حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرثقافة وفنفسحة الصيف

 ألفرد نوبل.. قصة أكبر جائزة في العالم

 تلك الاختراعات التي نحيا بها

ألفرد نوبل (1833-1896) العالم الكيميائي السويدي وصانع الأسلحة ومخترع الديناميت الذي درّ عليه أموالا طائلة، فقد كان من أثرياء زمانه حيث بلغت ثروته ما يناهز المليارين من الكرونات السويدية، وفي الوقت نفسه كانت سمعة صانع السلاح ومبتكر الديناميت الذي استعمل في الحرب أكثر من السلم تخدش صورته في الإعلام ولدى الناس، ما جعله يعاني جراء ذلك من مشاعر الندم والإحساس بالذنب، خاصة لما توفي أخوه لودفيغ ونعت إحدى الصحف الشهيرة في فرنسا عن طريق الخطأ ألفرد نوبل بدلا من أخيه قائلة: “تاجر الموت قد مات. الدكتور ألفرد نوبل الذي جنى ثروة هائلة بعثوره على طريقة لقتل أكثر عدد من البشر وبطريقة أسرع من أيّ وقت مضى، قد مات أمس”.

في 1895 سنة قبل وفاته وفي النادي السويدي النرويجي بباريس أعلن أمام الصحافة بأنّه قد حرّر وصيته بشكل نهائي، هذه الوصية التي كشف عنها بعد وفاته أوصى بتخصيص جلّ ثروته لمؤسسة تحمل اسمه تتكلّف بالإشراف عليها وتنمية أصولها المالية وتمنح كل سنة لكل من أسدى خدمة للإنسانية أو ساهم في تقدمها في فروع مختلفة، حيث ذكر في وصيته: “يوزع الدخل من الاستثمارات سنويا في شكل جوائز على أولئك الذين منحوا خلال العام السابق أكبر فائدة للبشرية”، بهذه المبادرة ومن خلال خلق أكبر جائزة في العالم كان ألفرد نوبل يريد التخفيف من الصورة البشعة التي التصقت باسمه تاجر الموت بدلا من العالم والمخترع الكيميائي. كما كانت لديه الرغبة في أن يترك إرثا إيجابيا قد يكون بإمكانه أن يمحو العبارة الشائعة عنه كتاجر وصانع الموت. لذلك عمل خلال السنتين الأخيرتين من حياته على صياغة وصيته بدقة متناهية، وحرص على أن لا يتمّ الكشف عن محتوياتها إلّا بعد وفاته.

وضع ألفرد من خلال وصيته الأساس لمؤسسة نوبل والجوائز الخاصة بها وفق تقسيم محدد للجوائز في مجال الكيمياء والادب والطب والفيزياء والسلام دون أيّ اعتبار للجنسية أو العرق. كما نصّت وصيته أيضا على تخصيص الجزء الأكبر من ثروته الكبيرة في تمويل جوائزها التي تقدم بشكل سنوي.

 

 ألفرد نوبل سليل أسرة شغوفة بالاختراع

ولد ألفرد نوبل في أسرة سويدية ذات اهتمامات علمية وصناعية، لها تقدير كبير للعلم والعمل. عاش ألفرد في كنف والده إيمانويل الذي كان مهندسا ومخترعا وشغوفا هو الآخر بالاختراعات الحديثة. عمل والده خبيرا في الألغام البحرية وإليه ينسب اختراع الخشب الرقائقي.

كان لهذا الأب تأثير كبير على شخصية ابنه ألفرد رغم الصعوبات التي عاناها والده وفشل مشروعاته الصناعية المتتالية في بلاده السويد اضطرته إلى الانتقال إلى روسيا بحثا عن فرص أفضل رفقة عائلته من ضمنهم ابنه ألفرد الذي لم يتجاوز التاسعة من عمره.

أنشأ والد ألفرد نوبل في روسيا معملا لصنع المعدات العسكرية المخصصة لحرب القرم. في سن الثامنة عشرة غادر ألفرد نوبل روسيا متّجها إلى باريس حيث قضى سنة واحدة في باريس لدراسة الكيمياء. انتقل بعدها إلى الولايات المتحدة حيث أمضى خمس سنوات في دراسة نفس التخصص.

في نهاية حرب القرم أفلست شركة الأب وعادت العائلة بكل أفرادها إلى السويد وهناك سرعان ما بدأ ألفرد نوبل في القيام بتجارب على المتفجرات، وفي سنة 1864 عندما كان ألفرد يبلغ من العمر 29 سنة، تسبب في انفجار ضخم في المصنع السويدي للأسرة مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص، من بينهم إيميل الشقيق الأصغر لألفرد، وتأثر ألفرد بشكل كبير بسبب هذه الحادثة.

قام نوبل بتطوير مادة متفجرة أكثر أمانا، وفي سنة 1867 كان قد وضع براءة اختراع جديد سريع وقوي الانفجار أكثر من أية مادة أخرى وهو خليط من مادة النتروغليسرين غير مستقرة وسريعة الانفجار ومادة قادرة على السيطرة عليها وووضعها مستقرة وثابتة وضبط استعمالها، ونتج عنهما ما سمّاه ألفرد نوبل “الديناميت”. حصل بعدها في السنة الموالية على براءة اختراعه في كلّ من بريطانيا وأمريكا، ما فتح له باب الشهرة الواسعة والثراء الكبير.

 

 نوبل من تاجر الموت إلى الداعي إلى السلام

تهافتت شركات البناء والمناجم وجيوش العديد من البلدان على شراء الديناميت الذي أثبت قدرة هائلة في شق الطرق والأنفاق بقوة وبسرعة أكثر من أيّ مادة متفجرة أخرى، لكن في المقابل عمدت بعض البلدان على استعماله سلاحا في الحروب كما هو الحال في أمريكا حيث أبان عن قدرة كبيرة في الفتك بالعديد من الضحايا.

أقام ألفرد نوبل بسبب النجاح الكبير لاختراعه الديناميت معامل ومصانع في أكثر من عشرين دولة لسدّ الحاجة المتنامية إليه وتلبية الطلبات المتزايدة عليه، وبالتالي جنى ثروة غير مسبوقة من هذا الاختراع .

لكن نوبل المخترع ورجل الأعمال كانت لديه اهتمامات فكرية وأدبية ومعروف عنه إتقانه للكثير من اللغات حيث كان ملما بالإنجليزية والألمانية والفرنسية والروسية فضلا عن لغته الأصلية. إضافة إلى ذلك كان له ميل إلى كتابة الشعر خاصة بالإنجليزية وكتابته للمسرح، عبّر من خلالها في جلّ كتاباته الأدبية عن مشاعر العزلة والتأمل في الحياة والموت.

تميزت شخصية نوبل في العموم بالميل إلى العزلة والزهد الشديد والابتعاد عن كلّ مظاهر البذخ والإسراف رغم كونه من كبار أثرياء عصره. كما عاش وحيدا وحزينا وأعزب طيلة حياته، فعلاقاته النسائية كلها محدودة وانتهت بالفشل الذريع. لهذا يصح القول بأنّ شخصية نوبل تحمل في داخلها جوانب متناقضة فهو صاحب أكبر جائزة في العالم، والداعي إلى السلام، ومخترع أقوى المتفجرات التي أودت بحياة الكثير من البشر. هذا الديناميت بدوره كان أيضا وبالا على حياته.

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى