شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرسياسية

وهبي يرفض تعديل مدونة الأسرة لإثبات «زواج الفاتحة»

أشخاص يتحايلون على المدونة لتعدد الزوجات والزواج بالقاصرات

محمد اليوبي

 

علمت «الأخبار»، من مصادر مطلعة، أن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، رفض التجاوب مع مطالب بتعديل المادة 16 من مدونة الأسرة، لتمديد آجال توثيق «زواج الفاتحة» لمدة خمس سنوات أخرى، بعد انتهاء الفترة الانتقالية قبل ثلاث سنوات، وبرر الوزير ذلك بوجود تحايل على هذه المادة للزواج بالقاصرات وتعدد الزوجات.

وأوضح وهبي، في رد على سؤال كتابي بمجلس المستشارين، أن المادة 16 من مدونة الأسرة شرعت بالدرجة الأولى في معالجة بعض الوضعيات الأسرية التي تتعلق بالزيجات الصحيحة غير الموثقة، وذلك لما فيه مصلحة الأسرة القائمة على زواج غير موثق بصفة عامة، ولمصلحة المرأة والطفل على وجه الخصوص. وذكر الوزير أن تطبيق مقتضيات هذه المادة ينصب على عمل قضائي محض واختصاص حصري للمحكمة التي تقوم، قبل البت في دعاوى ثبوت الزوجية، بالتأكد من توفر الشروط المنصوص عليها في المادة 16 من المدونة، معتمدة كافة وسائل الإثبات ومنها الخبرة، مع الأخذ بعين الاعتبار، حسبما تتضمنه هذه المادة، وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين، ولا تخضع في ذلك إلا لمراقبة محكمة الموضوع الأعلى درجة، وبعدها لمحكمة النقض باعتبارها محكمة قانون.

وأبرز الوزير أنه، في إطار المجهودات المبذولة من طرف الوزارة، عملت منذ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ في سنة 2004 على تحسيس المواطنين المعنيين بضرورة تسوية كل زواج غير موثق داخل الفترة المحددة في المادة 16 المذكورة، من خلال مجموعة من الحملات التحسيسية واللقاءات التواصلية التي نظمتها أو شاركت فيها، وكذا من خلال الجانب الإعلامي والتواصلي، وذلك من أجل تسوية الوضعية القانونية للأسر التي نشأت بناء على عقد زواج حالت أسباب قاهرة دون توثيقه، والحفاظ على حقوق المرأة والطفل على وجه الخصوص وحماية مصالحهم المعرضة للضياع نتيجة عدم وجود عقد زواج موثق، وتطويق ظاهرة الزواج غير الموثق قبل انتهاء الفترة المحددة قانونا في مدونة الأسرة.

وأسفرت هذه المجهودات عن حصيلة إيجابية للأحكام الصادرة بثبوت الزوجية، حسب الوزير، إذ تم تسجيل ما مجموعه 14863 حكما سنة 2016، و13440 حكما سنة 2017، و13088 حكما سنة 2018، و5044 حكما سنة 2019، و322 حكما سنة 2020، و258 حكما سنة 2021. وأوضح وهبي أن عدد هذه الأحكام يعكس عدد الأسر التي تمت تسوية وضعيتها القانونية، ونبه إلى أن مقتضيات الفقرات الثانية والثالثة والرابعة من مقتضيات المادة 16 من مدونة الأسرة، انتهى العمل بها في الأسبوع الأول من فبراير 2019.

غير أنه، يضيف الوزير، وعلى مدى 15 سنة من تتبع تطبيق المادة 16 من مدونة الأسرة، تبين أن مقتضياتها، إذا كانت شرعت لغايات نبيلة مكنت من تسوية وضعية العديد من الأسر، فإن بعض الأفراد استغلوا وبسوء نية هذه المقتضيات للتحايل على القيود المفروضة على بعض أنواع الزواج في إطار التعدد الذي يتطلب إذن المحكمة، والزواج دون سن الأهلية الذي يتطلب إذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج، قبل إبرامهما، فأصبحوا يعمدون إلى وضع المحكمة أمام أمر واقع «يضطرها» إلى قبول طلبات توثيق هذه الزيجات حفاظا على مصالح وحقوق الأطفال بصفة خاصة، مشيرا إلى أن هذه المادة فتحت بابا استثنائيا لما يسمى بسماع دعوى ثبوت الزوجية لمدة 5 سنوات، وتم تمديدها مرتين انتهت آخرها في فبراير 2019، ومع ذلك فإن مدة 15 سنة لم تكن كافية للقضاء على هذه الظاهرة، حيث مازال العديد من الأزواج لم يوثقوا عقود زواجهم بشكل قانوني وطبقا لمقتضيات مدونة الأسرة، كما توصلت الوزارة بملتمسات من مواطنين يرغبون في فترة زمنية أخرى لتسوية وضعيتهم الزوجية.

وأكد وهبي على أن تسوية وضعية هذه الفئة من المواطنين الراغبين في توثيق عقود زواجهم، تظل محل نقاش داخل الحكومة وعلى مستوى مؤسسة البرلمان لإيجاد صيغة ملائمة للحفاظ على استقرار الأسرة، وضمان حماية حقوق الزوجة والأطفال المولودين في إطار علاقة زواج غير موثق، ودراسة مدى إمكانية فتح أجل جديد لمعالجة ظاهرة توثيق الزواج وبالتالي الإبقاء عليها أو حذفها، أو تقييدها بعدم استعمال مقتضياتها لمباشرة مسطرة تزويج القاصر وتعدد الزوجات.

وتنص المادة 16 من مدونة الأسرة على أنه إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات، وكذا الخبرة، ويعمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس عشرة سنة، ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، وانتهت هذه الفترة، خلال سنة 2019، حيث كانت الصيغة الأصلية لهذه المادة تنص على إعمال ثبوت الزوجية لمدة خمس سنوات من صدور المدونة أي من سنة 2004 إلى غاية سنة 2009، وبعد ذلك تم تعديل هذه المادة وتمديد الأجل من 2009 إلى غاية سنة 2014، وتم تمديده للمرة الثانية إلى غاية سنة 2019 .

وتبين، من خلال الممارسة العملية، أن بعض الأشخاص يستغلون هذه المادة للتحايل على المقتضيات القانونية المتعلقة بتعدد الزوجات أو بزواج القاصرات، حيث يعمدون بعد رفض طلباتهم المتعلقة بالتعدد أو بزواج القاصر إلى فرض الأمر الواقع من خلال إقامة مراسم الزواج بالفاتحة دون توثيق العقد لدى العدلين، وبعد ظهور الحمل لدى الزوجة يتم تقديم طلب إلى المحكمة لإثبات الزوجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى