شوف تشوف

الرئيسيةخاص

هل ستكون أجيال المستقبل هكذا؟

كوفيد 19.. وباء بدون لقاح ولا دواء

إعداد: محمد اليوبي
أدى فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، حتى أمس الأحد، إلى وفاة 108 آلاف و962 شخصا على الأقل في 210 بلدان، وذلك منذ ظهوره في شهر دجنبر الماضي، مع تسجيل مليون و784 ألفا و335 حالة إصابة مؤكدة عبر العالم، من بينها 405 آلاف و43 حالة تماثلت للشفاء التام من المرض.

في الوقت الذي يتفشى فيه فيروس كورونا المستجد في مختلف أنحاء العالم، يتسابق العلماء للوصول إلى لقاح يهزم الوباء ويعيد الحياة إلى طبيعتها. وكشفت وسائل إعلام دولية أن هناك تجارب تجرى حاليا في العالم للتوصل للقاح يحمي من فيروس كورونا، حيث إنه في الوقت الذي يدمر فيه الفيروس التاجي العالم، يعمل الخبراء على مدار الساعة لتطوير اللقاحات وتجربة الأدوية في محاولة يائسة لاحتواء المرض.

البحث عن اللقاح
كشفت أستاذة بجامعة أكسفورد البريطانية، تقود فريقا من الباحثين لتطوير لقاح يحمي العالم من فيروس كورونا المستجد، الموعد الذي يفترض أن يصبح اللقاح ضد فيروس كورونا متوفرا فيه. وذكرت أستاذة علم اللقاحات في جامعة أكسفورد سارة غيلبرت، في مقابلة مع صحيفة «التايمز»، أنها وفريقها ابتكروا بالفعل لقاحا محتملا من المقرر أن يخضع للتجارب على البشر في غضون أسبوعين، وأضافت أنها «واثقة بنسبة 80 في المائة من نجاح اللقاح الجديد بناء على تجارب سابقة قامت بها على أنواع مماثلة من اللقاحات»، واستطردت: «تطوير اللقاح بحلول الخريف ممكن إذا سارت الأمور على أكمل وجه»، لكنها حذرت من أنه «لا يمكن لأحد أن يعد بأن الأمور ستسير بهذه الطريقة».
ويقول معظم الخبراء إن تطوير وإنتاج اللقاح قد يستغرق ما يصل إلى 18 شهرا ليتم توزيعه على مستوى العالم، لكن البروفيسور بيتر هوتز، عميد كلية بايلور للطب في تكساس، حذر من التواجد في مناطق التجمعات في الولايات المتحدة خاصة خلال الفترة الحالية التي تعد ذروة العدوى لفيروس كورونا المستجد، والذي أصاب قرابة 1.8 مليون شخص حول العالم وأودى بحياة أكثر من 108 آلاف شخص. وأشار إلى أنه رغم عمل المختبرات الجاد في البحث عن لقاح من دون أي توقف، فإن احتمال إيجاده في الفترة الحالية يبدو ضعيفا، وقال إن مسألة الوصول إلى لقاح للفيروس ليست مستحيلة، لكن لا بد من التأكيد أن الأمر سيأخذ فترة طويلة. وأضاف الطبيب هوتز، الذي يعمل أيضا في مختبر تطوير اللقاحات في مستشفى تكساس للأطفال، أن التوقعات بأن يكون لدينا لقاح أو علاج لفيروس كورونا خلال الـ 18 شهرا المقبلة هو هدف طموح، وهذا ما يعمل عليه العلماء ليل نهار في المختبرات، ولكنه هدف صعب جدا، مشيرا إلى أن الإطار الزمني لإنتاج اللقاحات من تطوير اللقاح وحتى مرحلة الاعتماد عليه يستغرق من 10 إلى 25 عاما، وهناك بعض اللقاحات توصل إليها العلماء خلال أربع سنوات. وأكد هوتز أن المراهنة على الوصول إلى اللقاح خلال 18 شهرا هو أمر ليس بالمستحيل بالمطلق، ولكن علينا أن نكون واقعيين أكثر، إذ ربما لا نتمكن من إيجاد لقاح آمن من فيروس كورونا المستجد خلال عامين إلى أربعة أعوام، ويرى أنه يجب وضع استراتيجيات تتضمن جميع التوقعات حتى بما فيها مدد تصل لأكثر من 18 شهرا لإيجاد اللقاح، خاصة وأن تاريخ الطب يقول غير ذلك، متخوفا من أن الجميع أصبح يبني توقعاته وكأن إيجاد اللقاح خلال هذه الفترة أمر محسوم.

سباق لإيجاد علاج فعال
يتسابق العلماء في جميع أنحاء العالم لإيجاد طرق لعلاج مرضى فيروس كورونا المستجد، قد يكون أسرع نهج للعثور على حل هو إعادة استخدام الأدوية الموجودة بدلاً من البدء من «نقطة الصفر» في مسيرة إنتاج الدواء المناسب، بحسب ما نشره موقع «Breakthroughs» الأمريكي. وتوجد حالياً العشرات من الأدوية التي يجري تقييمها لمعرفة ما إذا كان يمكن استخدامها كعلاج لمرض كوفيد-19 ولأعراضه، بدءاً من عقار مستخدم لمكافحة فيروس إيبولا وصولاً إلى دواء لالتهاب المفاصل مروراً بأدوية مرض السكري.
واشتد الجدل في العالم حول مدى نجاعة الكلوروكين لعلاج فيروس «كوفيد 19». وانقسمت المواقف بين مساندين لهذا الدواء «المعجزة»، الذي يستخدم في علاج وباء الملاريا منذ أكثر من خمسين سنة، ويباع بثمن معقول، وبين من يرى أن فعاليته الطبية لم تثبت لغاية الآن رغم الاختبارات التي قام بها الدكتور ديديي راوول بمعهد المستشفى – الجامعي للأمراض المعدية بمرسيليا.
واحتدم الجدل في فرنسا وفي دول أوروبية أخرى حول فعالية وجدوى استخدام مادة الكلوروكين لمعالجة فيروس كورونا المستجد الذي لا يزال يحصد يوميا آلاف الأرواح حول العالم، فبينما قرر الدكتور ديديي راوول، الأخصائي في مجال الأمراض المعدية ومدير معهد المستشفى – الجامعي للأمراض المعدية في مرسيليا (جنوب فرنسا) استخدامه لمعالجة المصابين بهذا الفيروس الفتاك، انتقد المجلس الأعلى للصحة الفرنسي هذا الخيار بحجة «أن فاعليته لم تثبت لغاية الآن، وأن قلة قليلة جدا من المرضى أجري عليهم الاختبار». من جهته، وفي خطوة لتخفيف الجدل، دعا وزير الصحة الفرنسي أوليفيي فيران إلى عدم استخدام الكلوروكين إلا في «الحالات الطارئة والأكثر خطورة فقط».
دواء الكلوروكين، الذي يباع في الأسواق، غير غريب عن الأطباء المختصين في مقاومة الأوبئة، وشاع استخدامه منذ أكثر من نصف قرن في العالم، لا سيما في القارة الإفريقية وفي عدد من دول أمريكا اللاتينية لمعالجة الملاريا وبعض الأمراض المعدية الأخرى، مثل مرض «لايم». وهو غير مكلف، كما ينصح كل مسافر إلى هذه المناطق (إفريقيا وأمريكا اللاتينية) باستخدام هذا الدواء، وتناوله بغرض تجنب الإصابة بالملاريا.
وتم الاعتماد على الكلوروكين في 1949، وهو دواء يقوي نظام المناعة للإنسان بحيث يجعله يتصدى لأمراض وأوبئة مثل حمى المستنقعات (الملاريا) ويقاوم الألم والحمى والالتهابات… وأعراضه الجانبية على المرضى معروفة من قبل الأطباء. ولجأت منظمة الصحة العالمية ومنظمات طبية غير حكومية أخرى، مثل أطباء بلا حدود، إلى استخدامه لعلاج المصابين بوباء الملاريا في كثير من مناطق العالم، وتعد الصين من بين البلدان الأوائل التي اختبرت الكلوروكين لمعالجة المصابين بفيروس كورونا في بداية شهر فبراير الماضي.
وحسب غزو نانبينغ، نائب وزير العلوم والتكنولوجيا الصيني، فقد أسفرت عملية اختبار مادة الكلوروكين على 135 مصابا بفيروس كوفيد 19 عن نتائج جيدة جدا، مظهرة أن الحالة المرضية للمصابين لم تتدهور أكثر بعد تناول هذا العقار، وبدأت دول كثيرة عبر العالم تنظر إلى الكلوروكين على أنه قادر على شفاء المصابين بفيروس كورونا، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، حيث أشاد الرئيس ترامب بالباحث الفرنسي ديديي راوول و«بالأخبار المثيرة للغاية»، وقال ترامب في مؤتمر صحفي «ليس لدينا ما نخسره، أعتقد أنه يمكن أن يكون مغيرا للعبة أو ربما لا»، مشيرا إلى أن هذا الدواء سيكون متاحا «على الفور تقريبا».

المغرب يعتمد وصفة الكلوروكين
يعتبر المغرب من بين البلدان التي استعملت علاج الكلوروكين ضد كورونا، حيث عمم وزير الصحة، خالد آيت الطالب، مذكرة على جميع مديري المراكز الاستشفائية، التي تستقبل المصابين بفيروس كورونا، لاستعمال دواء «كلوروكين»، لعلاج كل الحالات التي تظهر عليها أعراض الفيروس حتى قبل ظهور نتائج التحليلات الطبية. ودعت مذكرة الوزير إلى اعتماد برتوكول العلاج الذي أوصت به وزارة الصحة، بالنسبة لكل الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس كورونا قبل ظهور نتائج التحليلات الطبية لربح الوقت وقبل تفاقم الوضعية الصحية للمصابين. ودعا الوزير إلى وقف العلاج في حال ظهور نتيجة سلبية، وفي حال ظهور نتيجة إيجابية، حث الوزير على استكمال العلاج لمدة 10 أيام بالنسبة للحالات المستقرة، ثم إجراء اختبار للتأكد من شفاء المصابين. وبالنسبة للحالات التي تكون في وضعية حرجة داخل غرف الإنعاش، حث الوزير على إجراء اختبار في اليوم العاشر، ثم اتباع وصفة علاج أخرى.
وكشفت وزارة الصحة عن تفاصيل استعمال «الكلوروكين» في علاج المصابين بفيروس كورونا المستجد، وذلك على ضوء التجارب والاختبارات السريرية التي أجريت بالعديد من البلدان، وأثبتت فعاليته. وعممت الوزارة كميات كبيرة من هذا الدواء على مختلف المستشفيات المخصصة لاستقبال المرضى بالفيروس، وأكدت أن استعمال «الكلوروكين» وكذا الإصدارات العلمية الناتجة عنه بعدد من دول العالم، كالصين وأمريكا، أكدت جميعها نتائج إيجابية لاستعمال هذا البروتوكول العلاجي في علاج مرضى كوفيد-19، وأنها اعتمدت هذا البروتوكول بعد دراسة وقرار من اللجنة التقنية والعلمية للبرنامج الوطني للوقاية والحد من انتشار الأنفلونزا والالتهابات التنفسية الحادة والشديدة.
وأوضحت الوزارة أنه، في إطار تفاعلها مع النقاش الدائر حول مدى نجاعة البروتوكول العلاجي للمصابين بعدوى كوفيد-19 على أساس دواء «هيدروكلوروكين» و«هيدروكسيكلوروكين»، أن وصف واستعمال هذا الدواء الذي عممته وزارة الصحة على المراكز الاستشفائية الجامعية والمديريات الجهوية للصحة على صعيد المملكة لعلاج حالات الإصابة بـ «كوفيد-19»، هو دواء معروف كان يستعمل منذ سنوات لعلاج الملاريا وأمراض مزمنة على غرار (التهاب المفاصل والأمراض المناعية الأخرى) لمدد طويلة قد تصل أحيانا لسنوات، وذلك تحت مراقبة طبية متخصصة وصارمة لتتبع وحصر ما قد يترتب عن استعماله من مضاعفات جانبية. ووفرت وزارة الصحة بصفة استعجالية، بموازاة القرار الهام الذي اتخذته اللجنة العلمية والتقنية، كل الوسائل اللازمة لضمان التفعيل الدقيق والآمن لهذا القرار واستنفرت في سبيل ذلك كل أطرها الصحية للسهر على تتبع ومراقبة استجابة مرضى كوفيد-19 للبروتوكول العلاجي على أساس «الكلوروكين» بكل المراكز الاستشفائية العمومية والعسكرية على الصعيد الوطني.

بين الحجر وإخراج الناس للعمل لإنقاذ الاقتصاد
يعيش نصف سكان العالم في الحجر الصحي الذي اتخذته معظم الدول للوقاية من انتشار فيروس كورونا، ومع بدء تضرر الاقتصاد العالمي بسبب الحجر الصحي المفروض على أغلب البلدان العظمى وغيرها، بدأت حيرة الحكومات بين إبقاء المواطنين قيد الحجر وبين إخراجهم للعمل لإنقاذ الاقتصاد، ولذلك سارعت بعض الدول إلى التخفيف من إجراءات العزل الصحي ورفع بعض القيود لعودة الحياة إلى قطاعات إنتاجية، ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى إطلاق تحذير لكل دول العالم، من رفع القيود المفروضة لكبح تفشي فيروس كورونا، مشددة على أن إنهاء الحجر الصحي قد يؤدي إلى عودة «فتاكة» للفيروس.
ودعت المنظمة إلى توخي الحذر بخصوص رفع القيود المفروضة لكبح انتشار فيروس كورونا، كما حذرت من أن الوضع يتفاقم في إفريقيا. وحذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية من التسرع في رفع إجراءات العزل المتخذة للحد من تفشي وباء «كوفيد 19»، معتبرا أن هذا الأمر قد يتسبب بعودة «قاتلة» للفيروس. وقال تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن المنظمة تتطلع إلى أن تُرفع القيود عن السير العادي لحياة الناس، غير أن التسرع في رفع القيود قد يؤدي إلى عودة قاتلة للوباء، وأضاف أن “تراجع الإصابات بالوباء قد يكون بمثل خطورة تفشيه في حال لم يتم التعامل معه على نحو سليم”.
وتتشاور المنظمة مع الدول المعنية لإعداد استراتيجية لرفع الإجراءات بالتدريج وبطريقة آمنة، ويتوجب توافر ستة شروط لإتمام ذلك، تتمثل في السيطرة على انتقال عدوى الفيروس، وتأمين الصحة العامة والرعاية، وتقليل المخاطر في البيئات المعرضة على غرار المرافق الصحية للمصابين بأمراض مزمنة ودور المسنين، واتخاذ تدابير الوقاية في العمل والمدارس وغيرها من الأماكن المرتادة، ورصد مخاطر الإصابات الآتية من الخارج.
وشددت دراسة جديدة، نشرت في مجلة “لانسيت” الطبية البريطانية، على ضرورة التمهل وعدم التخلي عن قيود التنقل حتى وإن لاحت دلائل على وجود استقرار في معدلات تفشي فيروس كورونا. وتقول الدراسة، بعدما تتبعت مسار فيروس كورونا في مصدر تفشيه الصين، إن على الدول الراغبة في البدء في الخروج من عزلتها والسماح بتخفيف القيود وعودة الحياة إلى وضعها الطبيعي، أن تستمر في تقييد حركة الأشخاص كحد أدنى ريثما يتوفر لقاح ضد الفيروس.
وحذرت الدراسة من أن المجتمع الصيني قد يواجه انتكاسة ثانية بتفشي الفيروس من جديد، إذا تخلت السلطات سريعا عن القيود المفروضة، وحذرت من أن الموجة الثانية للفيروس قد تكون أشد فتكا. واعتمدت الدراسة على معالجة بيانات طبية من 10 مقاطعات صينية سجل بها أكبر عدد من الحالات المؤكدة كنموذج في بحثها.
من جهته، أظهر بحث حديث أجرته كلية إمبريال كوليدج البريطانية، أنه تمكن السيطرة على أعداد الإصابات بالفيروس من خلال إبقاء قيود التباعد الاجتماعي قائمة. وأكد البحث أن الأوضاع ستكون عرضة للانتكاس بمجرد تخفيف هذه القيود، مضيفا أنه يمكن إنقاذ أكثر من 30 مليون شخص حول العالم من الفيروس في حال تحركت الدول بسرعة. وخلص البحث إلى أن الاستراتيجية المثالية لمواجهة الفيروس تتطلب اعتماد اختبارات الفحص على نحو واسع مع اتخاذ إجراءات حازمة للتباعد الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى