
يونس جنوحي
لو علمتم مقدار الأرباح التي تجنيها بعض المواقع الإلكترونية خارج المغرب، بالدولار من فضلكم، عندما تهتم بمواضيعنا لدى القراء الأجانب حول العالم، فسوف تندهشون بالتأكيد.
والمثير أن المواضيع التي تدر الأرباح على هذه المواقع، تتعلق بالعادات والتقاليد في المغرب، والوجهات السياحية. ومنها مواضيع تعود إلى سنة 2010، ولا تزال تظهر في محركات البحث في أشهر المواقع السياحية عبر العالم. وهذا يعني أن أصحاب هذه المواقع يربحون من تلك المواضيع منذ ذلك التاريخ.
وطبعا هناك معلومات كثيرة مغلوطة عن المغرب في هذه المنصات. مغالطات تتعلق بالمسافات بين المدن ووسائل السفر بينها. كما أن هناك محاولات لتوجيه السياح إلى وجهات بعينها نحو مشاريع سياحية مملوكة لأجانب في المغرب، منهم الفرنسيون والبريطانيون الذين اقتنوا دور ضيافة في مراكش وتارودانت وغيرها من المدن السياحية.
إذ أن هؤلاء يدفعون مقابل مقالات باللغة الإنجليزية تحث السياح على زيارتهم، وأحيانا تكون تلك التجارب غير سارة لبعض السياح، خصوصا عندما يكتشفون أن الأمر يتعلق بدار ضيافة يملكها أجنبي ويؤكد الحجز فيها عن طريق هذه المواقع، دون أن يكون هناك أي وسيط سياحي مغربي في العملية.
فهناك بعض المنصات الافتراضية المتخصصة في نصائح السفر والوجهات السياحية، تحقق زيارات يومية تصل إلى 200 مليون زيارة يوميا من مختلف دول العالم. وهذا رقم كبير جدا، ويعكس مدى أهمية هذه المنصات في التأثير على مستقبل السياحة، ليس في المغرب فقط وإنما عبر العالم.
هناك أيضا وكالات إسبانية تجني الملايين من خلال بيع برنامج سياحي عن المغرب مدته 12 ساعة فقط. وهذه الوكالات الإسبانية تبيع صورة المغرب للسياح الأجانب الذين يزورون الجنوب الإسباني، حيث يدعونهم إلى التعرف على إفريقيا في نصف يوم فقط ويعرضون رحلة بحرية وجولة في المدينة القديمة بطنجة يتخللها كأس شاي منعنع في المدينة القديمة، ويحاولون التأثير في هؤلاء السياح حتى لا يشتروا أي شيء من محلات المغاربة بدعوى انتشار «النصب السياحي»، ويعودون إلى الميناء في المساء ليكملوا برنامجهم السياحي في إسبانيا.
وهذا الأمر، حسب مصادر مطلعة جدا، جعل بعض المستثمرين في السياحة بالمغرب، يتوجهون إلى إسبانيا ويلتقون بمُلاك وكالات الأسفار والفنادق المصنفة، وعرضوا عليهم ما يشبه شراكات. إذ أن المستثمرين المغاربة، خصوصا بعض مُلاك «البازارات»، عرضوا قبل وباء كورونا على وكالات سفر إسبانية مبالغ مهمة مقابل توجيه سياح أجانب أثناء زيارتهم إلى إسبانيا لكي يزوروا المغرب ويضعون في برنامج الرحلة زيارات إلى محلات هؤلاء المستثمرين المغاربة.
لكن المشكل أن هؤلاء الناس دفعوا الملايين لملاك وكالات الأسفار والفنادق، ومباشرة بعد ذلك شلت «كورونا» معالم الحياة عبر العالم وألغي موسمان سياحيان على التوالي منذ ظهور الوباء، وهذا ما زاد طبعا من تعميق معاناة هؤلاء المستثمرين المغاربة.
تأملوا ماذا كان سوف يقع لو أن المغرب استثمر في موضوع الدعاية عبر هذه المنصات التي تحاول بعض الدول أن تُزيحنا منها.
لقد ولى زمن المكائد السياسية في المؤتمرات الدولية، حيث كانت دول تحرض بعضها البعض ضد دول أخرى، مثل ما كانت تفعل معنا الجزائر في المحافل الدولية. نحن نعيش الآن في زمن تسيطر فيه التعليقات والنقرات على السياسة وعلى المخططات الوزارية. حتى أن بعض الجزائريين في هذه المنصات يتمنون قضاء عطلهم في المغرب، في فضح كبير لما تروجه الآلة الإعلامية عندهم.
كانت التظاهرات الدولية مثل الألعاب الأولمبية وكأس العالم لكرة القدم وأحيانا أسماء بعض مشاهير الفن، هي الدعامة الكبرى للدعاية السياحة لدى بعض الدول. لكن الآن في عهد الخيارات الذكية، الغلبة تكون لمن يسيطر على منصات التواصل، وحاليا إعلانات الوجهات السياحية في المغرب تظهر في أعلى اللوائح، وتتحدث عنها الأرقام.



