مع دخول فصل الشتاء يتغير مزاج الشخص، بحيث يميل إلى الحزن والكآبة والانعزال، بسبب سوء حالة الطقس، وقلة التعرض لأشعة الشمس الدافئة التي تعزز المزاج الجيد. سوف نتطرق في عدد هذا الأسبوع من «دليل الصحة النفسية» لموضوع الاكتئاب الموسمي أو اكتئاب الشتاء ونصائح من الخبراء للتخلص منه في أيام الشتاء الباردة.
إعداد: أميمة سليم
+++++++++++
الاكتئاب الموسمي.. اضطراب أم حالة نفسية؟
مع دخول فصل الخريف وبداية الطقس البارد تظهر علامات الاكتئاب على كثيرين باختلاف أعمارهم، فيما يعرف باسم «متلازمة اكتئاب الشتاء».
المتلازمة التي يعاني منها ملايين تعرف أيضا باسم «الاضطراب العاطفي الموسمي»، وهو شكل من أشكال الاكتئاب يأتي ويختفي مع الفصول.
يعرف الاضطراب العاطفي الموسمي بأنه اكتئاب يحدث للشخص في وقت محدد من العام، إذ يصاب بهذه الحالة في الخريف أو الشتاء عندما تكون الأيام أقصر ويصبح الظلام مبكراً.
بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الاضطراب، فإن حلول الشتاء يجلب معه ما هو أكثر من الرياح القوية والأمطار والثلوج، إنه يثير مشاعر اليأس والاكتئاب.
ويعد الاضطراب العاطفي الموسمي نوعا من الاكتئاب المرتبط بالتغيُرات الموسمية، يبدأ الاضطراب العاطفي الموسمي وينتهي في نفس الأوقات من كل عام. إذا كان الشخص يعاني مثل معظم الأشخاص المصابين بالاضطراب العاطفي الموسمي، فإن الأعراض تبدأ في الظهور في الخريف وتستمر طوال أشهر الشتاء، وتستنزف الطاقة كما تسبب تقلبات المزاج. قليلاً ما يتسبب الاضطراب العاطفي الموسمي في حدوث اكتئاب في الربيع أو في بداية الصيف.
يمكن أن يتضمن علاج الاضطراب العاطفي الموسمي علاجات ضوئية (العلاج الضوئي) وأدوية وعلاجا نفسيا.
يجب عدم تجاهل هذا الشعور السنوي ولا يجب أخذه ببساطة على أنه مجرد حالة «من تغيرات الشتاء المزاجية» أو الهلع الموسمي الذي يجب تحمله. يجب اتخاذ خطوات لإبقاء مزاجك ودافعيتك ثابتين طوال العام.
الأعراض
في معظم الحالات، تظهر أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي مع أواخر فصل الخريف أو بداية الشتاء وتختفي في الأيام المشمسة لفصلي الربيع والصيف. وعلى نحو أقل شيوعًا، تبدأ الأعراض في الظهور لدى الأشخاص من النمط المعاكس لذلك في فصل الربيع أو الصيف. وفي كلتا الحالتين، قد تبدأ الأعراض خفيفة ثم تزداد حدة مع تقدم الفصل الموسمي.
وقد تشمل علامات الاضطراب العاطفي الموسمي وأعراضه ما يلي:
-الشعور بالاكتئاب معظم اليوم في أغلب الأيام
-فقدان الاهتمام بأنشطة كنت تستمتع بها سابقًا
-انخفاض النشاط
-وجود مشكلات تتعلق بالنوم
-الشعور بتغيرات في الشهية أو الوزن
-الشعور بالخمول أو التهيج
-صعوبة التركيز
-الشعور باليأس أو فقدان الأمل أو الذنب
-تردُّد أفكار حول الموت أو الانتحار
الاضطراب العاطفي الموسمي المرتبط بالخريف والشتاء
قد تتضمن الأعراض الخاصة بالاضطراب العاطفي الموسمي المرتبط ببداية الشتاء، الذي يُطلق عليه أحيانًا اكتئاب فصل الشتاء، ما يلي:
-فرط النوم
-تغيرات الشهية، وخاصةً اشتهاء تناول أطعمة عالية الكربوهيدرات
-زيادة الوزن
-الإرهاق أو نقص الطاقة.
الفرق بين اكتئاب الشتاء والاكتئاب الحقيقي
المزاج المكتئب وزيادة الوزن وفقدان الاهتمام بالأشياء من أعراض اكتئاب الشتاء.
في التمييز والتفرقة بين تشخيص الاكتئاب والاكتئاب بنمط موسمي، يتعلق الأمر كله بالتوقيت، حيث تؤكد الأبحاث أن الأعراض لكليهما من المحتمل أن تكون متشابهة جدا أو حتى متطابقة، حيث إن الشخص الذي يعاني من اضطراب اكتئابي كبير ذي نمط موسمي (اكتئاب الشتاء) قد يعاني من أعراض شائعة مثل: المزاج المكتئب، زيادة الوزن (زيادة الشهية والاشتياق المحدد للكربوهيدرات أمر شائع في أشهر الشتاء). النوم المفرط أو النعاس، فقدان الاهتمام بالأشياء، الشعور باليأس والميل للانتحار في أشهر الخريف والشتاء على عكس بقية العام. ولكي يتم تشخيص شخص ما بالاكتئاب بنمط موسمي، يجب أن يكون قد مر عليه ما لا يقل عن عامين من الأعراض التي تزداد سوءا خلال فترة زمنية محددة من العام، كما يجب أن تفوق نوبات الاكتئاب الموسمية بشكل كبير نوبات الاكتئاب غير الموسمية.
لماذا النساء أكثر عرضة لاكتئاب الشتاء؟
أرجع العلماء سبب كراهية النساء لفصل الشتاء وشعورهن بالاكتئاب لعدة أسباب من أهمها قصر وقت النهار، حيث إنهن لا يقدرن على القيام بواجباتهن اليومية، بالإضافة إلى أنهن يعانين من حالة الصمت التي تسيطر على الأسرة في المساء، وينصح الأخصائيون النفسيون بأن الاكتئاب الشتوي يحتاج في بدايته إلى متابعة مباشرة مع الطبيب خاصة أن مرضى الاكتئاب الدوري مهيؤون للعلاج بمادة يتناولها المريض ليلا ويتم ضبط معدلها بالدم في أوقات متفرقة وتسمى «منظمات المزاج «.
علاج اكتئاب الشتاء
تتعدد طرق علاج اكتئاب الشتاء وتتدرج حسب الحالة، من بينها:
-الهواء الطلق
-زيادة الوقت في الهواء الطلق بالنسبة للذين يعانون من أعراض خفيفة.
-تناول فيتامين «د» : إضافة إلى المشي يوميًا للحصول على ما يكفي من ضوء الشمس، قد يكون تناول فيتامين «د» مفيدًا في تخفيف أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي.
-العلاج بالضوء: يتضمن العلاج بالضوء استخدام مصباح لمحاكاة ضوء النهار، ما يساعد على تعديل مزاج الأشخاص الذين يتأثرون بقصر النهار.
-الأدوية: يتم وصف مضادات الاكتئاب في العلاج للأشخاص المصابين بالاضطراب العاطفي الموسمي، وتقوم هذه الأدوية بتنظيم توازن السيروتونين والمواد الكيميائية الأخرى في الدماغ.
-العلاج النفسي: يمكن أن يساعد العلاج النفسي في معالجة الأفكار والمشاعر السلبية المرتبطة بالاكتئاب الموسمي.
الاكتئاب الموسمي: أطعمة لتحسين مزاجك
الاكتئاب الشتوي… إذا كنت تشعر بضيق أكثر من المعتاد، فقد حان الوقت لإعادة النظر في عاداتك الغذائية واختيار الأطعمة التي ستساعدك على تحسين مزاجك.
عندما يصبح الطقس رماديا وباردا، تولد لدى البعض رغبة واحدة فقط: الالتفاف تحت الغطاء والسبات! لمحاربة هذا الاكتئاب الموسمي واستعادة مزاجك الجيد، نبدأ بملء خزان أوميغا 3، إذ تمثل ثلث الأحماض الدهنية الموجودة في الجهاز العصبي المركزي (الدماغ والحبل الشوكي) وهي ضرورية لعمل الخلايا العصبية بشكل صحيح.
المغنيسيوم
يدعم تناول المغنيسيوم الجيد الجهاز العصبي. إنه ذو قيمة خاصة عندما تكون عرضة لتشنجات العضلات. لا يوجد خطر من تناول المكملات على شكل علاجات، في أوقات الإجهاد الشديد أو عندما تكون المعنويات منخفضة. المغنيسيوم قابل للذوبان في الماء، إذا كان الجسم يملك ما يكفي من احتياجاته، فإنه يزيل الفائض في البول. الجانب السلبي: في حالة القولون الهش، من الأفضل امتصاصه على شكل عناصر ضئيلة أو في الطعام (شوكولاتة، موز، فواكه مجففة، مياه معدنية).
الفيتامينات التي تدعم المزاج الجيد
يلعب فيتامين ب 6 دورا مهمًا في تصنيع النواقل العصبية التي تحافظ على التوازن النفسي (السيروتونين، الميلاتونين، الدوبامين). يجب أن يمتصها جسمنا كل يوم من الطعام (لحوم، والدواجن، والأسماك، والحبوب الكاملة…)، وإذا لزم الأمر، اللجوء إلى العلاج في حالة النقص.
وكذلك فيتامين «د» الذي يضيف إلى فوائده العديدة التي تجعلنا أكثر بهجة! يصنع الجسم فيتامين «د» بشكل أساسي عندما يتعرض لأشعة الشمس. هذا هو السبب في أن الكثير يفتقدونه في الشتاء.
يجب مراقبة مستواه مع طبيبك، الذي سينصحك مرة أخرى باستهلاك الأسماك الزيتية وربما وصف مكمل في شكل زيت كبد سمك القد أو المكملات الغذائية.
تيروسين في حالة التقلبات المزاجية
يؤدي تناول هذا الحمض الأميني إلى زيادة مستوى الدوبامين، وهو ناقل عصبي يلعب دورًا أساسيًا في الصحة العقلية. يبدو تيروسين فعالًا بشكل خاص في الأشخاص الذين يعانون من الإجهاد الشديد والإرهاق السريع، والذين يميل مزاجهم إلى التقلب. يوجد تيروسين في البيض، فول الصويا، الأفوكادو، جنين القمح، اللوز أو بذور اليقطين. يتم الحصول على جرعات أعلى في المكملات، ولكن لا ينبغي دمجها مع فيتامين ب 6، يجب أن يظهر شعور بالرفاهية في ثلاثة أيام، وإلا فلا داعي للإصرار.
الأطعمة الغنية بالسيلينيوم
يعمل السيلينيوم كمضاد للأكسدة في الجسم. ومع ذلك، تساعد مضادات الأكسدة في مكافحة الإجهاد التأكسدي المسؤول عن الاكتئاب الموسمي. أظهرت دراسة أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب الذين تم تناولهم بالسيلينيوم قد تحسنوا من اضطرابهم الاكتئابي.
ومن أبرز الأطعمة الغنية بالسيلينيوم:
-فاصوليا وخضروات
-لحم طري
-منتجات الألبان
-المكسرات والبندق والبذور (يظل الجوز البرازيلي هو البطل بلا منازع مع 575 ميكروغرام من السيلينيوم لكل 30 غرامًا)
-فواكه البحر
متعة الشوكولاتة الداكنة
أظهر الباحثون أن تناول مربعين من الشوكولاتة الداكنة كل يوم يخفض الكورتيزول (هرمون التوتر) بعد أسبوعين من الاستهلاك. الشوكولاتة (والكاكاو على وجه التحديد) لها أيضا تأثير منشطات على الإندورفين: وبالتالي فهي تعزز المزاج وتجلب الشعور بالرفاهية.
الموز غني بالمغنيسيوم والتريبتوفان، أحد سلائف السيروتونين، ما يجعل هذه الفاكهة من مضادات الاكتئاب الطبيعية.
أطعمة تحارب اكتئاب الشتاء
-الفطر هو النبات الوحيد الغني بفيتامين «د»، فيتامين يحتاجه الحُصين، وهي منطقة صغيرة من الدماغ مسؤولة عن تنظيم الحالة المزاجية، ليعمل بشكل صحيح.
-السبانخ: مثل جميع الخضروات الورقية، يساهم السبانخ في تحسين الحالة المزاجية بفضل غناه بحمض الفوليك (أو فيتامين ب 9). فيتامين يلعب دورًا أساسيًا في إفراز هرمون السيروتونين، هرمون الرفاه.
-الأفوكادو: مليء بالتيروزين، وهو حمض أميني يطلق هرمونات تنظيم الحالة المزاجية مثل الدوبامين والنورادريلين
-الدجاج: يوفر الدجاج مادة التربتوفان التي يتم تحويلها إلى السيروتونين (دائمًا) والأحماض الأمينية ذات الخصائص التنغيمية
-السردين: مثل كل الأسماك الدهنية، السردين غني بأوميغا 3 التي تؤثر على حالتنا العاطفية وهي جيدة لمزاجنا.
-الزبادي: يوفر البروبيوتيك الذي يفرز مادة السيروتونين في الأمعاء. علما أن الفلورا المعوية المتوازنة مضادة للالتهابات ومضادة للإجهاد.
-البقوليات: توفر معظم فيتامينات المجموعة ب الضرورية لعمل الجهاز العصبي بشكل سليم. الأحماض الأمينية الأساسية هي أيضًا منظمات الإجهاد.
-الجوز البرازيلي: الجوز البرازيلي يحتوي على مستوى عالي من السيلينيوم مع 575 ميكروغرام لكل 30 غراما. والجرعة اليومية من 55 ميكروغرام كافية لتكون في مزاج جيد.
كما أن هناك مجموعة من الممارسات التي من شأنها المساعدة على الوقاية من «الاكتئاب الموسمي» في فصل الشتاء وتجاوزه، تتضمن ممارسات يومية فضلاً عن أغذية ومشروبات ذات نتائج فعّالة في تحسين الحالة المزاجية للأشخاص.
وتعد أولى النصائح النفسية في هذا الصدد بأهمية «الخروج للتنزه» في أوقات محددة، في فترة الصباح الباكر بعد شروق الشمس، أو فترة ما بعد المغرب، حتى ولو بالمشي قليلاً. إضافة إلى الحفاظ على الأنشطة اليومية المعتادة والزيارات والأنشطة المجتمعية الطبيعية.
ومن بين النصائح أيضا متابعة أي تغيرات في نمط النوم أو الشهية أو الانفعال، وملاحظة أي شكل من أشكال الانفعال أو العصبية غير المبررة، وذلك من خلال سؤال واستشارة مختصين نفسيين للمساعدة في فهم الحالة والتعامل معها.
كما ينصح أيضا بالمحافظة على التواصل الاجتماعي المباشر، وليس عبر الوسائط الإلكترونية الحديثة، ذلك أن التواصل المباشر بالزيارات أو اللقاءات اليومية أو الدورية المعتادة من شأنه التخفيف من حدة تلك الأعراض وكذا الوقاية من دخول الفرد في نوبات اكتئاب مرتبطة بفصل الشتاء مع برودة الجو.
كما أن تناول المياه بكميات مناسبة من لترين ونصف حتى ثلاثة على الأقل من شأنه المساعدة على الوقاية من الاكتئاب من خلال ترطيب الجسم، كما أن هناك بعض الأطعمة تزيد من التربتوفان، وهو الحمض الأميني المعزز للسعادة.
