
حسن البصري
سواء أكانت الجزائر خصما لنا في ملاعب الكرة، أم لم تكن، فلا بد أن يراق حول جوانب الدورات الرياضية مداد الضغينة.
في أعقاب مباراة المنتخب المغربي النسوي لكرة القدم ضد نظيره الكونغولي، قال محلل رياضي جزائري عرف بحياده الكروي، قبل أن يوقع عقد الانضمام إلى كتيبة العداء على سبيل الإعارة، وهو يتقاسم «اللغا» مع محلل قيد التمرين:
«اللاعبة أنيسة جزائرية الأصول، ولكنها حملت قميص منتخب «المروك» تحت الإكراه، والدليل على ما أقول إنها أهدرت فرصة سانحة للتسجيل حين سددت الكرة بجانب القائم».
وبعد لحظة صمت، أضاف:
«كان بإمكانها وضع الكرة بسهولة في شباك الحارسة الكونغولية، لكنها رفضت عن قصد، لأنها لا تريد أن تمنح «المروك» جرعة سعادة، ولا تريد أن يغضب عليها الجزائريون».
عزز رفيقه المحلل الحامل لرقم «90»، والذي يحمله في بلادي الحاصلون الجدد على رخص السياقة، موقف زميله وأضاف لمسة توابل وهو يوجه إبهام يده صوب المحلل الرئيسي، أمام منشط بدا وكأنه يتابع مباراة في لعبة التنس.
من يسمع هذا الكلام ولم ينقض على «التيليكوموند» ليغير القناة فهو إما «مهبول» على حد قول الجزائريين، أو شغوف بالكوميديا والسخرية الرياضية مثلي.
أتيحت لأنيسة فرصة تسجيل هدف فأهدرتها، كما يهدر نجوم الكرة العالمية فرصا سانحة للتسجيل، في كرة القدم لا يمكن ترجمة كل الفرص إلى أهداف.
من جهتها، عبرت اللاعبة التي أقحمها المدرب في الجولة الثانية عن قلقها بعد ضياع الفرصة، وحين التقطت الكاميرا ردود أفعالها، كانت المسكينة تدفن رأسها بين كفيها من شدة القلق.
وفي نهاية المباراة رقصت على أنغام الفوز وتبادلت التهاني مع زميلاتها ومع المدربين ومع الجماهير، وطوت صفحة مباراة لتتراقص أمامها لاعبات منتخب السينغال، خصم «اللبؤات» المقبل.
انتصر المنتخب الوطني وقضي الأمر، لكن فئة من المحللين الجزائريين انطلت عليهم حيلة المؤامرة، فاهتموا بالمنتخب المغربي أكثر من اهتمامهم بمباريات منتخبهم النسوي.
للتذكير فقط فإن أنيسة الحماري، لاعبة المنتخب المغربي لكرة القدم، قد تكون اللاعبة الأولى في العالم التي حملت قمصان ثلاثة منتخبات. لعبت للمنتخب الفرنسي والجزائري، ثم المغربي. تحمل أنيسة ثلاث جنسيات، والدها جزائري ووالدتها مغربية، والفتاة ولدت في فرنسا.
شاركت في معسكر إعدادي مع منتخب الجزائر، وحين تلقت عرضا من المغرب عضت عليه بالنواجذ.
سكت الفرنسيون واحترموا قرار أنيسة، واعتبروه خيارا وجدانيا ومهنيا لهذه اللاعبة.
عرضها الجزائريون للتنكيل واتهموا والدها بالخضوع لهيمنة زوجته المغربية، وطالبوا بتجريده من كبريائه.
رحب المغاربة بأنيسة وقالوا إن اختيارها هو اختيار العقل.
بينما أخذ الصحافيون والمحللون الجزائريون مواقعهم في الجبهة المتقدمة، وصوبوا فوهات بنادقهم نحو هذه اللاعبة ووالديها.
قال وكيل لاعبين: التعامل مع اللاعبات مختلف عن اللاعبين، اللاعبة تستشير زميلاتها ومحيطها، بينما يقرر اللاعب لمجرد التأكد من أصفار القيمة المالية للصفقة.
لهذا يردد الوكلاء على أسماع أنيسة وغيرها قصيدة نزار قباني: إني خيرتك فاختاري ما بين الموت فوق صدري أو على دفاتر أشعاري.
في مقر بعثة المنتخب الجزائري لكرة القدم بالدار البيضاء، يحرص المدرب على شحن بطارية لاعباته بالضغينة والعداء والكره.
طلب منهن إخفاء علم المغرب المثبت في «بادجاتهن»، وحين دخل ملعب الأب جيكو بالوازيس، حمل معه لصاقا وشرع في إخفاء علم المغرب من كراسي البدلاء، قبل أن يطلب من لاعبة احتياطية، حولها إلى مصورته الشخصية، التقاط صور الكراهية ليتقاسمها في منصته التواصلية مع أولي أمره.
هنا يداس ما تبقى من قيم قيل إنها القيم الفضلى للرياضة.
هنا تنتحر الروح الرياضية وتدفن في مقبرة الفضاء الأزرق.
هنا يبتلع الحكم صفارته من هول الصدمة.
يا إلهي.





