حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف الأسبوع

وزراء في عصمة أجنبيات صانعات قرار ورفيقات درب في الضوء والعتمة

 

في مصر، لا يمكن لمسؤول حكومي أن يتزوج بأجنبية، إلا بعد مسطرة عسيرة قد تنتهي بجرة قلم بالموافقة أو تصادر الحب وتؤجله إلى ما بعد نهاية الاستوزار.

في منتصف شهر أكتوبر 2021، أصدر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قرارا جمهوريا يسمح لــأحمد محمد شوقي محمد عياد، الوزير المفوض التجاري بالممثلية التجارية، بالزواج من راوية مبروك، التي تحمل الجنسية المغربية“.

ونشر القرار في الجريدة الرسمية في عددها الصادر يوم الأحد، الـ17 من أكتوبر 2021، وتداولته العديد من وسائل الإعلام المحلية والدولية.

وجاء في القرار: “قرار رئيس جمهورية مصر العربية.. قرار رقم 457 لسنة 2021: يؤذن للسيد أحمد محمد شوقي محمد عياد، الوزير المفوض التجاري بالتمثيل التجاري بالزواج من السيدة راوية مبروك المتمتعة بجنسية المملكة المغربية“.

ومع تداول وسائل الإعلام المختلفة لهذا القرار، عبر منصاتها في شبكات التواصل الاجتماعي، تفاعل روادالسوشيال ميديامع الخبر بتعليقاتهم الساخرة التي أجمعت على رفض حب بترخيص.

لكن هذه الواقعة نادرا ما نعيشها في بلادنا، لسببين رئيسين: أولهما أن غالبية وزرائنا تزوجوا بأجنبيات قبل أن يصبحوا وزراء، بل إن الكثير منهم ممن درسوا في الجامعات الأوروبية عادوا إلى المغرب بزوجة أجنبية تمسك الذراع وتعلن الانضمام للعائلة.

لكن هذا لا يمنع السلطات المغربية من إجراء بحث سري حول زوجات كبار خدام الدولة، خاصة أولئك الذين يشغلون مناصب لها ارتباط بأمن الدولة أو داخل وزارات السيادة.

في الملف الأسبوعي لـالأخبار، نرصد لأبرز الزيجات المختلطة في عائلات الوجاهة الوزارية، ونكتفي ببعض النماذج التي يمكن أن تتقاطع مساراتها مع زيجات مختلطة أخرى في مربع الحكومات.

 

حسن البصري

 

 

كريستيان.. زوجة رضا كديرة ومديرة مكتبه وصانعة قرارات حاسمة

 

بعد حصول أحمد رضا كديرة على دبلوم معهد الدراسات القانونية العليا بالرباط، قرر الشاب ابن المدينة القديمة للعاصمة البحث عن يد تنتشله من المغرب، وتساعده على استكمال دراسته الجامعية في فرنسا، سيما بعدما قطع عدد من رفاق دربه الدراسي مضيق البوغاز واستقر بهم المقام في الجامعات الفرنسية، ولأنه كان يعاني من اليتم والخصاص، فقد تحمل عمه العربي تكاليف الرحلة إلى باريس، ومكن ابن شقيقه من تحقيق طموحاته.

إلا أن الفضل الكبير في اندماج اكديرة في عالمه الجديد، يرجع لفتاة تعرف عليها خلال تردده على مكتب أحد المحامين الفرنسيين، حيث كان يقضي فترة تدريب، وهي شابة فرنسية تدعى كريستيان دوفال فونتينبلو، ابنة عسكري فرنسي شارك في الحرب العالمية الأولى ولقي حتفه فيها، بل إن عائلتها لها ارتباط وجداني بالعسكر إذ شارك جدها في جيش نابليون، مما يعطي انطباعا أوليا على تربيتها الصارمة.

اقترح أحمد على كريستيان تحويل علاقة العشق المتبادل إلى زواج، واتصل بوالدته لإخبارها بهذا الارتباط، في الوقت الذي كانت الوالدة تخطط لزواج عائلي. وفي أول زيارة لكريستيان إلى الرباط وقعت أسيرة حب غير مسارها، وأجبرها على إقناع شقيق والدها العسكري بضرورة الخضوع لنبض قلبها، الذي خفق لشاب مغربي ضدا على الضوابط العسكرية الصارمة التي كانت تسيطر على العائلة.

قبلت والدة كريستيان عرض الزواج من مغربي على مضض، لكنها اشترطت على ابنتها التمسك بديانتها المسيحية، وعدم اعتناق الديانة الإسلامية، وهو شرط أزعج اكديرة ووضعه في موقف حرج مع أفراد أسرته، خاصة حين تصر زوجته الفرنسية على ممارسة الشعائر الدينية الكاثوليكية بانتظام والتردد على الكنيسة دون أن يؤثر توجهها الديني في تربية أبنائها، بعدما أنجبت ولدا وثلاثة بنات، وهم حكم ومليكة ومريم وزبيدة.

يقول ابنها حكم: “كانت والدتي كريستيان مؤثرة في قرارات أبي، لكنها لم تكن مؤثرة في الجانب الديني، بل كانت بسيطة في معاملاتها تصر على نشر وعي ليبرالي بين أبنائها، كانت تناقش القضايا العائلية بديمقراطية وتنصت جيدا لمقترحاتنا، لكنها كانت تقوم بشعائرها الدينية دون أن تتدخل في التربية الدينية التي علمها لنا والدنا”.

مباشرة بعد عودته إلى المغرب، فتح أحمد رضا اكديرة مكتب محاماة بالرباط، بدعم ومساعدة من صديق طفولته رشيد ملين، الذي كان ميسور الحال، وقرر إلحاق كريستيان بالمكتب كمديرة بعدما أعلن نفسه مدافعا عن قضايا المقاومين والبسطاء بالمجان.

عانى أحمد في منتصف التسعينات من مرض عضال أبعده عن الحياة السياسية والاجتماعية، فاختفى عن الأنظار كثير من الموالين له في زمن سطوته، وأصبح هاتفه لا يرن إلا بالخطأ، مما أثار حفيظة أبنائه وزوجته، التي دعته إلى بيع كل ما يملك والعودة إلى فرنسا للاستقرار النهائي هناك. زاره الملك الحسن الثاني سنة 1994 في بيته بتمارة واكتشف أن البيت متواضع وأنه لم يبق من الأثاث إلا قطع أثرية.

في يوم الخميس 14 دجنبر 1995، توفي أحمد رضا اكديرة في إحدى مصحات باريس، رافقته زوجته في آخر نبضات قبله، وحين توفي قررت اعتناق الديانة الإسلامية، حتى تدفن إلى جانب قبره في مقبرة الشهداء.

 

لوران باسيير.. زوجة ومستشارة وزير متعدد الحقائب

 

انسجمت لورانس باسيير، زوجة الوزير أحمد العسكي، الذي تقلد ثلاث وزارات، مع الأجواء البيضاوية ونسجت علاقات مع زوجة محمد امجيد ومع ليلى الجزائرية، زوجة اللاعب الدولي السابق عبد الرحمن بلمحجوب، التي تتقاسم معهما العديد من الذكريات في باريس والدار البيضاء، حين عاشا الغربة في عاصمة الأنوار وما تبقى من حياتها الهادئة، تتنقل بين الدار البيضاء وأكادير ثم باريس، لتعود إلى بيتها الذي يستحق أن يكون ذاكرة للحياة السياسية المغربية لما عرفه من أحداث غيرت مسار المغرب.

تعرف العسكي على لورانس في باريس، وظلت ترافقه في فترة دراسته الجامعية بمدرسة القناطر والطرق، إلى أن تخرج وعاد إلى المدينة القديمة حيث كان يقطن في حي سيدي فاتح وسط أسرة بسيطة.

مباشرة بعد تخرجه ورجوعه لأرض الوطن، قرر أحمد الارتباط رسميا بلورانس، التي تتحدر من أسرة أرستقراطية، وكانت رفيقته من أول المشوار إلى نهايته، حيث حضرت مراسيم تعيينه مديرا عاما لميناء الدار البيضاء.

كانت الزوجة الفرنسية بمثابة مستشارة خاصة للعسكي، وقامت بإدارة كثير من نشاطاته، سيما في الجانبين الجمعوي والسياسي، ففي بيته تم التخطيط لودادية مهندسي القناطر والطرق، التي ترأسها في الفترة ما بين 1962 و1963، كما حرصت على مرافقته في كثير من أسفاره حين عين وزيرا للفلاحة في ما بين 11 غشت 1970 و23 أبريل 1971، وكان في منتصف السبعينات أحد التكنوقراطيين البارزين.

وإضافة إلى المسؤوليات الوزارية (التعليم، الفلاحة والأشغال العامة)، ترأس العسكي مجلس النواب المغربي، كما كان عضوا في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، عدا تقلده مسؤوليات محلية ورياضية في مدينة الدار البيضاء.

تردد أحمد عصمان على بيت العسكي قبل إنشاء حزب الأحرار، وكانت باسيير شاهدة على العصر، وساعدت على وضع اللبنات الأولى لفرع الحزب بالدار البيضاء، (بين 1963 و1965).

من أصعب المواقف التي اجتازتها لورانس غضبة الملك الراحل الحسن الثاني عليها، خلال حضورها احتفالات الملك بعيد ميلاده بقصر الصخيرات في منتصف السبعينات، فقد لاحظ الحسن الثاني أن جميع المدعوات، وهن زوجات أفراد السلك الدبلوماسي والوزراء وكبار الشخصيات العسكرية والمدنية، قد وقفن ترحيبا بوصول الملك إلى قاعة الحفل، وحدها لورانس ظلت جالسة على كرسي دون أن تعبأ لحالة الاستنفار التي عرفها الحفل. لاحظ الحسن الثاني موقف السيدة الفرنسية وحين طالب ببيانات حولها قيل له إنها زوجة أحمد العسكي، وقبل أن ينفض الحفل اقترب منها العاهل المغربي وعلامات الغضب بادية على وجهه، فدعاها إلى مساعدة منظفات موائد الحفل قبل مغادرة القصر وهو يقول: “إن جنسيتك الفرنسية لا تمنعك من الوقوف احتراما للمحتفى به”.

رزقت باسيير بثلاثة أبناء: (كريم وجاد ثم نجمة)، وكلهم رجال أعمال تمكنوا من النجاح في حياتهم المهنية، سيما وأنهم درسوا في معاهد فرنسية وبتوجيه من باسيير التي كانت تتابع عن قرب الحياة الدراسية للأبناء من ثانوية ليوطي إلى أكبر المعاهد الفرنسية. ظلت عائلة العسكي تمني النفس باعتراف من مجلس المدينة بإطلاق اسم أحمد على شارع أو مرفق عمومي يخلد ذكراه، وهو الذي أعطى الكثير للمدينة من موقعه منتخبا ووزيرا ومديرا لمينائها وعمره لم يتجاوز حينها عقده الثالث.

 

تيريز شامة.. مدرسة فلسفة رافقت بنهيمة في رحلة الوجاهة

 

في سنة 1945، اختير امحمد بنهيمة ضمن البعثة الدراسية المغربية التي خصصت لها منحة من القصر الملكي من أجل متابعة دراستها الجامعية في فرنسا. التحق بكلية الطب في نانسي، وجاء اختيار هذه المدينة لأنها كانت مسقط رأس وقلب الماريشال ليوطي.

في هذه المدينة، سيلتقي امحمد بطالبة فرنسية تدعى ماري تيريز، وتنحدر من شرق فرنسا، كانت تدرس الفلسفة في كلية مجاورة، نسج الطالبان خيوط المودة وانتقل الإعجاب إلى حب. لعبت رفيقته دورا كبيرا في استمرار دراسة امحمد في فرنسا، حيث إنه مباشرة بعد نفي محمد الخامس تقرر أن تستمر المنحة الدراسية للطلبة المغاربة في الخارج، لكن ليس بتوقيع السلطان المنفي، بل من طرف محمد بن عرفة، وهو ما رفضه بنهيمة وبعض رفاقه، وبدأ يعتمد في مصاريف دراسته على تيريزا.

عاد امحمد إلى المغرب بعد استكمال دراسته وهو يحمل شهادة الدكتوراه في الطب تخصص طب النساء، وترك زوجته في فرنسا وهي حامل، بعد اتفاق على أن تكون عودتها بعد الوضع.

عين امحمد طبيبا في مستشفى بابن سليمان، لكن ما أن علم الأهالي بزواجه من نصرانية حتى أعرضوا عنه، وبعدها تم تعيينه في قرية حد كورت، حيث ستلتحق به ماري التي أسلمت وأصبحت تحمل اسم شامة، فيما حل إدريس بنهيمة بالمغرب رفقة والدته وعمره لا يتعدى بضعة شهور. وفي حد كورت ولد ابنها الثاني نجيب.

رافقت تيريز زوجها في مختلف محطاته وتعهدت بتربية الأبناء على النمط الأوربي، بل وكانت فيلسوفة في بيت بنهيمة توجهه بأفكارها كأنها مستشارة فكرية لوزير تقلد عدة مناصب في هرم الدولة رغم تخصصه في مجال الطب.

بعد عبور قصير في وزارة الصحة العمومية، اختير وزيرا للأشغال العمومية في يونيو 1962، من بين أعضاء الحكومة التي ترأسها الملك الحسن الثاني، ولم يمض وقت طويل على توليه تلك المهمة حتى أنيطت به مسؤولية التجارة والصناعة والملاحة التجارية، ثم عاد إلى قطاع الأشغال العمومية للمرة الثانية، “بيد أن اسمه سيرتبط في أذهان جيل المرحلة بتوليه وزارة التربية الوطنية، وقد ضمته حكومة واحدة إلى جانب شقيقه أحمد الطيب بنهيمة كوزير للخارجية، وهي الحكومة التي ترأسها الملك الحسن الثاني في يونيو 1965، بعد إعلان حالة الاستثناء، كما شغل مناصب قيادية أخرى كحقيبة وزارة الداخلية والوزارة الأولى في حقبة تاريخية صعبة.

قبل أن يحمل حقيبة وزارية، عينه محمد الخامس عاملا على أكادير بعد الزلزال الذي ضربها سنة 1960، رافقته زوجته الفرنسية شامة في المهمة وكانت تنام في خيمة ميدانية، بل إنها دفعت زوجها العامل لتبني المقاربة النفسية في ترميم معنويات ضحايا الفاجعة.

نعود إلى تيريز أو شامة الزوجة، فقد منحها الملك محمد الخامس الجنسية المغربية، وهي التي تزوجت وزيرا وأنجبت وزيرا، وظلت رفيقة لزوجها راعية لأبنائها حتى في كبرهم، إلى أن توفيت في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان الموافق لسنة 2007، بعد مرض عضال، ودفنت في مقبرة الشهداء إلى جانب قبر زوجها امحمد.

 

 

هيلين.. زوجة اليوسفي التي يخشى السياسيون مذكراتها

 

منذ أن استقال من السياسة، واختار المغادرة الطوعية في مسكنه بمدينة كان الفرنسية، أصبحت زوجته ماري هيلين اليوسفي، مستشارته وممرضته وسكرتيرته الخاصة، بعيدا عن صخب الحياة السياسية المغربية. لذا ما أن أعلنت عن انشغالها بكتابة مذكراتها، حتى أصيب كثير من الفاعلين السياسيين بنوبة إسهال، سيما أمام الصمت المخيف لرفيقة درب اليوسفي.

تعتبر هيلين العلبة السوداء للقيادي الاتحادي والوزير الأول الذي قاد تجربة التناوب التوافقي سنة 1998، لذا كانت تصر على تسميته بالعم عبد الرحمن، وهي التسمية التي أطلقها عليه الملك الحسن الثاني حين قدمه لأول مرة لولي عهده الملك الحالي للبلاد محمد السادس.

حتى في تنقلاته، حين كان مسؤولا حكوميا، فإن هيلين تظل حاضرة في الجناح المخصص لزوجها، تحرص على منحه جرعات الدواء في وقتها وتعينه على اختيار ملابسه، بذوق رفيع وهي القادمة من عمق الحضارة اليونانية رغم جنسيتها الفرنسية، ورغم تقدمها في السن إذ تفوق التسعة عقود من الزمن. لكن الآية تنقلب ويتحول عبد الرحمن إلى ممرض رئيسي للزوجة سيما بعد أن تعرضت لكسر في إحدى قدميها جعله يرافقها طيلة فترة العلاج والنقاهة مؤجلا كل الالتزامات.

قالت هيلين إن عبد الرحمن ندم أشد الندم لعدم اتخاذه قرار الاستقالة مباشرة بعد تعيين إدريس جطو وزيرا أول للحكومة، رغم حصول حزب اليوسفي على أغلبية في الانتخابات، ومع ذلك لا تفضل هيلين الظهور إلى جانب زوجها في لقاءاته الصحفية بما فيها حتى تلك التي تجرى بمقر سكناه.

ولأنهما لم يرزقا بأبناء، فإن عبد الرحمن وهيلين يعوضان هذا الخصاص الوجداني بزيارة أصدقاء العائلة في كان ونيس، ويدمنان على القراءة والأسفار، علما أن الزوجة اليونانية الأصول رافقته في كثير من رحلاته إلى عدد كبير من دول المعمور كالهند والصين والأردن وباكستان والولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج ودول جنوب الصحراء.

لكن أصعب الأيام هي التي قضتها هيلين مع زوجها في المنفى حين كان ممنوعا من دخول المغرب، قبل أن تنفرج الأزمة وترافقه على متن الباخرة سنة 1981 إلى بلاده حيث التقى بوالدته بعد طول غياب.

وعلى الرغم من المغادرة الطوعية للعمل السياسي، إلا أن هيلين التي ترد على المكالمات الهاتفية كانت سعيدة بتلقي مكالمة من ملك البلاد محمد السادس أثناء احتفال زوجها عبد الرحمن بعيد ميلاده التسعين في الرابع من مارس من العام الماضي.

بعد وفاة اليوسفي قدمت هيلين عبارات العزاء للملك محمد السادس في وفاة زوجها، وفي اليوم الموالي نفذت وصيته التي أعلن فيها عن تحويل بيته إلى متحف.

 

مكالمة أسقطت الوزير حميش في حب فتاة بالسفارة اليونانية

 

قادت الصدفة بن سالم حميش، وزير الثقافة الأسبق، إلى قدره المحتوم و”ورطته” في اعتقال بقفص الزوجية، بعدما سقط صريعا أمام نبرات صوت نسوي ينساب من سماعة الهاتف. لم يكن بن سالم يعتقد أن مكالمة هاتفية مع موظفة في السفارة اليونانية بالرباط ستقوده إلى المعتقل الذهبي، فالرجل وإن كان رجل فكر وسجال وبوليميك بامتياز، كما ينعته أصدقاؤه داخل الاتحاد الاشتراكي، فإنه ظل يحاول نسج علاقات إنسانية مع محيطه ومعارفه.

ذات صباح اتصل بن سالم بالسفارة اليونانية في الرباط، استفسر مستشارة ثقافية في التمثيلية الديبلوماسية، عن بعض الأمور التي كانت تشغل باله، سيما وأنه عاشق ومتيم بأرض الفلاسفة، وقبل أن ينهي المكالمة شعر بجاذبية غريبة نحو الصوت النسوي.

ولأن “رب صدفة خير من ألف ميعاد” فقد استسلم بن سالم لقدره، وأصبحت المكالمة مقدمة للقاءات أخرى حولت الروائي إلى بطل لرواية رومانسية. تحولت المكالمة لمقترح موعد انفرادي بدأ بمصافحة ونظرة فابتسامة فموعد للزواج، بين المفكر حميش وفتاة تنتمي إلى اليونان، الدولة التي كانت منبع الفلسفة وصنبور الفكر، وتعمل زوجة بنسالم كمستشارة في سفارة اليونان بالرباط. وصحيح أن مكالمة هاتفية جمعتها بابن سالم لكن الطرفين اكتشفا، مع توالي اللقاءات، أن ما يجمعهما أكثر من عشق “ديبوماسي” ولد على حين غرة في سفارة أو طبائع متوسطية، بل مشروع علاقة زواج.

تبين للمستشارة أن مقامها في المغرب قد يتجاوز كل التوقعات، وأن القدر ساقها إلى بيت زوجية انصهرت فيه الحضارة اليونانية بالتقاليد المغربية، بعد زفاف على الطريقة المغربية تحولت “يوتا” إلى ربة بيت مغربي، ولأنها كانت تريد لهذه العلاقة خاتمة جميلة فقد أثمرت ولدا وبنتا، وبفضل هذا الزواج أيضا اطلع بن سالم حميش على اللغة والثقافة اليونانيتين، إذ أصبح يجيدها بالإضافة إلى لغة الضاد، ولغة فولتير، وشكسبير.

ظل بنسالم يتردد على اليونان سنويا لقضاء عطلته السنوية، الاستثناء الوحيد هو صيف سنة 2009، الذي لم يكن كسابقيه، بعد أن ألغى كل مشاريعه إثر تعيينه وزيرا للثقافة، حيث دعي على وجه السرعة للتوجه إلى الحسيمة حيث تسلم تعيينه من يد ملك البلاد محمد السادس.

ومن المفارقات الغريبة، في ارتباط بن سالم بيونانية، أن الرجل ظل متيما بالفلسفة اليونانية حافظا عن ظهر قلب لرموز الفكر اليوناني، إذ بعد حصوله على شهادة الإجازة في الفلسفة وعلم الاجتماع من كلية الآداب بالرباط (1970)، سافر إلى فرنسا وعاد من جامعة باريس بدبلوم الدراسات العليا في الفلسفة (1974). كما درس هذه المادة حين كانت محظورة، بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط.

 

كراس الزاهيدي.. زوجة برتغالية رافعت نيابة عن زوجها

 

نسي الناس مولاي الزين الزاهيدي، الوزير الأسبق والرئيس السابق لبنك القرض العقاري والسياحي، ولولا قصاصة أنباء كشفت عن وفاته لسقط الرجل من الذاكرة، بعد أن اختار المغادرة الجبرية لوطنه. لم يكن الزاهيدي مجرد مدير اختار الهروب بعد أن طوقته الأسئلة المقلقة. بل كان رجل دولة إذ شارك في حكومة كريم العمراني الثالثة والرابعة والخامسة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، إذ شغل منصب وزير الشغل والإنعاش الوطني في الفترة ما بين 1983-1985، ثم وزيرا منتدبا للشؤون الاقتصادية ما بين 1985-1992، وتولى كذلك وزارة الصناعة والتجارة والخوصصة من سنة 1992إلى سنة 1993.

من منا لا يذكر مولاي الزين الزاهيدي زعيم الروتاري في الثمانينات، وصاحب المبادرات الاجتماعية “الهاي كلاس”؟ لقد كان الرجل أحد خدام الدولة الأساسيين في حكومات عهد الحسن الثاني، لكن عبوره في “السياش” بعثر كل أوراقه، ما اضطره إلى الاختفاء عن الأنظار في المغرب أولا قبل أن يتدبر وسيلة للهروب إلى شبه الجزيرة الإيبيرية حيث استقر ما بين إسبانيا والبرتغال، بحكم زواجه من برتغالية تدعى “كراس”.

بدأت معاناته حين حلت لجنة برلمانية صيف سنة 2000 بالبنك الذي يرأسه، لتحقق في اختلالات في التدبير المالي لهذا المرفق المالي، لكن تقرير اللجنة البرلمانية أقر بوجود اختلاسات ومخالفات في الفترة ما بين 1985 و1999، ما أدى إلى عرض الملف على القضاء والذي حكم غيابيا على مولاي الزين الزاهيدي بعشر سنوات سجنا نافذا، إذ توبع ومن معه، بجنحة استغلال النفوذ والمشاركة في تبديد أموال عمومية.

في سنة 2002، أجرت “لوجورنال” حوارا مع زوجة مولاي الزين الزاهيدي، المدير السابق للقرض العقاري والسياحي، وكان مختفيا في مكان غير معلوم لم تفصح عنه المجلة برغبة من الزوجة البرتغالية، كشف خلاله عن أقواله أمام لجنة تقصي الحقائق البرلمانية وأمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، مشيرا إلى أن أقواله لم تؤخذ بعين الاعتبار، خاصة بعد أن وضع النقط على حروف ملف المشروع السياحي “كثبان النخيل” الذي شكل الجزء الأكبر في المساءلة.

ويبدو أن زوجة الزاهيدي البرتغالية الجنسية، هي التي نسقت مع “لوجورنال” كي يكشف الحوار عن وثائق من جهات نافذة ظلت تطالب زوجها بتليين المساطر مع البعض.

 

بياتريس.. زوجة وزير ورئيس جامعة وأم متوجة بجائزة “الكونغور”

 

 

 

ولد عثمان السليماني بفاس يوم 13 أكتوبر 1941. ينحدر عثمان من بيئة متواضعة، وقد استفاد من منحة لدراسة الاقتصاد في فرنسا. وعند إتمامه لدراسته، قرر العودة إلى المغرب، حيث تفرغ للخدمة المدنية، قبل أن يصبح إطارا في وزارة المالية.

في عام 1976، تقلد منصب رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، خلال نفس سنة فوز المنتخب المغربي بكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 1977. وما بين 1977 و1979 عينه الحسن الثاني في منصب وزير الدولة للشؤون الاقتصادية في حكومة أحمد عصمان.

من 1979 إلى 1993، تولى منصب الرئيس التنفيذي للقرض العقاري والسياحي. وكان متابعا قضائيا منذ عام 2001 من قبل لجنة التحقيق بسبب “مخالفاته” في المصرف، مصرا على براءته.

خلال فترة دراسته في فرنسا، ارتبط عثمان بفتاة تدعى “بياتريس” التي كانت عائلتها تقطن في مدينة ستراسبورغ على الحدود الفرنسية الألمانية، والدتها “أن رتش دهوب” دفعت ابنتها “بياتريس”، التي ستصبح زوجة الوزير عثمان السليماني، لدراسة الطب.

لوالدة زوجة عثمان قصة عجيبة مع المغرب، هي من مواليد ألمانيا سنة 1921، وخلال الحرب العالمية الثانية ستتعرف على عسكري مغربي كان يقاتل في ألمانيا مع الحلفاء ضد النظام النازي يدعى لخضر دهوب، فعاشت معه قصة حب كللت بالزواج.

في سنة 1946ٍ سيعود لخضر إلى المغرب وتحديدا إلى مدينة مكناس ليشرف على ضيعة صغيرة كانت في ملكية عائلته، هناك ستتعلم اللغة العربية وستتحول إلى فلاحة وهي التي كانت تمني النفس بدارسة الطب، بعد اشتغلت كمتطوعة في الصليب الأحمر خلال الحرب العالمية الثانية. نضالها وكفاحها وحبها للمغرب مكنها من الحصول على وسام ملكي، بل إنها أصرت على أن تدفن في مقبرة القرية.

حين فازت ليلى السليماني، نجلة عثمان، بجائزة “الغونكور”، أرقى وأعرق جائزة أدبية تمنح في فرنسا، عن روايتها “أغنية هادئة”، خص الملك محمد السادس الكاتبة المغربية المقيمة بفرنسا، ببرقية تهنئة، أعرب فيها عن أحر تهانيه لها “على هذا التتويج الأدبي الكبير، تقديرا من هذه الأكاديمية العريقة لتميز هذا العمل الروائي”.

حين توفي عثمان بسرطان الرئة مباشرة بعد العقوبة القضائية، لكن قبل هذا التاريخ وتحديا في يناير 2010، حكمت محكمة الاستئناف بتبرئته من جميع التهم الموجهة إليه.

ظلت ليلى السليماني نجلة الوزير السابق عثمان السليماني، ووالدتها تدافعان من أجل استخلاص براءة إنسانية قبل البراءة القضائية.

كشفت ليلى السليماني للملك عن مسارها الدراسي والعائلي، وقالت إنها قد درست بباريس في المدرسة العليا للتجارة، قبل أن تلتحق بمجال الإعلام، حيث اشتغلت بمجلة “جون أفريك”، وأنها نجلة عبد الكريم السليماني الرئيس السابق للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. وكيف أن التاريخ زج به إدريس البصري في السجن في قضية اختلاس، قضى أربعة أشهر خلف القضبان ثم انتزع البراءة وتحول إلى جسد يتربص به المرض قبل أن يحوله إلى جثة هامدة.

 

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى