شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

حرب القيم 

الكل تابع كيف تفاعل العديد من الأطفال مع شاب يغني بأسلوب هابط وكلمات بذيئة لا تتوافق والاحتفال بالمناسبة الدينية وروحانية عيد الفطر بأحد أحياء مدينة طنجة، حيث طُرحت تساؤلات مقلقة حول التيه القيمي الذي تعيشه فئة واسعة من الجيل الجديد الذي نسعى جميعنا ليحمل المشعل من بَعدنا، ويُحقق للوطن ما عجزنا عن تحقيقه من تنمية شاملة والرفع من جودة الحياة، والعدالة المجالية وتكافؤ الفرص والتشغيل الذي يضمن الكرامة.

مقالات ذات صلة

ما أحوجنا في الوقت الحاضر إلى العودة لتقدير قيمة القيم التي توارثها المغاربة جيلا بعد جيل، وتتعلق بالتزام الحد الأدنى من الأخلاق والإنسانية في كل المعاملات المجتمعية، والتحلي بالحياء والإيثار وتقدير أهمية وقدسية الأسرة كنواة أساسية في بناء المجتمع والحفاظ عليها ومواجهة كل مظاهر تَفكُّكها والحروب التي تُشن ضدها بالداخل والخارج وفق أجندات خاصة ذات استراتيجية تهدف لتحقيق النتائج المرجوة على المديين المتوسط والبعيد.

لا يمكن تلخيص وتقزيم مشاريع معالجة كل ما تعيشه الأسر المغربية والمجتمع بصفة عامة من تحولات متسارعة وتفكك، في تدابير تقنية أو أمنية للخروج من الأزمة وتحقيق أهداف المساهمة في التنمية، لأن هناك أزمة قيم حقيقية أصبحنا نعيشها تتطلب العودة إلى الأصل وإحياء الوازع الديني والأخلاقي في جميع العلاقات والمعاملات والمقررات الدراسية والتربية على المواطنة والمعرفة الدقيقة بالتاريخ والهوية لأن من لاهوية ولا تاريخ له يعيش تائها في التقليد والخضوع للأقوى دائما.

إن قيمة القيم النبيلة داخل كل مجتمع هي المحدد بنسبة كبيرة لتصرفات الفرد ودوره في بناء الأسرة القوية التي يمكنها مواجهة الحروب الطاحنة التي تستهدفها بشكل يومي لتفكيكها والنيل منها وبالتالي تيه المجتمع في صحراء التقليد دون تاريخ أو ثقافة، وهي أساليب استعمارية خطيرة تُستخدم فيها الأسلحة الناعمة من قبيل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وصناعة النجم التافه ليكون رمزا للنجاح المادي في أوساط الأطفال والشباب.

نحن في حاجة لإحياء دور الإعلام المهني المواكب للتحولات المجتمعية والواعي بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه في التأطير وصناعة الرأي العام، وكذا دور السينما في الإبداع ومواجهة تشوهات التحولات المجتمعية بواسطة إنتاجات حديثة ومُغرية للشباب والأطفال ولها قدرة على استقطاب الجمهور والفئة المستهدفة، مع تقدير خطر إهمال التربية وتنشئة أجيال تجهل هوية وتاريخ المملكة الشريفة.

يجب تقدير أن العودة إلى الأصل لا تتعارض مع استمرارية الانفتاح والتطور والاستفادة من تجارب الخارج، لكن في المجالات الإيجابية والتنافس في البحث العلمي، والبناء الديمقراطي للمؤسسات والتشغيل وإصلاح التعليم والتركيز على التربية، وليس التقليد الأعمى واستيراد ثقافات دخيلة على المجتمع المغربي، بمبرر الحداثة ونحن يُضرب بنا المثل عالميا في الثقافة والعادات والتقاليد التي تُختزل في “تمغرابيت” الحرة.

لسنا بصدد مطالب إعداد مشانق لمن يُجرمون في حق الثقافة المغربية ويهملون تربية الأجيال، وضمنهم الأسرة كمؤثر أساسي تراجع دوره لتحل محلها شاشات الهواتف الذكية وما تسوق له من عنف إلكتروني وكلمات بذيئة والتشجيع على الجريمة والابتزاز المالي والجنسي، بقدر ما ندق ناقوس خطر الانتباه لبناء الإنسان والمرور عبر مراحل مهمة من البرمجة تبدأ في مرحلة الحمل ثم تأثير الوالدين ثم الأسرة ثم المدرسة ثم المجتمع، وكل مرحلة تستدعي تجاوز مجموعة من العقبات والمعيقات التي تحول دون أداء دورها على أفضل ما يرام وسمفونية لا تقبل الفوضى ولا الخروج عن النسق الموسيقي في الإصلاح المجتمعي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى