محمد اليوبي:
بعد اجتماع مطول عقدته، أول أمس الخميس، حسمت اللجنة المكلفة بمراجعة النظام الداخلي لمجلس النواب في الصيغة النهائية للتعديلات المقترحة على مدونة السلوك والأخلاقيات، وذلك لمحاصرة النواب البرلمانيين المتابعين في ملفات الفساد، تفعيلا للتوجيهات الملكية الواردة في الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى مجلسي البرلمان بمناسبة الذكرى الستين لإحداث أول برلمان بالمغرب.
وصادقت اللجنة التي يترأسها رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، على الصيغة النهائية للتعديلات المقترحة، فيما امتنع حسن لشكر، ممثل فريق الاتحاد الاشتراكي باللجنة، عن التصويت، وبرر موقفه بالانضباط لقرار قيادة الحزب التي عبرت عن رفضها لهذه الإجراءات التي اعتبرها تمس بقرينة البراءة. وطلب العلمي من البرلماني حسن لشكر أن يستشير مع والده إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، قبل الحسم في التصويت، مؤكدا أن مكونات المجلس تريد التوافق بالإجماع على مدونة الأخلاقيات البرلمانية، تفعيلا للتوجيهات الملكية. لكن لشكر الإبن تشبث بموقفه، وصوت بالامتناع عن محاصرة البرلمانيين “الفاسدين”. ومن المنتظر أن يتم عرض النظام الداخلي للمجلس بما فيه مدونة الأخلاق والسلوك، للتصويت في جلسة تشريعية ستنعقد يوم الإثنين المقبل.
وتنص الصيغة النهائية للتعديل على أنه يجب على كل عضو بمجلس النواب صدر في حقه مقرر قضائي بالمتابعة من أجل جناية أو جنحة عمدية تمس بالشرف أو المروءة، أن يمتنع أو يتنحى احترازيا وتلقائيا عن الترشح والمشاركة والحضور للمهام والأنشطة البرلمانية المنصوص عليها في النظام الداخلي، إلى حين صدور قرار قضائي نهائي في الموضوع.
وحدد النظام الداخلي هذه الأنشطة والمهام البرلمانية في الجلسة الافتتاحية للسنة التشريعية التي يترأسها الملك محمد السادس، التي تنعقد يوم الجمعة الثاني من شهر أكتوبر كل سنة، والجلسة الافتتاحية للدورة الربيعية للبرلمان التي تنعقد يوم الجمعة الثاني من شهر أبريل من كل سنة، كما سيتم منع البرلمانيين المتابعين قضائيا من العضوية بمكتب المجلس، ورئاسة أو عضوية مكتب لجنة من اللجان الدائمة، والعضوية في المهام الاستطلاعية المؤقتة، والعضوية في مجموعات العمل الموضوعاتية المؤقتة، والعضوية في لجان تقصي الحقائق.
كما سيتم منعهم من المشاركة في كل نشاط برلماني دبلوماسي أو في الشعب الوطنية الدائمة أو في الوفود البرلمانية المشاركة في الملتقيات الدولية والإقليمية، أو مجموعات الأخوة والصداقة البرلمانية، أو تمثيل المجلس لدى الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية، والترشح لإحدى التعيينات الموكولة لرئيس المجلس في المؤسسات الدستورية وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديموقراطية التشاركية.
وحسب التعديل المقترح، يقصد بكل جنحة عمدية تمس بالشرف أو المروءة، أساساً، كل جنحة متعلقة بالسرقة أو النصب أو خيانة الأمانة أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو اختلاس أموال عمومية أو تبديدها، وينص التعديل على أنه في حالة عدم امتثال البرلماني لهذه المقتضيات بالتنحي تلقائيا من المهام التي يتحملها أو المشاركة في الأنشطة البرلمانية المحددة سابقا، يتخذ مكتب المجلس، وجوباً، تدابير احترازية واحتياطية بعد تنبيه العضو المعني، بعدم قبول ترشيحه ومشاركته وحضوره للمهام والأنشطة المشار إليها سابقا، إلى حين صدور قرار قضائي نهائي.
ويترتب عن كل قرار بالحفظ أو عدم المتابعة أو صدور مقرر قضائي ببراءة العضو المعني بشأن كل متابعة له جارية أمام القضاء، من أجل جناية أو جنحة عمدية تمس بالشرف أو المروءة، الرفع التلقائي والفوري للتدابير الاحترازية المتخذة في حقه بموجب النظام الداخلي للمجلس.
وحسب التعليل المرفق لهذا التعديل، فإن التنصيص في بداية المادة على وجوب أن تأتي مبادرة التنحي من العضو البرلماني المعني لإعطائه الأولوية في الحفاظ على كرامته، وتجنيباً لمكتب المجلس كثرة اللجوء لاتخاذ هكذا قرارات، وذلك عبر التدخل بالمبادرة، والتنصيص على أن قرار المكتب، في حال عدم تنحي العضو المعني، هو إجراء احترازي في شكل قرار تأديبي تحفظي، وليس جزاء، انسجاماً مع قرينة البراءة التي ينص الدستور على أنها حق مضمون، وتفاديا لتحويل مكتب المجلس إلى هيئة تصدر جزاءات هي من اختصاص القضاء، لاسيما وأن الاحتمال يظل مفتوحاً أمام براءة البرلماني المتابع.
وسبق للمحكمة الدستورية أن أجازت بعض مواد النظام الداخلي لمجلس النواب، والذي يلزم كل نائبة أو نائب له مصلحة شخصية ترتبط بمشروع أو مقترح قانون أو لجنة نيابية لتقصي الحقائق أو مجموعة موضوعاتية مؤقتة، أو مهمة استطلاعية مؤقتة، يوجد في حالة تضارب مصالح قد تؤثر على تجرده أو استقلاليته، أن يخبر بذلك رئيس مجلس النواب قبل الشروع في مناقشة مشروع أو مقترح قانون أو القيام بمهمة البحث والتقصي أو مهمة استطلاعية أو طرح القضايا المرتبطة بتضارب المصالح، وفي هذه الحالة يرفع الأمر لمكتب المجلس الذي يتخذ القرار المناسب بهذا الشأن.
ويمنع النظام الداخلي النائبات والنواب استعمال أو تسريب معلومات توجد في حوزتهم بصفة حصرية حصلوا عليها بمناسبة ممارسة مهامهم النيابية بهدف تحقيق مصلحة شخصية أو مصالح فئوية معينة، كما يمنع على كل نائبة أو نائب أن يستعمل أو يسمح باستعمال اسمه، مشفوعا ببيان صفته النيابية في كل إشهار، كيفما كانت طبيعته وصيغته، يتعلق بمنتوج أو سلعة أو خدمة لفائدة شركة أو مقاولة أو تعاونية كيفما كانت طبيعة نشاطها.