شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف التاريخ

الصفحات الساخنة من مذكرات الأمير هاري

باعت أزيد من نصف مليون نسخة في أول يوم لصدورها

«SPARE» التي تعني بالإنجليزية البديل أو الثانوي، أو الواقف في الظل. كلها دلالات ومعان تنطبق على الأمير هاري، الذي اختار الكلمة المختصرة عنوان مذكرات تتناول حياته وطفولته في القصر الملكي وعلاقته بوالدته الأميرة الراحلة ديانا، والملك الحالي تشارلز الثالث.

حياته العاطفية ومغامراته وسلبيات انتمائه إلى أشهر عائلة في أوروبا والعالم، كلها نقاط تناولها الأمير هاري في هذه المذكرات التي حظيت باهتمام كل صحف العالم، حتى قبل أن تُطرح في الأسواق.

لم تكن هذه المذكرات في الحقيقة تحتاج إلى دعاية من قبل الأمير هاري، الذي خصص حيزا مهما من وقته في الولايات المتحدة للترويج لها، من خلال حضوره أشهر البرامج الحوارية لكي يتحدث عن قراره إصدار كتاب عن حياته، ويرفع عن نفسه ما رآه ظلما كبيرا عانى منه منذ طفولته إلى أن تزوج الممثلة الأمريكية الشهيرة «ميغان».

يونس جنوحي:

سيرة أمير بريطاني على الطريقة «الأمريكية»

بقدر ما اهتمت الصحافة البريطانية هذه الأيام بمضامين المذكرات التي اختار لها الأمير السابق هاري، ابن الأميرة الراحلة ديانا والملك تشارلز الثالث، اهتمت نظيرتها الأمريكية، وبعدها الصحافة في العالم، بجوانب من الحياة الخاصة لأشهر أمير حاليا في بريطانيا.

إذ بعد تخليه عن اللقب الأميري، وإعلانه قطع أي علاقة رسمية بالقصر الملكي في لندن، لا يزال «هاري» في نظر البريطانيين والعالم فردا من العائلة الملكية البريطانية، التي تُوجد على رأس أشهر العائلات حول العالم. وبلغة الصحافة، فإن أخبار العائلة مطلوبة جدا على الصفحات الأولى لأشهر المجلات والمنصات العالمية.

هاري الذي تزوج من الممثلة الأمريكية الشهيرة «ميغان»، كاتبا عنوان قصة حب هي الأشهر في القرن الحالي، بعد أن سبقه عم والده الذي تمرد في ثلاثينيات القرن الماضي بدوره وتخلى عن العرش بعد أن كان ملكا لبريطانيا، لكي ينتقل الحكم إلى والد الملكة إليزابيث.

قصة الأمير هاري، الذي رغم تخليه عن لقبه لا يزال أميرا في عيون البريطانيين، بل إن كتاب مذكراته الحالي يحمل اسم «الأمير هاري» وهو ما يعني أن لا وعي الناشر والأمير بدوره، لم يخرج بعد إلى واقع شاب بريطاني تخلى عن لقب ثقيل له وزن تاريخي ضارب في القدم.

الأمير هاري الذي اختار عنوان كتابه لكي يكون كالآتي «SPARE»، وهي كلمة إنجليزية عميقة الدلالة، وتوحي بأن صاحبها يلعب دورا ثانويا في المشهد. وبما أن الكتاب يتعلق بمذكرات فرد من العائلة الملكية، وهو الواقع الذي لا يمكن أبدا للأمير التخلي عنه مثل لقبه، فإن معنى العنوان يحيل على أن «هاري» شخصية احتياطية وثانوية جدا في العائلة. وهي الصورة التي أراد أن يكرسها عن نفسه في هذه المذكرات.

شاب منبوذ ومقصي من أي دور فعلي، ويفرض عليه أن يكون دائما في الظل وألا يعيش حياة طبيعية، بما في ذلك ما يتعلق بالجانب العاطفي والحميمي الذي يخصه.

الكتاب الآن الذي طُبع في أكثر من مليون نسخة، وصل إلى 25 دولة حول العالم، وباع في الساعات الأولى لطرحه 400 ألف نسخة، وهو ما يُترجم تعطش الرأي العام ليس في بريطانيا فقط، إلى معرفة جوانب الظل في حياة الأمير هاري.

المثير أن الكتاب جرت ترجمته إلى الإسبانية والفرنسية في وقت قياسي، وهو ما اعتبره النقاد البريطانيون رغبة من الأمير في اجتياح الصحافة دوليا.

ورغم أن الكتاب كان مبرمجا أن يصدر يوم 10 يناير الجاري، إلا أن خطأ قيل إنه «غير مقصود»، تسبب في وضع النسخة الإلكترونية باللغة الإسبانية على منصات البيع، قبل إزالتها. وهو ما مكن صحفيي «ذي سان» من الاطلاع عليها وتسريب أبرز العناوين عبر صفحاتها، لكي يتسبب الكتاب في زوبعة قبل حتى أن يخرج إلى الأسواق.

الخبراء لم تنطل عليهم حيلة «الأمير هاري»، فقد فطنوا إلى أن التسريب يمكن أن يكون متعمدا، والغرض منه جس نبض الشارع البريطاني قبل نزول المذكرات إلى السوق في نسختها الورقية، ثم «الأونلاين».

وما أكد أن «هاري» فضل الطريقة الأمريكية في العيش، أنه فضل إعطاء الأولوية للصحافة الأمريكية عند خروجه للحديث عن المذكرات قبل صدورها. وهناك أنباء في بريطانيا عن كون الملكة إليزابيث في الأشهر الأخيرة من حياتها لم تتحمل وقع الصدمة، عندما علمت أن حفيدها يعد مذكرات نارية سيتحدث فيها عن أسرار عائلية لا ترغب العائلة في خروجها إلى العلن.

وعلى الطريقة الأمريكية دائما، خرج الأمير هاري في أشهر البرامج الحوارية الأمريكية لكي يتحدث عن كتابه، وبدا واضحا أنه يعلن «حرب مذكرات» على العائلة، خصوصا أن الرأي العام في بريطانيا تساءل عن موارد عيش «هاري» الذي أعلن انفصاله عن الأسرة الملكية وتخليه عن امتيازاته كفرد من أفراد العائلة الملكية ووريث على لائحة الانتظار للعرش البريطاني. وهو ما يرجح أن يكون «هاري» مراهنا على العائدات المالية الضخمة لهذه المذكرات وأثرها الإعلامي، لتقوية حظوظه في البقاء متصدرا الأخبار في بريطانيا لفترة من الزمن.

 

 

طفولة «تعيسة» لـ«أسعد طفل في العالم»

الارتسامات الأولى التي كتبها الصحافيون البريطانيون والأمريكيون، ممن سبقوا إلى الاطلاع على مذكرات الأمير هاري، لا تدع أي مجال للشك بأن الكتاب سوف يخلق زوبعة كبرى في المحطات التلفزيونية والهواتف النقالة. لكن هل سوف ينجح الأمير هاري، الذي غادر طواعية أسوار القصر الملكي منذ سنوات قليلة، في استمالة عواطف الرأي العام؟

تحدث «هاري» في هذه المذكرات عن علاقته بأخيه الأمير ويليام، الوريث الحالي للعرش البريطاني، والذي يعتبر الحفيد المدلل للملكة إليزابيث. وبدا أن هاري كان يعاني من حلوله في الرتبة الثانية على ترتيب سلم العائلة.

وقال في مذكراته Spare»» هكذا بدون تعريف، إن أخاه وليام كان يعنفه، وإنه مرة ضربه وهما طفلان وألقاه أرضا ومزق ياقة قميصه، وتسببت له السقطة المدوية والعنيفة في آثار على ظهره لازمته لفترة.

بالإضافة إلى الأزمات النفسية التي مر بها عندما توفيت والدته الأميرة الراحلة ديانا، في حادث سيارة سنة 1997. إذ إن الطريقة التي علم بها بالخبر، وهي ما سوف نأتي إليها لاحقا، تسببت له في تداعيات نفسية، سيما وأنه تُرك وحيدا لساعات ولم يهتم أحد به، رغم أنه الابن الأصغر للأميرة الراحلة.

يقول هاري إن والده لم يلعب دورا كبيرا في طفولته وإنه قضاها وحيدا ملتزما بالبروتوكول الصارم للعائلة، وإنه لم يحظ بأي علاقة أسرية طبيعية مثل أغلب أبناء الأسر البريطانية المتدينة والتي تقدس الرباط العائلي. بل وأضاف هاري أنه لم يكن يرى والده بشكل مستمر، وأنه بعد وفاة والدته كان يعاني نفسيا من الأخبار التي تُسمع في أروقة القصر عن علاقة والده مع «كاميلا»، التي تزوجها في الأخير.

يقول هاري إنه التقى «كاميلا» في أكثر من مناسبة وهو طفل وكان يلمحها مع والده، وأدرك أن الإشاعات التي سمعها وهو طفل كانت صحيحة. وطلب منها، أي من «كاميلا»، أن تحرص على سعادة والده، كشرط موافقته على زواج والده منها.

ورغم أن «هاري» كان يبدو هادئا في كل الصور التي تتعلق بمرحلة طفولته، والتي تداولتها الصحافة البريطانية خلال السنوات الماضية، إلا أن هذه المذكرات تكشف إلى أي حد كان يعيش «الطفل هاري» مشاكل نفسية معقدة، بسبب وضع العائلة والتقاليد الصارمة داخل القصر البريطاني.

حتى أنه لمح إلى قضائه عددا من المناسبات وحيدا، ومع أشخاص خارج العائلة الملكية، وأنه تعرف لأول مرة على فتيات من خارج القصر وخاض تجارب شخصية، بعيدا عن العائلة.

أما في مرحلة تعرفه على «ميغان»، فقد اعترف هاري بأن أخاه وليام عامله بجفاء شديد، ولم يحترم رغبة أخيه في الارتباط من شابة أمريكية شهيرة من عالم السينما والتلفزيون.

هاري قال إن أخاه وليام وصف «ميغان» بـ«الوقحة» و«صعبة المراس».

كان هذا خلال لقاء ثنائي بين الأميرين، عندما بدأت أولى أخبار ارتباط هاري بميغان تتسرب إلى الرأي العام، حيث نشرت الصحافة البريطانية والأمريكية صورا للقاءات بين الأمير هاري والممثلة «ميغان ماركل». وقال الأمير وليام، ولي عهد بريطانيا الآن، مخاطبا أخاه، إن اختياره خاطئ، وإن «ميغان» لا تصلح له. وفي الوقت الذي حاول فيه هاري استيعاب الصدمة من كلام وليام، نهض الأخير من مكانه ووضع كأسا كان يحملها بيده، واتجه نحو هاري، وأمسكه من «تلابيب» قميصه ودفعه بعنف لكي يسقط هاري على الأرض وتتمزق قلادته.

هذا المشهد يلخص علاقة الأخوين، ابني الأميرة ديانا، واللذين يفترض من الصور الرسمية أنهما متقاربان جدا، ليتضح أنهما عاشا حياتهما في صراع خفي، تسربت مضامينه الآن إلى العالم بسبب هذه المذكرات.

 

 

هل اعتاد القصر الملكي البريطاني على التسريبات؟

ليست هذه المرة الأولى التي يختار فيها فرد من العائلة الملكية البريطانية أن يتحدث إلى العالم عما يقع خلف أسوار أشهر قصر ملكي في العالم. إذ سبق لعم الملكة إليزابيث أن أجرى حوارات صحافية، في خمسينيات القرن الماضي، تحدث فيها من منفاه الاختياري في باريس، عن كواليس تنازله عن العرش لصالح أخيه، والد الملكة إليزابيث، سنة 1936، ودواعي اختياره الزواج من سيدة أمريكية الأصل، لم توافق عليها الأسرة الملكية، ليختار في الأخير الزواج ويتنازل عن العرش.

عندما خرج العم، إدوارد الثامن، ليتحدث عن حياته الخاصة وآرائه التي اعتبرها الإعلام البريطاني جريئة جدا خلال خمسينيات القرن الماضي، كانت الملكة إليزابيث التي خلفت والدها على العرش سنة 1952، تضع أولى قواعد تعاملها مع الصحافة البريطانية بعد وصولها إلى الحكم.

أما ثاني أهم التسريبات التي تتعلق بالحياة الخاصة للعائلة الملكية، فقد كانت في بداية ثمانينيات القرن الماضي، عندما اختار ولي العهد، الأمير تشارلز، التواصل مع عمه الذي تنازل عن العرش، إذ تبادل الاثنان رسائل جريئة عن آرائهما معا في تقاليد العائلة الملكية وبعض الأسرار المتعلقة بالحياة الخاصة للعم ديفيد، أو إدوارد الثامن. وعندما سُربت تلك الرسائل إلى الصحافة قامت الدنيا ولم تقعد، واحتلت مضامينها الصفحات الأولى للصحف والمجلات العالمية، ليس في بريطانيا فقط، وإنما عبر العالم.

لكن أكثر فرد هز العائلة الملكية إعلاميا، هي الأميرة ديانا، والدة الأمير هاري الذي أصدر هذه الأيام بدوره كتابا يتناول حياته، سيرا على خطى والدته.

إذ إن الإعلام البريطاني اعتبر الأميرة ديانا، طليقة الأمير تشارلز، أول من أخرج كتابا مُحرجا جدا للعائلة الملكية. حدث هذا سنة 1992. وقبل صدور الكتاب بسنة تقريبا، خرجت الأميرة ديانا في حوار صحافي مثير على قناة «بي بي سي»، تحدثت فيه، قبل طلاقها، عما أسمته «فظاعة» الحياة خلف أسوار القصر الملكي وعن العزلة التي قالت إنها تعاني منها، وعن التعامل الجاف لأفراد الأسرة الملكية معها.

وخلف الحوار، وبعده الكتاب، ردود أفعال متباينة حول العالم، وحصدت بفضله ديانا تعاطفا كبيرا ووصلتها ملايين الرسائل التضامنية من كل الأصقاع.

فهل يسير الابن هاري على خطى والدته، التي توفيت سنة 1997 في حادث سير كُتب عنه الكثير؟

فمنذ زواج الأمير هاري من الممثلة الأمريكية الشهيرة «ميغان»، وصوره تغزو مجلات أخبار المشاهير ومنصات التواصل الاجتماعي. وعندما أعلن أنه أصدر مذكراته، لم يُصدم أحد. إذ كان متوقعا أن يخرج هذا الأمير الثائر ضد التقاليد القديمة للعائلة، لكي يكتب عن حياته.

هناك الآن شريحة مهمة جدا من البريطانيين لا تهمهم تطورات حياة الأمير خلال السنوات الأخيرة، ويرغبون بشدة في قراءة ما كتب عن طفولته وعلاقته بالأميرة الراحلة ديانا التي ما زالت أية رواية جديدة عنها تحصد اهتمام ملايين المتابعين داخل بريطانيا وخارجها أيضا. وكما كان متوقعا، فإن اهتماما كبيرا حصدته الفقرات التي خص بها الأمير والدته وذكرياته معها، قبل أن تموت في حادث سير وعمره وقتها لم يكن يتجاوز 12 سنة. وكيف تعاملت معه العائلة الملكية بعد أن صار يتيم الأم، وكذا الانطباعات التي تكونت لديه عن والدته، التي كانت أكثر أفراد العائلة الملكية البريطانية شعبية خلال القرن الماضي.

 

الأمير هاري: «والدي لم يعانقني عندما ماتت والدتي ديانا»

ما يؤكده إعلاميون بريطانيون حتى الآن، وهم يُدلون بأولى انطباعاتهم عن مذكرات الأمير هاري، التي باعت أزيد من نصف مليون نسخة في الساعات الأربع الأولى بعد طرحها للبيع، أن الملك تشارلز الثالث سيواجه صعوبة كبيرة جدا في التصدي للاتهامات التي وجهها إليه ابنه هاري، الذي تنازل عن لقبه الملكي وأعلن انفصاله عن العائلة الملكية، قبل حتى أن تتوفى جدته الملكة الراحلة إليزابيث، العام الماضي.

فالملك تشارلز الذي لا يزال يعاني مع البريطانيين لترسيخ شعبيته بينهم، تلقى ضربة مدوية بعد طرح كتاب ابنه للبيع حول العالم.

يقول هاري في مذكراته إن والده تعامل معه بجفاء، وإنه «تركه لقدره»، بل: «كان يتظاهر وكأنني غير موجود أمامه، ولم يجرؤ على أن يبادلنا النظرات ونحن في قمة الحزن على وفاة والدتي ديانا».

الأكثر من هذا أن هاري اعترف في مذكراته بأنه لم يحظ بأي لحظة خاصة مع والده، في الأيام الأولى التي تلت وفاة الأميرة ديانا.

أما كيف استقبل الطفل هاري الخبر سنة 1997؟ فقد كتب يقول إنه كان نائما مثل أي طفل بريطاني في غرفة نومه، قبل أن يدخل عليه والده الذي كان وقتها ولي عهد بريطانيا، الأمير تشارلز، ويوقظه ويخبره وهو في فراش النوم، أن والدته الأميرة ديانا قد توفيت في حادث سير.

هكذا ألقى الوالد ذلك الخبر المدوي على مسامع طفل لم يتجاوز عمره وقتها 12 سنة فقط، وغادر الغرفة. وكتب هاري في مذكراته أن والده لم يعانقه نهائيا، خلال فترة العزاء ولا أثناء الجنازة ولا قبلها. وهكذا يكون هاري قد اتهم والده بالقسوة العاطفية، وقال بشكل مباشر إن والده «لم يكن جيدا أبدا في التعبير الصحيح عن مشاعره في ظروف مماثلة».

الطفولة «القاسية»، رغم أنها كانت خلف أسوار أشهر قصر ملكي في العالم، للابن هاري، تركت ندوبا كبيرة لديه، إلى درجة أنه اعترف في هذه المذكرات بأن علاقته مع أخيه الأكبر، ولي عهد بريطانيا الحالي، الأمير وليام، لم تكن على ما يرام بعد وفاة والدته.

هناك ما يشبه الإجماع، عند مجموعة من الصحافيين البريطانيين والأمريكيين والإسبان، الذين تسربت إليهم النسخ الأولى للكتاب، على أن هاري كان يسعى من خلال هذه المذكرات إلى حصد شعبية أكبر من شعبية أخيه، وأن يحظى أيضا بتعاطف العالم، مقدما نفسه في صورة الطفل المضطهد الذي فقد والدته وأهملته أشهر أسرة في العالم.

إذ اعترف بأنه كان يعاني فراغا كبيرا بعد وفاة والدته، وأنه مر بلحظات عصيبة تخللتها نوبات بكاء، وحيدا في غرفته ليلا، دون أن يجد من يدعمه نفسيا.

أشار أيضا في ثلاث مناسبات خلال هذه المذكرات، إلى أنه كان يحس وهو طفل، بأن مجرد ذكر اسم والدته على طاولة الطعام أو أثناء جلسات شرب الشاي بحضور الملكة إليزابيث، كان يسبب توترا كبيرا في تلك الجلسات العائلية، ويُغير ملامح الجالسين مائة وثمانين درجة.

 

أمير بريطانيا قتَل 25 رجلا من «طالبان»

من بين الجوانب المهمة في مذكرات الأمير هاريرغم أنه أعرب أكثر من مرة في المقابلات الصحافية التي أجريت معه عن رفضه أن يُنادى عليه بلقبه الأميري- تلك التي تتعلق بمشاهداته وانطباعاته عن الحرب في أفغانستان، من خلال تجربة فترة التجنيد الإجباري التي قضاها في الجيش، والتي تعتبر ركيزة مهمة جدا في تكوينه كفرد من أفراد العائلة الملكية في بريطانيا.

يقول هاري إنه ذهب إلى أفغانستان على مضض، رغم أنه لم يخف حماسه للتجربة، خصوصا بعد أن ربط صداقات مع عدد من المُجندين القادمين من مختلف أنحاء بريطانيا وأوساطها الاجتماعية.

يقول الأمير هاري أيضا إنه وجد في انضمامه إلى الجيش فرصة لكي يهرب من الترتيبات التي تفرضها الإقامة داخل المنازل والقصور التابعة للعائلة الملكية، بوجود الحرس والخدم والموظفين والأنشطة والاستقبالات، وهي الأجواء التي لم يكن يطيقها هاري، وينتظر أول فرصة لكي ينسحب منها.

لكن انضمامه إلى المؤسسة العسكرية ولو بشكل مؤقت، كان يخبئ له مفاجآت كثيرة، سوف ترافقه «ندوبها» طوال ما تبقى له من حياته.

يقول هاري، في معرض حديثه عن أقوى اللحظات التي مر بها خلال فترة الخدمة العسكرية في أفغانستان، إنه قتل 25 فردا من طالبان ببرود مستعملا سلاحه أثناء نوبة حراسة، وأرداهم أرضا بهدوء.

كانت الصحافة البريطانية خلال فترة 2010، تهتم جدا بتفاصيل حياة هاري في الجيش. وقد بدا سعيدا جدا وهو يرتدي البذلة العسكرية ويمازح زملاءه الذين كانوا ينحدرون من أوساط عائلية واجتماعية بسيطة ومختلفة. وكان هاري قد أكد في هذه المذكرات أنه لم يحظ أبدا بأية معاملة تفضيلية عن بقية المجندين الذين كانوا في مثل سنه، بل كان يتم التعامل معه بقسوة من طرف رؤسائه، بتوصية خاصة من والده الملك تشارلز.

هذه المعلومات التي أوردها هاري في مذكراته عن المؤسسة العسكرية، اعتبرها الكثيرون مساسا بسمعة جيش بريطانيا المفترض أنه يمثل العائلة الثانية للأمير هاري. بل إن الجنرال تيم كولينز، خرج لكي يصرح للإعلام فور تسريب مضامين هذه المذكرات، ما مفاده أن آراء الأمير هاري لا تمثل بالضرورة المؤسسة العسكرية، وأن تجربته داخلها لا تعني أنها تشبه تجارب المجندين الآخرين، محاولا إبعاد شبهة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية عن الجيش، سيما أن هاري حاول توظيف توصيف «الأبرياء» أثناء حديثه عن الأهداف التي استهدفها الجيش البريطاني، عندما كان يؤدي داخله فترة التجنيد.

تصريحات الأمير هاري جرت انتقادات كثيرة على المؤسسة العسكرية، إلى درجة أن جماعات متشددة دعت إلى ضرورة الانتقام من الجيش البريطاني ودعت إلى استهداف قواعده في آسيا، واتهمته بقتل المسلمين واستهداف الأبرياء.

تجربة الأمير هاري في الجيش كانت تحظى باهتمام الصحافة البريطانية عندما كان يؤدي الخدمة العسكرية، حيث رغبت القنوات التلفزية البريطانية في نقل مشاهد الحياة اليومية للأمير هاري وهو يرتدي البذلة العسكرية في أفغانستان، أو في قواعد أخرى قضى فيها فترة التجنيد. وكان وقتها الأمير هاري وهو يمنح المقابلات الصحافية من قلب الميدان يبدو سعيدا، بل لم يتردد في تبادل النكات مع الصحافيين.

لكنه عندما أخرج هذه المذكرات، بعد قرابة عشر سنوات على فترة التدريب، بدا واضحا أنه كان يخفي وقتها أسرارا كثيرة ومؤلمة عن حقيقة ما يقع في اللحظات التي لم تكن ترافقه فيها الكاميرات، وهو في قلب الميدان.

 

هذا شرط الأمير هاري لكاميلا حتى تتزوج من الملك تشارلز

كما كان متوقعا، هاري لم يضيع الفرصة لكي يهاجم زوجة والده، كاميلا، ويتهم والده بالتخلي عن ذكرى الأميرة ديانا.

يقول الأمير هاري إنه وأخاه الأمير ويليام، ولي عهد بريطانيا الحالي، عقدا لقاءات مطولة مع «كاميلا»، قبل أن تتزوج والدهما وتصبح رسميا عضوا في العائلة الملكية.

لم يشر الأمير هاري في هذه المذكرات إلى عدد المرات التي التقى فيها «كاميلا» التي تزوجت فعلا الأمير تشارلز وأصبحت الآن، بعد وفاة الملكة إليزابيث، في موقع ملكة بريطانيا على اعتبار أنها زوجة الملك. لكنها لم تحظ أبدا بلقب الملكة لاعتبارات تتعلق بالتقاليد الملكية، إذ إن عدم انحدارها من أسرة بروابط تاريخية وألقاب عائلية من النبلاء، حال دون حصولها على لقب الملكة. على عكس الأميرة ديانا التي كانت تنحدر من عائلة من النبلاء، وكان ممكنا لها الحصول على لقب الملكة عند جلوس «تشارلز» على العرش.

يقول هاري إنه طلب من كاميلا أن تعمل على إسعاد والده، كشرط وحيد لكي يوافق على زواج والده منها.

إذ إن هاري، وهو طفل، أدرك أن علاقة عاطفية جياشة جمعت والده بكاميلا قبل أن يتعرف على والدته ديانا، واستمرت العلاقة، حسب ما أكدته الصحف البريطانية، حتى خلال فترة زواج تشارلز من الأميرة ديانا. وبعد وفاة الأخيرة في حادث سير سنة 1997، راجت عنه إشاعات كثيرة، عادت العلاقة بين الأمير تشارلز و«كاميلا».

من النقط المثيرة التي تناولها هاري في هذه المذكرات، قوله إنه كان دائما ينظر إلى كاميلا على أنها «زوجة الأب الشريرة»، قبل أن يدرك، حسب قوله، إنها لم تكن سوى ضحية أخرى من ضحايا التقاليد الصارمة للعائلة الملكية في بريطانيا، وإنه وافق على زواجها من والده حتى تنتهي أجواء التوتر داخل العائلة، خصوصا وأن علاقة والده معها لم تكن سرية في ذلك الوقت.

بدا واضحا أن هذه المذكرات التي صدرت باسم الأمير هاري، الذي أعلن القطيعة منذ سنوات مع كل ما هو ملكي، سوف تبقى أكبر من مجرد محاولة تصفية حسابات مع نظام عائلي يرى فيه هاري آلة عتيقة لا ترحم، بل تصل هذه المذكرات إلى درجة التوثيق للحياة الخاصة لأحد أشهر أمراء العائلة الملكية، سيما أنه سار على نهج والدته، وتناول بجرأة جوانب من حياته الخاصة. وما يؤكد أن البريطانيين، والقراء حول العالم، لا يزالون يرغبون في معرفة كل ما يتعلق بالأميرة ديانا، أن كل القراءات التي أنجزت حتى الآن، باللغتين الإنجليزية والإسبانية، ركزت أكثر على الجوانب المتعلقة بطفولة الأمير هاري، وتجاوزت عشرات الصفحات التي خصصها للقائه بالنجمة الأمريكية «ميغان»، والمصاعب التي واجهها الأمير لكي ينتصر لزواجه منها، ودواعي اتخاذه قرار مغادرة العائلة الملكية لكي ينعم بحياة هادئة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى