ما هي صعوبات البداية التي واجهتك وأنت مدرب قادم من بلجيكا؟
هناك فرق في التعامل مع مدرب قادم من بلجيكا وجنسيته مغربية ومدرب بلجيكي الجنسية قادم إلى المغرب، عقدة الأجنبي كانت راسخة في أذهان المسيرين. المهنة، في أولى خطواتها في المغرب، كانت صعبة وتعتمد على اللاعب السابق المعتزل. لهذا كانت فرص اللاعبين السابقين للوداد والرجاء والجيش والمغرب الفاسي والمولودية لتدريب فرقهم الأصلية متاحة، عكس مدرب مثلي قادم من الصويرة أو من مدينة أخرى. لكن تدريجيا أخذ الوعي يسري في جسد كرة القدم الوطنية بالعمل والاجتهاد، حيث بدأ إدراك أن المدرب ليس مجرد ممرن بل هو مرب ومؤطر ومكون ينتظره عمل كبير في الميدان، وهذا جيد لأن العمل انطلق بالتصنيف ومنح الرخص. دخلنا مجال التكوين بتأخر كبير لأن الاعتقاد السائد آنذاك هو أن كرة القدم لا تدخل في إطار الباكالوريا وأربع سنوات أو خمس في الدراسة الجامعية، بل تدخل في مجال التكوين المهني. إنها مهمة تبدأ بتعلم اللعب تحت إشراف مؤطرين ثم الانتقال إلى التكوين في التأطير وتحويل لاعبين من المستوى المتوسط إلى العالي.
أن يضع فريق مغربي فيك الثقة يعد مكسبا، أليس كذلك؟
التحقت بالمغرب التطواني سنة 1982، كانت كرة القدم المغربية تعرف تحولا جوهريا بعد نكسة هزيمة الجزائر بخماسية وحل الجامعة من طرف الحسن الثاني. كان الارتباط معي شفويا بلا عقد ولا هم يحزنون فقط «الكلمة». اللاعبون أيضا لم تكن لهم عقود تربطهم بالفريق. وشخصيا، منذ عودتي إلى أرض الوطن بعد فترة الاحتراف وإحراز دبلوم الدرجة الثالثة في بلجيكا، وأنا أنادي بإحداث مراكز التكوين، منذ سنة 1982 وأنا أنبه إلى هذا المجال، وللأسف أضعنا وقتا طويلا بإهمال هذا التكوين. اعتبرنا كرة القدم نشاطا للوقت الثالث، وجربنا الاحتضان وكل ما جنيناه منه هو تشغيل اللاعبين، لم نتعامل مع كرة القدم على أنها مهمة ومجال سوسيو تربوي وسوسيو ثقافي واقتصادي لأن كرة القدم تحدث فرصا كثيرة للشغل وفضاء للاستثمار.
أشرفت على تدريب أغلب فرق البطولة الوطنية بالرغم من أسلوبك الدفاعي..
إذا كانت الفرق المغربية تخشى فعلا من أسلوبي الدفاعي فكيف تتعاقد معي؟ لقد اقتنع كثير من رؤساء الفرق بهذا الأسلوب حين كنت أواجه فرقهم وأدخلهم في دوامة الاستعصاء. تجربة التدريب في البطولة المغربية صعبة لأنك تتعاقد مع مسيرين ومع منخرطين ومع جمهور وأحيانا مع «حياحة». دربت عدة فرق من قبيل المغرب التطواني والكوكب المراكشي، وأولمبيك خريبكة وشباب المسيرة، والنادي المكناسي والنادي القنيطري، والوداد البيضاوي واتحاد طنجة، والمغرب الفاسي وشباب المحمدية، والفتح الرباطي والتبغ، ويوسفية برشيد وفرق عديدة.. كان شعاري العمل والإخلاص، وكنت أعشق التحدي والمغامرة لا أسأل عن ترتيب الفريق الذي سأتعاقد معه بل أتفاوض حول أهداف المسيرين.
مع الكوكب وأولمبيك خريبكة حققت أفضل النتائج، هل يرجع ذلك للإمكانيات التي كانت متوفرة لدى هذين الفريقين؟
ساهمت والحمد لله في صناعة الجيل الذهبي للكوكب المراكشي، وجدت سندا كبيرا في شخص محمد المديوري. كان للفريق نجوم يصنعون الفرجة ويكفي حضورهم في مباراة ليمتلئ الملعب، على غرار البهجة والعركوب، والدميعي والغزواني، والطاهر لخلج، المصباحي أيام لوزاني والحارس زكرياء واللوماري وحميدوش، وليسمح لي اللاعبون الذين سقطوا من ذاكرتي لكنهم حاضرون دوما في قلبي. مع الكوكب توجنا بلقبي الدوري المحلي وكأس العرش، ومع أولمبيك خريبكة حصلت على بطولة كأس العرب لأول مرة وآخر مرة في تاريخ لوصيكا. أما الإمكانيات التي كانت تخصص في زمننا فلا تتجاوز قيمتها في تلك الفترة متأخرات لاعب مغربي من غرفة النزاعات اليوم.
أولمبيك خريبكة كان بيتك الذي تعود إليه كلما ضاق به الحال..
هذا الفريق أعرفه جيدا، لاعبوه من أبناء خريبكة كبروا أمامي، هم أبنائي إن جاز التعبير. أعرفه جيدا بعد أن سبق لي تدريبه عامين على ثلاث فترات، وسبق لي أن أحرزت مع الفريق كأس العرب بالأردن عام 1996، كما ساهمت في إبراز عدة لاعبين دوليين يوم كان لهذه المدينة المنجمية نصيبها من حصة اللاعبين الدوليين.
لكنك لم تدرب الرجاء والجيش، لماذا؟
لم أدرب الرجاء والجيش وبركان والحسنية والدفاع والخميسات وفرق عديدة، لكن كل هذه الفرق فاوضتني ولم يحصل توافق.
كنت تقول دوما إن الوداد والرجاء يسيران من المقاهي..
اليوم أقول إن الوداد والرجاء يسيران من المقاهي ومن مواقع التواصل الاجتماعي.
هناك من يقول إن إصرار اللوزاني على الاستمرار في مجال التدريب، رغم تقدمه في السن، يقلص حظوظ المدربين الشباب، ما ردك؟
المدرب الشاب كان لاعبا وتدرب على يد المدرب المتقدم في السن، كيف سيزاحمه وينافسه على قوته؟ لا أظن، بل هناك تكامل. أما السن لم يكن في يوم ما من الأيام معيارا للحكم على العمل والعطاء، بقدر ما كانت الكفاءة هي الفيصل على الدوام من أجل الحكم الحاسم في مثل هذه الأمور. المدرب المتقدم في السن يمكن أن يمنح الإضافة بالخبرة والتجربة، كما يمكن للمدرب الشاب أيضا أن ينجح في العمل الموكل له، حتى لا نبخس المدربين الشباب المجهود الذي يقدمونه للكرة الوطنية. المدرب المتقدم في السن مادام يتوفر على القدرة العقلية والجسمية، ومنحه الله طول العمر، بإمكانه العمل. والعالم يحفل بمدربين متقدمين في السن لا زالوا يبدعون. فمدرب المنتخب الإيرلندي قارب الثمانين سنة من عمره ولا زال قادرا على الصناعة الكروية. إن كفاءة الفعل والتكوين والعدة البيداغوجية هي المقياس وليس العمر.