حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريروطنية

أحياء سلا تختنق في غياب المساحات الخضراء

المدينة تفتقر بشكل شبه تام لأي حدائق أو منتزهات عمومية

النعمان اليعلاوي

تُسجل مدينة سلا خصاصا مهولا في المساحات الخضراء، ما يجعل أحياءها تختنق تحت وطأة التوسع العمراني والأسمنت المسلح، دون أن يستفيد السكان من الحد الأدنى من الفضاءات البيئية التي تعد حقا حضريا أساسيا. وأفادت مصادر محلية بأن أحياء كبرى بسلا، كتابريكت، السلام، الانبعاث، سيدي موسى، بوشوك، القرية والرحمة، تفتقر بشكل شبه تام لأي حدائق أو منتزهات عمومية، ما يضطر الأسر إلى التنقل خارج المدينة، من أجل الترفيه.

وقال عدد من السكان الذين التقتهم «الأخبار» إنهم يعيشون ما يشبه «الاختناق البيئي»، بسبب غياب الأشجار والمجالات الخضراء، ما ينعكس سلبا على صحتهم النفسية وعلى راحة الأطفال. وأكدت خديجة، وهي أم لثلاثة أبناء بحي الانبعاث، أن أطفالها «لم يعتادوا على اللعب في حديقة أو التنزه تحت ظل الأشجار»، مضيفة أن «الخروج للترفيه أصبح مرتبطا فقط بعطلة نهاية الأسبوع، والتنقل إلى الرباط، أو الشاطئ». فيما اعتبر شاب من حي القرية أن «المدينة تُراكم الأسمنت ولا تراكم شروط العيش السليم».

ويرى فاعلون في مجال التهيئة الحضرية أن هذا الخصاص يعود إلى اختيارات عمرانية غير متوازنة، لم تُراعِ حاجيات السكان ولا معايير جودة الحياة، حيث جرى تحويل عدد من الأراضي ذات الإمكانات البيئية إلى مشاريع أسمنتية، دون إلزام أصحابها بإحداث حدائق أو فضاءات خضراء مرافقة. وقال المهندس جمال.ل، خبير في التخطيط الحضري، إن نسبة المساحات الخضراء في مدينة سلا لا تتجاوز 1.5 في المائة، بينما توصي المعايير الدولية بما لا يقل عن 10 في المائة، أي نحو 10 أمتار مربعة للفرد الواحد.

ويُحذر مختصون من التأثيرات الصحية والنفسية لهذه الوضعية، خصوصا مع تسجيل ارتفاع في درجات الحرارة داخل الأحياء، وغياب أماكن اللعب والراحة، ما يهدد بانتشار مظاهر اجتماعية مقلقة، خاصة في أوساط الأطفال والمراهقين، كالتسرب المدرسي، التسكع، والانحراف الناتج عن غياب الفضاءات البديلة. فيما توجه انتقادات لاذعة إلى المجالس المنتخبة المتعاقبة، التي لم تدرج البيئة ضمن أولويات التدبير، وفشلت في إطلاق مشاريع لإعادة التهيئة، أو خلق منتزهات جديدة في الأحياء التي تشهد كثافة سكانية. كما تتهم فعاليات جمعوية بعض المسؤولين المحليين بـ«تفويت الأراضي المخصصة للفضاءات العمومية لفائدة مشاريع تجارية أو سكنية، دون احترام شروط التوازن المجالي».

وفي مقابل هذا الواقع، أطلقت جمعيات محلية مبادرات متفرقة لتشجير بعض الساحات، أو تحويل فضاءات مهملة إلى حدائق صغيرة، إلا أن هذه المبادرات تبقى محدودة التأثير، في ظل غياب دعم مؤسساتي وتمويل مستدام. فيما تُطالب أصوات مدنية بإعداد مخطط استعجالي للتهيئة البيئية بمدينة سلا، يراعي الخصاص المسجل ويوفر مساحات خضراء داخل الأحياء، حفاظا على التوازن البيئي والاجتماعي، وضمانا لحق السكان في بيئة سليمة تليق بمدينة يفوق عدد سكانها المليون نسمة.

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى