شوف تشوف

الافتتاحية

أم المعارك

واهم من يعتقد أن قرار مجلس الأمن الذي صدر ليلة يوم الجمعة الماضي بخصوص تمديد مهام «المينورسو»، أنه قرار أممي معتاد ويدخل ضمن القرارات الروتينية التي دأبت الهيئة الأممية على إصدارها خلال الخمس سنوات الأخيرة. فالقرار الأخير جاء في سياق خاص طبعته سنة حافلة بالتغييرات العسكرية والتحولات الدبلوماسية والجيواستراتيجية التي مست موازين القوى على الأرض، سواء ما تعلق بالاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أراضيه الجنوبية أو السباق الدبلوماسي لعدد من الدول الوازنة لفتح مقراتها بالعيون والداخلة، أو ما تعلق بالحسم العسكري في معبر الكركرات الذي كانت تستخدمه الجماعة الانفصالية لجبهة البوليساريو لخدمة الإرهاب وتهريب السلاح والبشر وإطالة أمد النزاع.
بالنسبة للدبلوماسية المغربية الأهداف كانت محددة وواضحة، وأم المعارك جرت حول استصدار موقف أممي لتثبيت سلطة المغرب على معبر الكركرات لعدم العودة إلى ما قبل 13 نونبر من السنة الماضية، بالموازاة مع ذلك حرصت دبلوماسيتنا لمنع أي انزياح نحو توسيع اختصاصات صلاحية «المينورسو» لتشمل وظائف لا تدخل في طبيعة مهامها التي أحدثت من أجلها. لذلك فالقرار الأممي تجنب القفز على الواقع الموضوعي الجديد على معبر الكركرات وأسدل عليه شرعيته الدولية وهذا وحده كاف للقول بانتصار دبلوماسي.
ورغم الحجم الرهيب للتحركات الدبلوماسية الجزائرية التي انفقت أموال شعبها ومدخراته، للمس بسيادة بلدنا، إلا أنها أثمرت السراب في النتائج والخذلان من بعض الدول التي كانت تعول عليها الأطروحة الانفصالية مثل روسيا الداعم العسكري وكينيا التي تحتضن أراضيها سفارة للبوليساريو وتونس البلد المكره للتأثير على قرارات مجلس الأمن. في المقابل فإن الدبلوماسية الهادئة والواقعية التي نهجها المغرب طيلة سنة، أتت أكلها باعتبار أن الكثير من الدول الوازنة داخل المنتظم الدولي ومنها الهند والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والصين والمملكة المتحدة عبرت عن تأييدها الصريح للمبادرة المغربية في هذه المعركة الدبلوماسية حامية الوطيس.
في الحقيقة «كابرانات» الجزائر كانوا يراهنون من خلال تصعيد العدوان الدبلوماسي والإعلامي على المغرب، والذي اتخذ شكل قطع العلاقات الدبلوماسية وإنهاء عقد أنبوب الغاز وإغلاق الحدود في وجه الطيران المغربي ونشر خطاب الحرب، على أنهم سيفرضون شروطهم على بلدنا بالقوة والمزيد من القوة بحيث تجبرنا عنجهيتهم على القبول بالأمر الواقع، لكن ما حدث هو العكس كل ما خطط له المغرب حققه بهدوء تام ودون مشاهد بهلوانية، وكل ما سعت إليه الجزائر وصنيعها باء بالفشل.
إن الدعم الدولي الواسع لأطروحة الحكم الذاتي وتثبيت سيادة المغرب على معبر الكركرات ورفض توسيع اختصاصات «المينورسو» وإقبار خيار الاستفتاء، ليس مقصوداً به المغرب فقط، وإنما جميع الأطراف التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالملف. والواقع أن المبعوث الأممي الجديد ستيفان دي ميستورا عليه أن يقوم بدوره المكلف به ويعمل على تنزيل روح القرار الأممي الذي يوجد فوق مكتبه دون تحريف أو انزياح.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى