حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

هيكل نقل إلى عبد الناصر رسالة سرية من الحسن الثاني سنة 1969 أخرجت مصر من أسوأ أزماتها

يونس جنوحي

عندما تقاعد الصحافي والسفير محمد التازي من السلك الدبلوماسي سنة 1994، استغرب وهو يتابع هجومات محمد حسنين هيكل على المغرب، وازداد استغرابه مما نشره هيكل بعد وفاة الملك الحسن الثاني سنة 1999.

وفضل التازي أن يرد على هيكل بطريقته الخاصة، مذكرا إياه بأيام علاقتهما الأولى، عندما عاد التازي من مصر إلى المغرب، بعد أن بصم على مسار ملفت في الصحافة المصرية، وبالموقف النبيل الذي أبان عنه الملك الحسن الثاني تجاه المصريين في واحدة من أشد الأزمات التي عانت منها مصر.

في سنة 1969، ومصر تعاني الإنهاك من تداعيات هزيمة يونيو 1967 الشهيرة، تطوع التازي، وهو وقتها موظف في وزارة الخارجية المغربية، وصديق حميم للأمير مولاي عبد الله، لينفذ مهمة غاية في السرية، اختاره لها الملك الحسن الثاني.

اختار الملك شخص التازي لسبب واضح، وهو أن التازي كان طالبا في مصر، ومارس الصحافة في الجرائد المصرية والراديو، ولديه اتصال وثيق مع الصحافيين والوزراء المصريين. وكان الملك الراحل يرغب في أن يبقى اتصاله بجمال عبد الناصر سريا للغاية، بهدف إخراج مصر من الحصار الغربي المفروض عليها بعد الهزيمة. وتطوع التازي ليلتقي بهيكل، المستشار المقرب من الرئيس عبد الناصر، وينقل إليه رسالة الملك. يحكي التازي في أوراقه الشخصية عن هذه المهمة:

«في عام 1969، وحرب الاستنزاف على أشدها بين الجيش المصري وجيش الاحتلال في سيناء، وأمريكا تفرض حصارا على واردات القمح لمصر، والشعب المصري يوشك الحصار أن يمس معنوياته، كان جلالته يشعر بأن عليه واجبا نحو الشعب المصري، فأجرى اتصالات مع الإدارة الأمريكية، ملحا عليها في رفع الحصار عن مشتريات القمح، تطوعا من جلالته، وبمبادرة خاصة، فاشترطت الإدارة الأمريكية أن تعترف الحكومة المصرية بالديون الأمريكية التي جمدتها مصر عقب حرب يونيو 1967 وأن تعلن قبولها لمبادرة وزير الخارجية الأمريكية المعروفة باسم مبادرة «روجرس». وحينئذ ستأذن لدولة أخرى بتزويد مصر بالقمح.

ويطلب جلالته من شقيقه، صاحب السمو الملكي الأمير مولاي عبد الله، أن أصحب سموه للقاء مع جلالته في قصر الصخيرات.

وعند المقابلة يفاجئني جلالته بالسؤال التالي :

جلالة الملك:

-هل تستطيع أن تسافر إلى القاهرة وتقابل الرئيس عبد الناصر في سرية تامة؟

وقلت لجلالته:

– إن أي مبعوث لسيدنا الله ينصره سيستقبله الرئيس جمال، ولكن السرية غير مضمونة، وخاصة بالقاهرة، حيث أجهزة الإعلام لها مبعوثوها المنبثون في الرئاسة، وحتى إذا صدرت تعليمات بعدم نشر المقابلة، فإن اللقاء سيعرف.

جلالة الملك:

-الموضوع الذي أريد أن أكلفك به لدى الرئيس جمال يقتضي السرية الكاملة.

قلت لجلالته:

-وإذن، يمكن إبلاغه بالموضوع بدون مقابلة.

جلالة الملك:

-كيف؟

قلت لجلالته:

– أنقل الرسالة الملكية إلى هيكل صديق الرئيس، وأتلقى منه الجواب.

وافق جلالته على الاقتراح، مؤكدا على السرية التامة.

اتصلت بهيكل تليفونيا وأبلغته أني سأمر على القاهرة وأحرص على لقائه لأمر هام وكانت الرسالة الملكية هي الطلب إلى الرئيس جمال أن تعلن مصر اعترافها بالديون الأمريكية وقبولها لمبادرة روجرس لوقف حرب الاستنزاف.

واستأذنت من وزير الخارجية في التغيب عن الوزارة لمدة يومين لأسباب عائلية، وسافرت إلى القاهرة، وقابلت هيكل وأبلغته الرسالة الشفوية الموجهة من جلالته إلى الرئيس عبد الناصر، ورحب الرئيس بالمبادرة الملكية وأعلن في اليوم التالي عبد المنعم القيسوني، وزير المالية، ما معناه أن مصر لا تنكر الديون الأمريكية عليها، ونشرت «الأهرام» تصريح القيسوني في الصفحة الأولى، وحملتُ رسالة جوابية من الرئيس المصري إلى جلالته، شاكرا ومقدرا وممتنا لما يلقاه الشعب المصري من دعم ومساندة من جلالته.

وحين أبلغت جلالته بنجاح المهمة، كان تعقيبه: الحمد لله على التوفيق.

هذا هو الحسن الثاني يا هيكل، وأنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين».

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى