
النعمان اليعلاوي
تعيش سلا منذ سنوات، على وقع نقاش محتدم بشأن الطريقة التي تُدبّر بها ملاعب القرب المنتشرة في أحيائها، والتي كان من المفترض أن تشكل فضاء رياضيا مفتوحا لفائدة شباب المدينة، ضمن رؤية تهدف إلى تشجيع ممارسة الرياضة، ومحاربة مظاهر الانحراف والهدر المدرسي. غير أن هذه المنشآت تحولت في عدد من المقاطعات إلى أدوات للاستغلال السياسي والانتخابي، من خلال منحها لجمعيات محسوبة على جهات سياسية معينة، دون المرور عبر مساطر شفافة، أو طلبات عروض علنية. وحسب شهادات جمعويين ونشطاء محليين، فإن عددا من ملاعب القرب التي أنشأتها الدولة بتمويل عمومي، أصبحت في قبضة أشخاص يديرونها بطريقة شبه حصرية، ويستفيدون منها ماديا من خلال فرض تسعيرات مقابل الولوج، وهو ما يتناقض مع الهدف الأساسي الذي أحدثت من أجله، والمتمثل في تمكين الشباب من فضاءات مجانية أو منخفضة التكلفة لممارسة أنشطتهم الرياضية.
ووفق عدد من المتتبعين، فإن بعض ملاعب القرب تُستخدم لأغراض انتخابية، من خلال تنظيم دوريات رياضية باسم جمعيات مقربة من منتخبين، حيث يتم توظيف هذه المبادرات لكسب الشعبية في الأحياء الشعبية، وغالبا ما تُرفق هذه الأنشطة بشعارات ومطبوعات تروج لأشخاص أو هيئات سياسية، في خرق صريح لمبدأ الحياد المؤسساتي، وفي هذا السياق، طالب عدد من الفاعلين المحليين والمستشارين الجماعيين بضرورة إخضاع عملية تدبير ملاعب القرب إلى آليات حكامة شفافة، تضمن تكافؤ الفرص بين الجمعيات المحلية، مع فرض دفتر تحملات واضح يحدد التزامات المستفيدين، وشروط الاستغلال، وسبل مراقبة احترام هذه الالتزامات.
ودعت جمعيات محلية إلى فتح تحقيق حول طريقة تفويت هذه الملاعب، ومآل المداخيل التي يتم تحصيلها من بعض المستغلين، خصوصا في ظل غياب آليات مراقبة حقيقية، مما يجعل الأمر عرضة لشبهات الزبونية والمحسوبية، فيما تفتح هذه القضية نقاشا أوسع داخل مجلس جماعة سلا، الذي يرأسه عمر السنتيسي، من أجل مساءلة تدبير هذا الملف، وضمان إعادة الاعتبار للمرفق الرياضي العمومي، بوصفه حقا من حقوق الشباب وليس أداة انتخابية في يد البعض. فيما تدعو المعارضة داخل المجلس إلى «إصلاح شامل لمنظومة تدبير المرافق الرياضية الجماعية، يقطع مع منطق الامتيازات الشخصية، ويكرس ثقافة المرفق العام كحق مشترك لا يُستغل ولا يُستثمر سياسيا».