حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحية

منطق الثور الهائج 

لم تعد الشروط الديبلوماسية المستجدة التي تواجه الجزائر ووضعها الداخلي المتأزم، تسمح لحكامها بربح مكاسب ديبلوماسية بالشكل الذي خططت له، مقابل أموالها وغازها وأسلحتها، فقد أصبح هامش المناورة لديها ضعيفا إن لم نقل منعدما، خاصة بعد تبدد أحلام الانفصال مع آخر قرار لمجلس الأمن، وإجماع عربي على دعم وحدتنا. أمام هذا الوضع يبقى هامش المناورة وآخر الأوراق المتبقية لدى عسكر الجزائر، هو محاولة الاستفادة مما قد تسمح به غنائم الحرب، لذلك يبحث عسكر الجزائر عن أي قشة لإشعال حرب لن يربح فيها أحد.
إلى حدود الساعة المغرب ملتزم بضبط النفس، مفضلا عدم الانجرار في اتجاه كل أشكال الاستفزاز والتحريض والتهييج والبهتان، فهو يعلم أن حقا أن الحرب ليست نزهة في حديقة ذات يوم جميل، وأن كل الحروب في عمقها عبثية، كلها غير مستحقة، كلها يمكن تفادي حدوثها، لكن إذا فرضت علينا فرضا، فلن نهابها في سبيل الدفاع عن السيادة والوطن. والموقف المغربي واضح وضوح الشمس، فالمملكة لن تنجر إلى حرب مع جارتها الجزائر، وإذا كانت الجزائر تريد الحرب فإن المغرب لا يريدها. وبلدنا لن ينساق إلى دوامة عنف تهز استقرار المنطقة، وإذا كانت الجزائر ترغب في جر المنطقة إلى الحرب من خلال الاستفزازات والتهديدات، فإن المغرب لن يجاريها في العبث، والمغرب لم ولن يستهدف أي مواطن جزائري مهما كانت الظروف والاستفزازات.
هذا لا يعني أن المغرب ينهج سياسة النعامة أو الهروب من المواجهة، أبدا، لكن بلدنا وملكه يدركان أن الحرب بين جارين ليست حربا عادية، بل هي حرب أهلية بين أشقاء، وتعني أن عددا لا يحصى من الأشقاء، الجنود والمدنيين، سيُقتَلون، وربما سيصابون بجروح خطيرة وتشوهات نفسية وبدنية دائمة. وهذا ما يجعل الحرب خسارة للجميع ولن ينتصر فيها أحد. والجزائر واهمة كل الوهم إذا اعتقدت أنها ستعيد بقوة الحديد والنار ما خسرته بالدبلوماسية.
طبعا سياسة عدم الرد على اندفاعة وهوج حكام الجزائر، تثير حنقهم وتجعلهم مثل الثور الهائج الذي يضرب الأرض بأظلافه، قبل أن يهاجم كل ما يوجد في طريقه بدون سبب، فالثور الهائج يعمل وفق منطق يؤسس لسلسلة كوارث لا تنتهي، وفي هيجانه يحاول أن يثير في نفوس المواجهين له مخاوف، مستعينا بحركات لا إرادية خلف الغبار، لكنه في الأخير يسقط صريعا بسلاح التجاهل، أو بطعنة مصارع الثيران إذا اضطر وكان ذلك آخر خياراته.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى