
كشف التقرير السنوي للوكالة القضائية للمملكة أن أخطاء تدبيرية لبعض الإدارات تكون لها كلفة مالية ثقيلة على خزينة الدولة، فقد بلغت الأحكام القضائية التي توصلت بها الوكالة، خلال السنة الماضية، ما مجموعه 8963 حكما صادرا عن مختلف محاكم المملكة، في قضايا تكون إدارات الدولة طرفا فيها، ويطالب أصحاب هذه القضايا الدولة المغربية بأداء تعويضات مالية مهمة تقدر بحوالي 10,04 مليارات درهم، في حين وصلت المبالغ المحكوم بها إلى حوالي 3,84 مليارات درهم.
لكن عند افتحاص هذه القضايا، نجد أن أغلبها مرتبط بنزع الملكية، والخطير في الأمر أن بعض المسؤولين يتلاعبون في التعويضات المخصصة لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، من خلال إقامة مشاريع كبرى، دون اتباع المسطرة المعمول بها لنزع الملكية، ما يجعل المتضررين يلجؤون إلى المحاكم الإدارية لطلب الإنصاف.
وهناك وزارات تعرف فوضى عارمة في عدم احترام القوانين المعمول بها، ويلجأ بعض المسؤولين إلى ممارسة الشطط في حق المواطنين، حيث يتم الشروع في إقامة أوراش لمشاريع عمومية، دون تعويض المتضررين من عملية نزع الملكية، ودون اتباع المسطرة المعمول بها، بدعوى أن الأمر يتعلق بمشاريع استراتيجية ذات طابع استعجالي، وهو الأسلوب نفسه المعتمد في أوراش أخرى.
ويبلغ المعدل السنوي لعدد الدعاوى المرفوعة ضد الدولة ما يناهز 30 ألف قضية، نصفها تقريبا يتعلق بالطعن بالإلغاء وبالاعتداء المادي، نتيجة للجوء بعض الإدارات إلى وضع يدها على عقارات مملوكة للغير، من أجل إقامة مشاريع معينة، دون سلوك مسطرة الاقتناء بالمراضاة، أو مسطرة نزع الملكية، وتخص أساسا قطاعات التربية الوطنية والتجهيز والنقل والداخلية.
وهناك اختلالات تشوب تدبير المنازعات القضائية ضد الدولة، بسبب غياب البرمجة والضبط الدقيقين لحاجيات الدولة للعقار، حيث تلجأ الإدارة إلى وضع يدها على عقارات مملوكة للغير، من أجل إقامة مشاريع عمومية، إلا أن وضع اليد هذا يتم في غالب الأحيان في غياب مسطرة الاقتناء بالمراضاة، ودون سلوك مسطرة نزع الملكية المنصوص عليها قانونا، وهذا ما يعرف بالاعتداء المادي على الملكية العقارية، ويتسبب هذا السلوك في نشوب العديد من المنازعات القضائية، التي تفضي إلى إثقال كاهل الخزينة، جراء المبالغ المهمة التي يحكم بها ضد الدولة.
وتسببت أخطاء بعض المسؤولين بالإدارات العمومية في تكبيد خزينة الدولة خسائر مالية كبيرة، بالإضافة إلى ضعف جيش المحامين الذين تتعاقد معهم بعض القطاعات الحكومية للدفاع عنها أمام القضاء.
الأمر نفسه ينطبق على الجماعات الترابية، فإن الأحكام تكلف مبالغ مالية ضخمة، ورصدت تقارير تفتيش وجود تلاعبات في مواكبة الأحكام القضائية من طرف بعض رؤساء الجماعات، ما يجعلهم في موضوع شبهة، بخصوص التواطؤ بعدم استئناف بعض الأحكام الصادرة ضد الجماعات، وما يثير شبهة التواطؤ هو سرعة تنفيذ هذه الأحكام من طرف رؤساء الجماعات، دون استكمال جميع مراحل التقاضي، رغم أن هناك أحكاما قضائية أخرى لا يتم تنفيذها، كما أن العديد من الجماعات الترابية لا تقوم بالطعن في الأحكام والقرارات الصادرة ضدها عن طريق استئنافها، أو نقضها، قبل أن تكتسب قوة الشيء المقضي به.





