية بحيث ينشغل بالاهتمام بمحيطه الضيق، وإبراز زعامات الشيء الذي يفضي إلى بروز هذا التدافع الضيق بين مناضليه، لقد حاولنا جاهدين، في محطة ما من تاريخ هذا الحزب، المساهمة في خلق التيارات، لكن أبان الواقع أن عملية القبول بالتيارات كانت سطحية، وليست بالعمق المطلوب.

4 هناك مشروع لتوحيد مكونات فدرالية اليسار، لكنه يواجه صعوبات، في ظل الانتقادات الموجهة لتصرفات نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، بعرقلة عملية الاندماج، ما رأيك؟
إن فيدرالية اليسار الديمقراطي، وإن كانت مطلبا ملحا وآنيا، فهي تجربة تتطلب الكثير من النضج لإنجاحها، وضرورة تظافر الجهود من طرف الجميع، كما أن الإيمان بالمشروع يستوجب بالضرورة التخلي عن الذوات وعن الاصطفافات القديمة، وانصهار الجميع في تجربة واحدة، الشيء الذي تنعدم ملامسته على أرض الواقع، وبصيغة أخرى وبالوضوح الواجب في مثل هذه المواقف، يجب القبول بالآخر، يجب القبول بالاختلاف، وضرورة التأسيس له قاعديا وعلى مستوى القيادة بالدرجة الأولى، كما يجب على القرار أن يكون نابعا من الفروع والجهات، عبر المناضلات والمناضلين المتواجدين في جبهة الفعل النقابي والمجتمعي، وفي الاحتجاجات والنضالات، اللاصقين بالواقع وبأشكال الممارسة النضالية.

لذلك، يتوجب على الأحزاب الثلاثة أن تحقق الانسجام الداخلي أولا، حتى يتسنى لها أن تكون في مستوى اللحظة، كما يجب الإقرار بأن جيلا قد عمر طويلا، حاملا سجلا مليئا بالصراعات وتاريخا شاهدا على الإقصاء والإقصاء المتبادل. ومن هذا المنطلق، يجب أن تترك الفرصة للشباب لخوض تجربتهم، بعيدا عن مآسي وجراحات الماضي. لذا، فإن ما يقع اليوم داخل الحزب الاشتراكي الموحد كمتتبع لما يقع، لا يشجع على هذه العملية، بل سيشكل عائقا أمام إنجاح الفيدرالية. اليوم، جزء من الرأي العام لا يفهم ما يجري داخل هذا الحزب، لأنه بكل بساطة لم يعد الحزب الذي يعكس العمل الجماعي والقناعة المشتركة، والخرجات الإعلامية غير المحسوبة لبعض قيادييه، وعلى رأسهم الأمينة العامة للحزب، تعطي انطباعا معكوسا للفعل السياسي كفعل للتغيير، وتقلص حظوظ الحزب في التطور داخل المشهد السياسي المتميز بهيمنة المخزن، ما يتطلب قيادة جديدة تمتلك الحنكة في إدارة الصراع، وتحديد الأولويات على أرضية تصنيف الأعداء بين الرئيسي والثانوي، والقدرة على ترميم البيت الداخلي من أجل إنجاح مشروع الفيدرالية.

عبد السلام العزيز : «المشروع الاندماجي مازال قائما لكن هناك تفاوتات في التقدير»
يرى عبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، أن «اندماج أحزاب اليسار الثلاثة، كان قرارا جماعيا لمؤتمراتها الوطنية، غير أن تفعيل هذا القرار يشهد تعثرا عن موعده المحدد»، مضيفا أن مرد هذا التعثر إلى «بعض المقاومات التي تظهر من حين لآخر وبعض الاعتبارات المختلفة»، مبرزا أن «المغرب في حاجة إلى يسار قوي، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتأتى إلا عبر التكتل في حزب واحد يضم كل الديمقراطيين واليساريين في المغرب، لمواجهة التنظيمات اليمينية والإسلاموية، وهذا كله يصب في فكرة أساسية هي إعادة بناء حركة اليسار، وهي الفكرة التي لم تمت بل يتم الاشتغال عليها «، حسب العزيز، الذي أضاف أن «الاشتغال داخل فيدرالية اليسار، متواصل، لتحقيق أهداف الاندماج المرجو، وقد تم تشكيل لجان لهذا الغرض»، مضيفا أن «مشروع الاندماج ليس سهلا وهناك صعوبات موضوعية وأخرى ذاتية».
وشدد العزيز على أن «المشروع الاندماجي مازال قائما، وإن كان هناك تفاوتات في التقدير بخصوص الوقت والكيفية، والعديد من التساؤلات التي مازالت تطرح»، معتبرا أنه «لا يمكن الحديث عن سيناريوهات أخرى، غير المعبر عنه في ضرورة التوجه بخطى حثيثة نحو الاندماج للأحزاب الثلاثة»، مبرزا أنه «في حال ما تعذر هذا الأمر، وظهر بالملموس أن هناك إرادات مختلفة، وهذا وارد، على اعتبار أن اندماج ثلاثة أحزاب هو تعبير عن إرادات، فحينها يكون علينا لزامنا معالجة الموضوع»، يشير المتحدث، مؤكدا أنه «لا يمكن الحديث عن الأفق الزمني وإذا ما كان يجب أن يكون هذا الاندماج قبل الانتخابات القادمة أو بعدها، وإن كنا في المؤتمر الاتحادي نعتبر أن الاندماج سيكون صعبا بعد الانتخابات» يردف المتحدث، مضيفا أنه «في حال ما عقدت الأحزاب المشكلة للفيدرالية مؤتمراتها الوطنية قبل الاندماج، فإنه سيكون من الصعب التنبؤ ما قد تذهب إليه قرارات تلك المؤتمرات».
واعتبر العزيز أنه «كان من المفروض أن يتم الاشتغال بشكل فعلي على منحى الاندماج بعد المؤتمرات الأخيرة للأحزاب الثلاث المشكلة للفيدرالية، على اعتبار أن تلك المؤتمرات منحت الضوء الأخضر من أجل مباشرة هذا الموضوع»، مبرزا أن «الأغلبية الساحقة داخل الأحزاب الثلاثة تنادي بضرورة المضي قدما نحو الاندماج»، وإن كان حسب العزيز « القليل من ليست لديهم هذه القناعة ربما لاعتبارات شخصية»، يضيف المتحدث، مشددا على أنه «يمكن العمل في أفق معقولة للاندماج، غير أنه مازال بعض الالتباس في المواقف، وهو ما يجب الحسم فيه خلال اجتماع الهيئة التقريرية المقبل»، مؤكدا أن «ما تم الاتفاق حوله هو أن يكون المؤتمر المقبل لهذه الأحزاب الثلاثة هو المؤتمر الاندماجي، وبالتالي وجب الوفاء بهذا الإلزام».
وبين العزيز أنه «لا يمكن الحديث عن تاريخ محدد لهذا الاندماج لكن يجب أن يكون قبل المؤتمرات القادمة للأحزاب»، غير أنه «في حقل السياسة ليس هناك كل شيء ثابت، وأن «كل مكون من الأحزاب الثلاثة له توجهاته ويدبر قضاياه بحرية، غير أن ما تم الاتفاق عليه هو أن يتم الاندماج»، مؤكدا أنه «يكن أن تتجاوز الأحزاب الثلاثة مرحلة الانتخابات بالشكل الحالي وإن كانت ستشكل صعوبات، في ما قبل الانتخابات وما بعدها، كما يمكن أن تصل محطة الانتخابات والأحزاب الثلاثة قد اندمجت بشكل فعلي، وهذا ما نرجوه»، يقول المتحدث، مشددا على أن «الدينامية التي سنشتغل بها في هذه الفترة هي التي ستحدد أفق المشروع الاندماجي وإمكانية تحقيقه».
*الأمين العام لحزب المؤتمر الاتحادي

أقصبي: اليسار يعيش النكبة ويجب توحيد أحزاب فدرالية اليسار قبل الانتخابات
قال نجيب أقصبي، الخبير الاقتصادي والقيادي اليساري، إن اليسار المغربي يعيش النكبة منذ سنة 1998، عندما اندمج يسار الثمانينات والتسعينات مع «المخزن» بدون شروط، وانخرط في تطبيق برامج الدولة ومخططات المؤسسات المالية الدولية، فمنذ ذلك الوقت بدأ اليسار في الانهيار. وأضاف أقصبي: «قلت حينها إن إعادة بناء اليسار ستتطلب حوالي 15 سنة، والآن نحن في سنة 2020، وبعد مرور أزيد من 20 سنة، مع الآسف، مازال اليسار يراوح مكانه، ولا يمكن أن نرتاح لهذا الوضع المأزوم».
وتحدث أقصبي عن أشياء يعتبرها مهمة تمت مراكمتها خلال هذه الفترة، من قبيل تجميع جزء من اليسار سنة 2006 في الحزب الاشتراكي الموحد، ثم تجميع قوى يسارية أخرى ضمن فدرالية اليسار، التي تضم الحزب الاشتراكي الموحد، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي. واعتبر أقصبي هاتين الخطوتين مهمتين في إعادة بناء اليسار، مشيرا إلى مهمة أن خطوة توحيد الأحزاب اليسارية داخل الفدرالية، التي بدأت منذ خمس سنوات، مجرد مرحلة وليست النهاية، لأن الجميع يقر بأن المرحلة النهائية هي الاندماج بين هذه الأحزاب لبناء حزب يساري موحد وقوي.
وبخصوص الطرح الذي تدافع عنه نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، بتأجيل الاندماج والوحدة بين أحزاب الفدرالية إلى ما بعد الانتخابات المقبلة، قال أقصبي: «في المؤتمر الأخير، قلنا يجب الاندماج، وهناك وثائق مكتوبة تؤكد ذلك»، وأضاف: «قدمنا الكلمة للمناضلين يجب الالتزام والوفاء بها».
وأقر أقصبي بوجود مشاكل داخل أحزاب الفدرالية، لأن هناك من يطالب بمزيد من تعميق النقاش قبل الاندماج، وهناك من يقول بتأجيل النقاش حول الاندماج إلى ما بعد الانتخابات. وأردف المتحدث قائلا: «نحن الآن في مرحلة الدوران في الفراغ، وهذا لا يفيد في شيء، لأن الصعوبات تحل في الحركة وليس في السكون، وإذا بقينا على هذا الحال سيخرج اليسار خاوي الوفاض، «لا ديدي لا حب الملوك»، كما يقول المثل الشعبي، ونحن سنخرج لا انتخابات لا اندماج»، مؤكدا على أهمية الوحدة التي يجب أن تكون فوق كل اعتبار، على حد قوله، مضيفا بصريح العبارة «باراكا من الهضرة الخاوية، وعلينا العمل بتسريع عقد مؤتمر اندماجي لأحزاب فدرالية اليسار».
ودعا أقصبي إلى ضرورة احترام الموقف الذي عبر عنه المناضلون بعقد المؤتمر الاندماجي، مقترحا ترتيب الأولويات الاستراتيجية، ومؤكدا أن الأولوية بالنسبة له في الوقت الراهن هي توحيد الأحزاب اليسارية، واعتبر هذه المهمة أهم من الانتخابات، وهذا لا يعني بالنسبة له عدم المشاركة فيها، لكن يعتبر، في نفس الوقت، أنه ليس مبررا لتوقيف عجلة الوحدة.

أربعة أسئلة لعلي بوطوالة الأمين العام لحزب الطليعة الديمقراطي : «مشروع الاندماج قد تعثر والتيارات تعتبر مشكلا كبيرا بالنسبة إلينا»
أين وصل مشروع الاندماج داخل فيدرالية اليسار ؟
إن اندماج اليسار، هو مشروع، بل أكثر منه برنامج، وقد بدأنا في عمليات التحضير للاندماج منذ مدة، غير أنه وبطبيعة الحال نواجه صعوبات، وهي الصعوبات الموضوعية المرتبطة بالبلاد برمته، وصعوبات ذاتية مرتبطة بمنهجية تنزيل هذا الاندماج، غير أنه ومع الأسف، قد أدى تزامن هذه الصعوبات الذاتية والموضوعية في تأخير إنجاز المشروع في الآجال التي كان مقررا أن يتم فيها، لكن مع ذلك، المشروع مازال قائما والتحضير له مازال مستمرا، وإن تعثر، غير أنه سينجز في جميع الأحوال.

ما هي الأسباب التي أدت إلى تأخر مشروع الاندماج؟
إن الاندماج كما يوحي به الاسم، هو اتفاق واقتناع بمرجعية إديولوجية ونظرية موحدة، وكذلك على خط سياسي، وهذا موجود بين مكونات الفيدرالية، إذ أن هناك سقف الملكية البرلمانية، الذي صادقت عليه المكونات الثلاثة، وهناك أيضا الشق التنظيمي، والذي كما هو معروف، الوسيط بين النظرية والممارسة، ومن دون تنظيم، يستحيل نقل الأفكار والتصورات والمشارع، وتطبيقها على أرض الواقع، وبالتحديد في هذا المجال. فهناك صعوبات على أساس أن لكل تنظيم أدبياته المرجعية، خاصة بعض المبادئ الأساسية، إذ أنه في حزب الطليعة هناك مبدأ المركزية الديموقراطية، المعروف تاريخيا، لأسباب كان قد فرضها النضال في سرية أو شبه سرية، والقمع الذي كان مسلطا على اليسار، وأيضا لسهولة هذا المبدأ، الذي يعني ديمقراطية القرار، ومركزية التنفيذ، فيما هناك من يتبنى الديمقراطية الداخلية، وغير منصوص لديه على المركزية لعدة عوامل تاريخية مرتبطة بانهيار المعسكر الاشتراكي، والنقد الذاتي الذي مارسته الأحزاب اليسارية، وإعادتها النظر في بعض المبادئ على رأسها الديمقراطية المركزية.
إن التجربة التي تشكل لنا في الحقيقة تحديا في مشروع الاندماج، هي تجربة حزب الاشتراكي الموحد، الذي يتبنى العمل بالتيارات، وهي التي تحولت الآن إلى ما يمكن اعتباره تنظيما داخل تنظيم، وإن كان فعلا الأمر يتعلق بتصورين للتيارات، بين الذي يعتبرها تكتلا فكريا تصوريا، أو التصور الثاني وهو الأصعب، وهو تصور التيارات على أساس تنظيمي، والعمل بالتيارات على المستوى التنظيمي، أصبح عائقا في تنفيذ تصورات الحزب، لأنه وعلى الرغم من أن اتخاذ القرارات يكون داخل المؤتمرات وبصفة وطنية، إلا أن هذه التيارات تخرج بمواقف غير المتفق بشأنها وتعبر عن نفسها أمام الرأي العام، بل تعتبر نفسها وكأنها أحزاب قائمة الذات، وهذا بالنسبة لنا في حزب الطليعة، يشكل صعوبة كبرى، لأنه في اعتقادنا لا يمكن التوفيق بين اندماج ناجح وبين العمل بالتيارات.

هل مرحلة الانتخابات التشريعية المقبلة كفيلة بتسريع عملية الاندماج لأحزاب اليسار الثلاثة ؟
لقد كان أملنا أن نصل إلى الانتخابات ونكون قد حققنا الاندماج، لأنه سيطوي العديد من الملفات، من قبيل المتعلقة باختيار اللوائح الخاصة بالمرشحين، سواء بالنسبة للانتخابات المحلية أو حتى الوطنية، وقد واجهنا صعوبة في الانتخابات الماضية في انتقاء المرشحين، لأن كل حزب في نهاية المطاف يتشبث بمرشحه، ويتم حيال هذا الأمر تغليب المقاييس الذاتية عن المقاييس الموضوعية، لذلك وكما أشرت فقد كان أملنا الوصول للاندماج قبل الانتخابات، لأنه سيذلل الكثير من العقبات، من قبيل إدارة الحملة الانتخابية أو اختيار المرشحين، أو المشاركة بفريق واحد. وبطبيعة الحال، فإن هذا لم يحدث، أو ربما تأخر، لكن يمكن القول إننا ماضون في الخطوات الفعلية، فالاجتماع الماضي للهيئة التقريرية، تقدمنا فيها كثيرا وقد تم تشكيل أربع لجان من أجل تحضير مشروع الاندماج، وهي لجنة المرجعية، ولجنة الخط السياسي، ولجنة التواصل، ولجنة التنظيم والعمل النقابي، وكل هذه اللجان الأربع مازالت تشتغل، لكن أوضاع هذه الجائحة وما رافقها قد أثرت على عمل اللجان، لأنه قد توقف عملها لمدة، وقد كان من المفروض أن تكون هذه اللجان قد أنهت أشغالها، ونكون مقبلين على المصادقة عليها أمام الهيئة التقريرية، غير أنه اعتقد أن الأمر الآن سيمتد إلى نهاية السنة، ونتمنى أن تساعد الظروف على استكمال اللجان لأعمالها، وأن تناقش تلك اللجان جميع التقارير التي سيتم المصادقة عليها أمام الهيئة التقريرية، ثم المرور إلى الخطوات العملية.
ماذا بخصوص إمكانية انضمام أحزاب اليسار الأخرى ؟
إننا نعتبر أن مشروع اندماج اليسار مازال في بدايته، وكما نعتبر أن فيدرالية اليسار هي النواة الصلبة لهذا الاندماج، ويمكن أن تنظم باقي الأحزاب اليسارية، وهنا يمكن الحديث عن الطرف الرابع، وهو المقصود به الأحزاب التي تعمل في نفس محيط الأحزاب الثلاثة المشكلة للفيدرالية، كما أن هناك مجموعات سياسية فتحت معنا النقاش وتنتظر فقط انطلاق العمل الاندماجي لتلتحق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى