
النعمان اليعلاوي
شهد الحي الجامعي مولاي إسماعيل بالرباط، خلال الأيام القليلة الماضية، سلسلة من الاحتجاجات الطلابية التي شارك فيها عشرات الطلبة المقيمين، تعبيرًا عن تدهور أوضاع الإقامة والخدمات الأساسية، في ظل ما اعتبروه “تجاهلًا مستمرًا” من إدارة الحي لمطالبهم المتكررة. ورفع المحتجون شعارات تطالب بتحسين ظروف العيش داخل الحي، بدءًا من جودة التغذية، مرورًا بالبنية التحتية المهترئة، وصولًا إلى مشكل انقطاعات الماء المتكررة وغياب التدفئة في الشتاء.
وحسب شهادات طلابية فإن الوضع داخل الحي الجامعي لا يليق بكرامة الطلبة الذين يمثلون شرائح اجتماعية محدودة الدخل، ويعتمدون كليًا على خدمات السكن والإطعام المقدمة من الدولة. وأشار عدد منهم إلى أن القاعات الدراسية والمرافق المشتركة أصبحت في حالة متدهورة، مع تسربات مائية، غياب النظافة، وتراجع واضح في جودة الوجبات المقدمة داخل المطعم الجامعي. يقول الطالب يوسف، أحد المقيمين بالحي: “لا نطلب امتيازات، فقط الحد الأدنى من الكرامة… أصبحنا مضطرين لشراء الطعام من الخارج بسبب رداءة الوجبات، بينما لا يملك أغلبنا إمكانيات لذلك”.
وجاءت احتجاجات الطلبة بعد مراسلات وطلبات متكررة وُجهت إلى إدارة الحي، بحسب ما أكدته لجان طلابية. ويعتبر الطلبة أن “الصمت الإداري” تجاه هذه الشكاوى، وعدم تقديم أي توضيحات بشأن الإصلاحات المنتظرة، ساهم في تأجيج حالة الغضب وسط المقيمين، خصوصًا في ظل اقتراب فترات الامتحانات وما تقتضيه من جو ملائم للاستعداد والتركيز.
وفي اتصال أجرته “الأخبار” مع مصدر إداري بالحي الجامعي، رفض الكشف عن اسمه، أوضح أن هناك “صعوبات مالية ولوجستيكية” تعيق الاستجابة السريعة لبعض المطالب، مؤكدًا في الوقت ذاته أن إصلاحات جزئية تمت برمجتها خلال العطلة الصيفية المقبلة، وأن إدارة الحي “تتفهم احتجاجات الطلبة، وتدعوهم إلى الحوار”، غير أن هذه التصريحات لم تقنع ممثلي الطلبة، الذين يرون أن الوعود تتكرر في كل سنة دون أن تجد طريقها للتنفيذ. كما حذّر بعضهم من إمكانية تصعيد الأشكال الاحتجاجية في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، داعين وزارة التعليم العالي والمكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية إلى التدخل الفوري من أجل الوقوف على حقيقة الأوضاع داخل الحي.
في هذا السياق، دعا فاعلون جمعويون وحقوقيون إلى التعامل الجدي مع احتجاجات الطلبة، باعتبارها مطالب اجتماعية مشروعة تعبّر عن فئات شابة تطالب بحد أدنى من ظروف العيش الكريم. كما أشاروا إلى أن استمرار الإهمال داخل الأحياء الجامعية يُسيء لصورة الجامعة العمومية، ويؤثر سلبًا على التحصيل العلمي للطلبة المنتمين للفئات الهشة، معتبرين أن هذه الاحتجاجات هي مؤشر جديد على الحاجة الماسّة لإعادة النظر في منظومة الخدمات الاجتماعية الجامعية، بما يضمن بيئة سليمة ومحفّزة للتعلم، ويُجنب الجامعات المغربية الدخول في دوامات من التوتر والتصعيد في كل موسم دراسي.