حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الأموال السوداء

هناك أموال سوداء ضخمة، يتم تحريكها في الخفاء وتبييضها في عقارات ومشاريع خدماتية كبيرة، وتشييد فيلات فخمة للكراء وشراء سيارات فاخرة، والتنافس في الأعراس التي تستعرض الثراء الفاحش والنفوذ والتباهي بخرق القانون، في ظل التهرب من أداء الضرائب واستغلال انتشار فوضى القطاعات غير المهيكلة، وتعثر التشريعات القانونية الخاصة بمحاربة الإثراء غير المشروع، واستمرار التعامل المالي نقدا وتجنب المعاملات البنكية أو بالشيكات لسهولة مراقبتها من قبل الجهات المعنية.

وطبعا فإن هناك لوبيات تستفيد من المعاملات المالية السوداء، وتضع قوانين خاصة بها في المنافسة والديون بدون توثيق أو بشيكات على سبيل الضمان وخرق القانون، كما تخترق هذه اللوبيات جهاز المنتخبين وتفسد العملية الانتخابية، لتحقيق أجندات خاصة وحماية مصالحها بطرق ملتوية.

وعندما نقول محاربة الرشوة والفساد داخل المؤسسات وفي الصفقات العمومية، والقطع مع التهاون في جمع الضرائب التي بدونها لا يمكن الرفع من مستوى التنمية، والتطبيق الأمثل للقانون الذي يجب أن يسري على الكل، فإن لوبي المعاملات المالية السوداء يأتي على رأس الجهات التي تقاوم كل عمليات الإصلاح وتعمل بطرق خفية على إجهاضها من خلال بعث مؤشرات تفيد باستحالة الهيكلة وفرض الأمر الواقع بالنسبة لعلاقة المال الأسود بالجاه والنفوذ والإفلات من العقاب وإظهار التحكم والسيطرة في مجالات متعددة.

إن الأموال السوداء تساهم في تعطيل الإصلاح المنشود، وتستفيد من عائداتها فئة قليلة فقط، وتُنعش الفساد وتُغري بخرق القانون واستعراض عضلات النفوذ، كما أن اللوبيات المستفيدة تدفع في اتجاه تطبيع المجتمع مع الخروقات والتجاوزات والقبول بها، وإغلاق كافة الآفاق المستقبلية في التغيير وتصويره على أنه من المستحيلات.

ويبدو أن البعض مازال يحن إلى الماضي ولا يقبل القطع مع مظاهر الفساد والاتجار في الممنوعات، بإقامة أعراس استعراضية تنفق فيها الأموال السوداء بسخاء كبير، ويتم فيها استعراض خرق القانون كعربون على النفوذ والتحكم، وإرسال رسالة مفادها أن القيم والقانون لا تساوي شيئا أمام المال مهما كان مصدره، والحقيقة غير ذلك طبعا.

في مغرب الغد لا مكان للفاسدين، والدولة فتحت مشاريع كبرى للهيكلة، ويجري تتبع كافة المعاملات المالية، ومحاربة تبييض الأموال وتفكيك شبكات الممنوعات التي لها ارتباط وثيق بفيروس الرشوة واختراق مسؤولين ومنتخبين، ومنح صورة سيئة جدا عن الإصلاحات الكبرى وما تطمح إليه الملكية من عدالة اجتماعية وتجويد حياة المواطنين وإصلاح القضاء وتكافؤ الفرص وفق ما جاء في دستور المملكة.

من المطلوب أن يكون لدينا الكثير والكثير من رجال المال والأعمال، وندعم المقاولات الشابة لتحلق في فضاء الاستثمارات وتحقيق الأرباح والرفع من تشغيل اليد العاملة، ونشجع استقطاب رؤوس الأموال وضمانات تنميتها والاستفادة من الاستقرار الذي تعيشه البلاد على كافة المستويات، لكن كل ما سبق ذكره يجب أن يكون في إطار الهيكلة وأداء الضرائب، والمعاملات المالية القانونية، وهو الشيء الذي لا محالة سيساهم في الحد من الفساد والرشوة وارتباطهما بالأموال السوداء التي يُغري بريقها وفي تقلباتها سم زعاف، يقتل القانون بدون رحمة ويُميع دور المؤسسات ويكسر ثقة المواطن فيها وفي العدالة.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى