
في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة، دعا الملك محمد السادس إلى التفعيل الأمثل والجاد لآليات التنمية المستدامة للسواحل الوطنية، بما في ذلك القانون المتعلق بالساحل، والمخطط الوطني للساحل، وذلك بما يساهم في تحقيق التوازن الضروري، بين التنمية المتسارعة لهذه الفضاءات، ومتطلبات حمايتها وتثمين مؤهلاتها الكبيرة، ضمن اقتصاد بحري وطني، يخلق الثروة وفرص الشغل.
وفشلت الحكومتان السابقتان في إخراج المخطط الوطني للساحل، في إطار استكمال النصوص التطبيقية للقانون رقم 81.12 المتعلق بالساحل، الذي اعتمد آليات التخطيط كوسيلة ضرورية لضمان التدبير المندمج للساحل، بحيث ألزم الإدارة في المادة 3 منه بإعداد مخطط وطني يحدد التوجهات والأهداف العامة المراد بلوغها وإدماج بعد حماية الساحل في السياسات القطاعية، وذلك اعتمادا على المعطيات العلمية والسوسيو اقتصادية والبيئية المتوفرة، وعلى مقاربة تدبير مندمج يراعي النظام البيئي الساحلي والتغيرات المناخية.
وبدورها، عجزت الوزيرة الحالية المكلفة بالبيئة والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، في إخراج هذا المخطط، وتروج معطيات حول ضغوطات تمارسها «لوبيات» تستفيد من الفوضى العارمة بالسواحل، من أجل عدم استكمال تنزيل القانون رقم 81.12 المتعلق بالساحل، الذي يوفر الحماية القانونية للسواحل المغربية التي تتعرض لكل أشكال السطو والنهب.
وفوتت الوزارة صفقات بملايين الدراهم لمكاتب دراسات دولية، من أجل إنجاز دراسات لفائدة القطاعات التي تشرف عليها، من قبيل دراسات حول إعداد المخطط الوطني للساحل، والمخططات الجهوية للساحل، لكن رغم كل هذه الدراسات المنجزة لم تنجح الوزيرة بنعلي في استكمال إخراج النصوص التنظيمية والتطبيقية للقانون المتعلق بالساحل.
وسبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن حذر من التأخير في تنفيذ القانون المتعلق بالساحل، والذي يهدف إلى تطبيق مبدأ التدبير المندمج من أجل إقرار تعمير وتنمية مستدامة للساحل. وسلط المجلس الضوء على الثغرات البنيوية التي تؤثر على التخطيط العمراني، والاختلالات في تدبير مجال التعمير، وحكامة الساحل. ووضع المجلس رؤية للتنمية المستدامة للساحل تقوم على مبدأين أساسيين: احترام حقوق الإنسان والحفاظ على الساحل، والبيئة والموارد الطبيعية.
وينص هذا القانون على تجريم احتلال الملك العمومي البحري، وخوصصة الشواطئ، واستخراج الرمال منها، ويتضمن عقوبات تصل إلى سنتين حبسا نافذا في حق محتلي الملك العام البحري، والعقوبة نفسها في حق المسؤولين الذين يمنحون تراخيص لإقامة بنايات فوق السواحل البحرية، مع التنصيص على هدم هذه البنايات، وبذلك سيضع القانون حدا للتسيب والفوضى التي تعرفها السواحل المغربية، واحتلال الملك العمومي البحري وخوصصة بعض الشواطئ من طرف بعض الشخصيات النافذة.
هناك مسؤولون وشخصيات سياسية يستفيدون من قرارات الاحتلال المؤقت للشواطئ، لكنهم لا يحترمون المقتضيات القانونية بشكل صارم، مما تسبب في استغلال مفرط لهذا الملك وساهم في تدهور حالته العامة.
والخطير في الأمر أن غالبية المستفيدين من رخص استغلال الملك العمومي البحري لا يتقيدون بشرط استعمال مواد خفيفة في البناء على أراضي هذا الملك، فالعديد من محلات الاصطياف المشيدة على الملك العمومي تحولت إلى فيلات فاخرة ومحلات تجارية يتم بيعها بغير وجه حق بأثمنة مرتفعة، ما جعل بعض المستفيدين يتحولون إلى مضاربين يشيدون فيلات ومساكن على الشواطئ، ثم يبيعونها.
وأمام هذا الوضع، تجد القطاعات الحكومية المسؤولة عن حماية الساحل، نفسها عاجزة عن تطبيق القانون، وفرض احترام الشروط الواردة في قرارات الترخيص بالاحتلال المؤقت ودفاتر التحملات المتعلقة بها.





