
حسن البصري:
ما القيمة المالية للمنحة التي قدمتها الجامعة مقابل حصولكم على الرتبة الثالثة والميدالية البرونزية في دورة أمم إفريقيا 1980؟
ساد جو من الاطمئنان في الوسط الرياضي ببلادنا، حيث وجدنا ترحيبا من المسؤولين ومن الجماهير، فالكرة المغربية كانت تجر أذيال خيبة مباراة الجزائر، والرتبة التي حصلنا عليها في نيجيريا أسعدت إلى حد ما المغاربة لأن المنتخب كان في فترة تجديد والنتيجة، في ظل هذه المتغيرات، تبقى مهمة ونعيد الاطمئنان للاعبين والمسيرين والمتتبعين. بعد أيام وُجهت إلينا الدعوة للحضور إلى مقر الجامعة حيث تسلمنا منحة المركز الثالث قاريا وقيمتها 30 ألف درهم لكل لاعب. ما أن توصلت بهذا المبلغ حتى قصدت شركة للسيارات في الدار البيضاء، وكان ممثلها التجاري اللاعب السابق للرجاء حمان، اقتنيت على الفور سيارة جديدة وعدت إلى دارنا رفقة جارنا بودربالة، وودعت الدراجة النارية لكن والدي غضب مني.
في زمن الهواية، هل وفر لك الوداد وظيفة تضمن بها مستقبلك؟
الوداد، على غرار باقي الفرق المغربية، كان يمارس في ظل الهواية، أي أن اللاعب لا تربطه أي عقدة مع الفريق ولا يمكنه الانتقال إلى فريق آخر إلا إذا استنفد طاقته أو رغب رئيس الفريق في تسريحه. لكن من حسن حظنا في الوداد أننا كنا نتوفر على رئيس يخطط لمستقبل النادي واللاعبين. عبد الرزاق مكوار، من موقعه مديرا لمكتب التسويق والتصدير، عمل على تشغيل العديد من اللاعبين في هذه المؤسسة والشركات المتفرعة عنها. وكان «لوسيوه» سباقا لإنشاء فريق لكرة القدم انطلق من البطولة المهنية وانتهى في القسم الثاني، لكنه، للأمانة، ساهم في حل الكثير من مشاكل الوداد، خاصة في مجال تشغيل اللاعبين، لأن التشغيل كان يعني الاستقرار في زمن لم يكن الاحتراف دخل بعد، لهذا أقول إن الوداد كان سباقا إلى ضمان مستقبل لاعبيه قبل كل الفرق المغربية باستثناء الجيش الملكي الذي كان يشغل لاعبيه في السلك العسكري. بالنسبة لي اشتغلتُ وعزيز بودربالة في مؤسسة بنكية إلى جانب لاعبين آخرين، لأن العمل ضمان للمستقبل.
في ظل الهواية كيف كنت توفق بين العمل في البنك وتداريب ومباريات الوداد والمنتخب؟
جيلنا يتذكر جيدا تلك الحصص التدريبية التي كنا نخوضها في الفترة الزوالية، أي ما بين منتصف النهار والثانية بعد الظهر، وهي الفترة التي تسمح للطلبة وللمستخدمين بإجراء حصة تدريبية والعودة إلى دراستهم وشغلهم. طبعا التدريب ساعة ونصف لا يكفي بدنيا على الخصوص علما أن الفترة التي أتحدث عنها لا وجود فيها للمعد البدني، فالمدرب كان يقوم بجميع الأدوار. لهذا كنت أستيقظ باكرا وأتوجه إلى غابة بوسكورة رفقة صديقي عزيز بودربالة حيث نمارس حصصا من الركض قبل الالتحاق بالبنك، وذلك لتعزيز اللياقة البدنية وعدم الاكتفاء بحصص الفترة الزوالية. في بوسكورة كان يشاركنا أبطال في رياضة ألعاب القوى التداريب ما جعلنا نعوض النقص الحاصل في الحصص الرسمية.
رغم نقص الحصص سيسيطر الوداد على الساحة الكروية في نهاية السبعينات وبداية الثمانيات؟
بوجود الرئيس عبد الرزاق مكوار ومع إطارين من قيمة البطاش والخلفي حقق الوداد ألقابا بالجملة، لأن هذا الثلاثي استفاد من مخزون اللاعبين الذين تكونوا في الوداد، ثم إن البطاش والخلفي لعبا للوداد واحترفا في فرنسا ثم عادا لوضع خبرتهما الميدانية رهن إشارة فريقهما الأم، منحهما مكوار كل ظروف الاستقرار وأعطاهما الفرصة لاتخاذ القرارات التقنية التي تلائم الفريق. كان الوداد البيضاوي في تلك الحقبة في أوج عطاءاته، حيث كان يتوفر على لاعبين مهاريين متميزين، على غرار اسحيتة، بيتشو، لشهب، شيشا، أحرضان، مجاهد، صابر، بودربالة، الزغراري، وأستسمح لعدم ذكر بعض الأسماء التي تغيب عن ذهني الآن. فريق الوداد البيضاوي كان يقام ويقعد له، فريق بترسانة قوية ومتميزة، دون أن ننسى الجمهور الغفير الذي كان سندنا الكبير.