الرئيسيةبانوراما

هكذا قلصت التدابير الاحترازية ضد كورونا من انتشار الإنفلونزا والتهاب المعدة والأمعاء والشعب الهوائية

غسل اليدين وارتداء الكمامة والتباعد الجسدي قلل، بشكل ملحوظ، من مستوى انتشار الفيروسات الموسمية المعتادة.
يعتبر شتاء 2020-2021 حالة شاذة في السلاسل الإحصائية للباحثين في علم الأوبئة. ليس فقط لأن فيروسا مستجدا، سارس كوف-2، تسبب في حدوث جائحة، ولكن أيضا لأن التدابير الصحية المعتمدة للحد من انتشاره منعت تقريبا انتشار جميع الأوبئة الشتوية الاعتيادية.
لقد أدى ارتداء الكمامات وغسل اليدين، وخاصة إغلاق الأماكن حيث يوجد الكثير من الاختلاط (الحانات والمطاعم وما إلى ذلك)، إلى الحد من انتشار الفيروسات الأخرى التي تنتقل بشكل أساسي عن طريق الرذاذ التنفسي والهباء الجوي.

الإنفلونزا.. انتشار ضعيف جدا
تشكل الإنفلونزا مصدر خوف كل شتاء، إلا أنها لم تتجاوز بعد عتبة الوباء هذا العام. وتشير أحدث نشرة وبائية للإنفلونزا والتي نشرتها الوكالة الوطنية للصحة العامة في فرنسا يوم 3 فبراير إلى أنه «لا يوجد حاليا انتشار نشط لفيروسات الإنفلونزا التي تم رصدها بواسطة شبكات المراقبة المخصصة». وأوضح الباحثون أنه «منذ 5 أكتوبر 2020 لم يتم الإبلاغ عن أي حالات إصابة خطيرة بالإنفلونزا من قبل الأجهزة المشاركة في هذه المراقبة».
وخلصت البيانات التي حصلت عليها شبكات المراقبة الصحية الفرنسية الثلاثة (شبكة «Oscour»، التي تضم أكثر من 600 خدمة طوارئ، وشبكة «S.O.S Médecins» إلى جانب جمعياتها الستين في فرنسا، وشبكة «Sentinelles» ، التي تضم أكثر من 1400 طبيب عام وأطباء أطفال) -خلصت- إلى نفس الملاحظة: معدل انتشار فيروسات الإنفلونزا في أدنى مستوياته.

لا يقتصر الوضع على فرنسا فقط، إذ كتب خبراء من منظمة الصحة العالمية والمركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، على شبكة المراقبة لأخبار الإنفلونزا في أوروبا أنه «عادة ما يبدأ موسم الإنفلونزا في أوروبا في هذا الوقت من العام تقريبا، لكن على الرغم من الجهود المنتظمة للكشف عن الإنفلونزا، إلا أن نشاط هذه الأخيرة بقي في مستويات جد منخفضة، ربما بسبب تأثير تدابير الصحة العامة والتباعد الاجتماعي المعتمدة للحد من انتقال فيروس سارس-كوف-2».
في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، خلصت الدراسات المنشورة من قبل مجموعة «فلو نت» التابعة لمنظمة الصحة العالمية، في شتنبر 2020 – أي في نهاية الشتاء الجنوبي – إلى أن 0.06 ٪ فقط من الأشخاص الذين خضعوا لسحب عينات في شيلي وإفريقيا الجنوبية وأستراليا ثبتت إصابتهم بفيروس الإنفلونزا، في حين أنه خلال العامين الماضيين كانت تصل هذه النسبة إلى 13.7٪.
ومع ذلك، يجب توخي الحذر: يمكن أن تحدث الإصابة بأوبئة الإنفلونزا في أواخر الشتاء، ويمكن أن تبلغ ذروتها في شهر فبراير أو مارس في نصف الكرة الشمالي. لذلك سوف يتعين علينا الانتظار لفترة أطول قبل أن نجزم أنه شتاء خال من الإنفلونزا.

تراجع التهاب المعدة والأمعاء والشعب الهوائية
تنطبق خلاصات الإنفلونزا أيضا على فيروسات موسمية أخرى تحدث الإصابة بها عادة بين شهري نونبر ومارس، مثل التهاب المعدة والأمعاء (الفيروس العجلي، نوروفيروس، الفيروس المعوي، فيروس سابو، إلخ). خلال هذا الشتاء، أسفرت هذه العدوى الشائعة لجدار الأمعاء أو المعدة عن انخفاض في مستوى حالات الطوارئ أو الاستشارات الطبية مع SOS-Médecins. بيد أن هذا الانخفاض عرف ارتفاعا طفيفا لكنه عاد إلى طبيعته منذ الحجز الثاني، في نونبر 2020.

ونظرا إلى أن هذه الفيروسات تنتقل بشكل أساسي عن طريق الأسطح الملوثة أو الاتصال المباشر، فإنها شديدة التأثر بالتدابير التي تقلل من الاختلاط، وكذلك تعقيم اليدين.
وأكدت دراسة مشتركة بين علماء الأوبئة في جامعة إيموري في أتلانتا والمراكز الأمريكية للوقاية من الأمراض ومكافحتها، والتي نُشرت مسبقًا في أواخر نونبر 2020، أن التدابير الصحية في الولايات التسعة التي شملتها الدراسة الأمريكية قللت من انتقال النوروفيروس بنسبة 61٪.
الشيء ذاته ينطبق على التهاب الشعب الهوائية، الذي تسببه بشكل رئيسي عدة عائلات من الفيروسات. عرف معدل الإجراءات الطبية التي تقوم بها SOS-Médecins والدخول إلى غرفة الطوارئ لعلاج حالات التهاب الشعب الهوائية الحاد، استقرارا، بل وانخفاضا أقل بكثير من المعدل المسجل في الأوقات العادية: 23 دخولا لغرفة الطوارئ لكل 100،000 شخص خلال الأسبوع الممتد من 25 إلى 31 يناير، مقابل 83 إلى 108 دخول إلى غرفة الطوارئ خلال السنوات الأربعة السابقة في نفس الفترة.

التهاب الشعب الهوائية يشهد ارتفاعا لدى الصغار
يعرف التهاب الشعب الهوائية الحاد على أنه عدوى في القصبات الهوائية وتصيب بشكل رئيسي الرضع والأطفال الصغار – سببها في غالب الأحيان الفيروس التنفسي المخلوي البشري-، ولم تصل هذه العدوى بدورها إلى المستويات الوبائية على الصعيد الوطني إلى حد الآن.
وتشير البيانات المستمدة من الدخول إلى غرفة الطوارئ وشبكة SOS-Médecins إلى نشاط منخفض جدا في سنة 2020. من ناحية أخرى، فإن عدد الحالات الطبية المتعلقة بهذه العدوى يشهد ارتفاعا واضحا منذ بداية سنة 2021، بل ويقترب من مستويات السنوات الفارطة.
ووفقا للنشرة الوبائية للصحة العامة الفرنسية التي نُشرت في 3 فبراير، تم إدخال 1017 طفلا مصابا بالتهاب الشعب الهوائية دون الثانية من العمر إلى غرفة الطوارئ، ونقل ما يزيد عن ثلثهم تقريبا إلى المستشفى. وتوجد «إيل دو فرانس» و«غيانا»، اللتان تضررتا بشكل خاص، في مرحلة ما قبل الوباء. لذلك، فإنه ليس من المستبعد أن يتكثف انتشار الفيروس التنفسي المخلوي البشري خلال الأسابيع المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى