
عُقد في العاصمة التركية أنقرة، الأسبوع الماضي، اجتماع لأحزاب المعارضة التركية عُرف باسم «طاولة الستة»، وضم 6 أحزاب معارضة، هي: «الشعب الجمهوري» برئاسة كمال كليتشدار أوغلو، وهو حزب المعارضة الأكبر في تركيا، ولديه أكثر من ثلث أعضاء البرلمان، كما أنه قدم منافسا في الانتخابات السابقة للرئيس التركي أردوغان، وحصل على 37 في المائة من أصوات الناخبين، وحزب «الجيد» برئاسة ميرال أكشينار، و«الديمقراطية والتقدم» برئاسة علي باباجان، وحزب «السعادة» ذو التوجه الإسلامي الصريح برئاسة تمل كارامولا أوغلو، و«المستقبل» برئاسة أحمد داوود أوغلو، وزير خارجية تركيا الأسبق، والذي كان مؤيدا لأردوغان قبل أن يعارضه، وأخيرا الحزب «الديمقراطي» برئاسة جولتكين أويصال.
وقد أصدرت هذه الأحزاب وثيقة سمتها تحالف مبادئ، وهي ليست تحالفا انتخابيا، وتضمنت خريطة طريق تنوي الأحزاب تطبيقها في حال الفوز بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقررة في 14 ماي المقبل، وحملت عنوان: «مذكرة التفاهم بشأن السياسات المشتركة» من أجل التحول إلى النظام البرلماني المعزز، وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، وتعزيز الديمقراطية والحريات ودولة القانون، وإصلاح الاقتصاد، وتصحيح أخطاء السياسة الخارجية.
وحددت الوثيقة – التي وقعت في 244 صفحة، وتضمنت 2300 هدف مشترك تحت 9 أبواب و75 عنوانا فرعيا- مبادئ عمل الأحزاب الستة في مجالات «القانون والعدالة والقضاء»، و«الإدارة العامة»، و«مكافحة الفساد والشفافية والتدقيق»، و«الاقتصاد والتمويل والتوظيف»، و«العلوم والبحث والتطوير والابتكار»، و«ريادة الأعمال والتحول الرقمي»، و«السياسات القطاعية»، و«التعليم والتدريب»، و«السياسات الاجتماعية» و«السياسة الخارجية والدفاع وسياسات الأمن والهجرة».
ورغم الجهد العلمي الكبير الذي بذلته أحزاب المعارضة التركية في تقديم مشروع بديل لحكم أردوغان شمل قضايا جديدة لم تعتد عليها أحزاب كثيرة في دول الشرق الأوسط، فإن التحول المثير للاهتمام، وربما النقد، هو دعوتها إلى الانتقال إلى النظام البرلماني، حيث نصت الوثيقة على تعزيز سلطة البرلمان، وإلغاء حق النقض (الفيتو)، الممنوح لرئيس الجمهورية حاليا في ظل النظام الرئاسي، ومنحه فقط الحق في إعادة القوانين إلى البرلمان، حال اعتراضه على بعض المواد، وسيكون الحصول على إذن من البرلمان إلزاميا لرفع الدعاوى القضائية المتعلقة بإغلاق الأحزاب السياسية، وسيتم إنشاء هيئة لمكافحة الفساد بالبرلمان. أما الرئيس فسيتم انتخابه لولاية واحدة مدتها 7 سنوات، على أن يقطع صلته بالحزب الذي ينتمي إليه بعد انتخابه، ولا يعود إلى ممارسة السياسة، بعد انتهاء فترة رئاسته.
ورغم الجهد الكبير الذي بذلته أحزاب المعارضة التركية من أجل توحيد صفوفها وتقديم برنامج بديل للحكم الحالي، فإن العودة إلى النظام البرلماني خطأ كبير، لأنه أثبت أنه كان مصدرا لعدم الاستقرار، وتعثر في تركيا وغيرها من الدول، وأن المطلوب هو التمسك بالنظام الرئاسي الديمقراطي، بأن يكون هناك رئيس منتخب من الشعب لمدتين غير قابلتين للتمديد، بصلاحيات تسمح له بالإنجاز وليس السلطة المطلقة.
عمرو الشوبكي





