
الأخبار
يعود ملف إصلاح أنظمة التقاعد إلى واجهة النقاش الاجتماعي بالمغرب، بعد تعثر جديد في مسار الحوار بين الحكومة والمركزيات النقابية، إثر رفض هذه الأخيرة عقد أي اجتماع للجنة التقنية المكلفة بالملف، في غياب «تصورات واضحة» تحدد رؤية الحكومة ومقاربتها للإصلاح المنتظر.
وقررت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)، خلال اجتماع مكتبها التنفيذي، المنعقد يوم الأربعاء الماضي، رفض أي موعد مستقبلي مع الحكومة، ما لم يكن مقرونا برؤية محددة وموثقة حول طبيعة الإصلاح الذي تنوي الحكومة طرحه، مؤكدة أن «عقد لقاءات شكلية دون وضوح في المقاصد والمضامين، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الغموض والتأجيل».
وأوضح مصدر قيادي من داخل الكونفدرالية أن النقابة «ترفض عقد اجتماع اللجنة التقنية، في ظل استمرار مؤشرات غياب أرضية، أو فكرة عن توجه الحكومة في هذا الملف»، مضيفا أن «جولة الحوار الاجتماعي لشهر شتنبر التي لم تُعقد، ساهمت بدورها في تعميق أزمة الثقة بين الطرفين».
وأكد المصدر ذاته أن «ملف التقاعد من أكثر الملفات الاجتماعية حساسية، وقد أثار جدلا واسعا حتى في دول كبرى مثل فرنسا»، مشيرا إلى أن «موقف النقابات واضح، ويتمثل في رفض أي إصلاح يقوم على رفع سن التقاعد، أو زيادة الاقتطاعات، أو خفض المعاشات، ما لم يواكبه تصور شامل يضمن استدامة الصناديق وحماية القدرة الشرائية للمتقاعدين».
من جهته، شدد مصدر من داخل الاتحاد المغربي للشغل (UMT) على أن «وجود أرضية تحدد بوضوح فكرة الحكومة أمر أساسي قبل استئناف الاجتماعات»، مضيفا أن «النقابة تنتظر دعوة رسمية من الحكومة تتضمن خطوطا عريضة للإصلاح، قبل اتخاذ أي قرار بشأن المشاركة في اللجنة التقنية».
ويأتي هذا التوتر بعدما رفضت النقابات، في التاسع من أكتوبر الجاري، عقد لقاء مع نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، بسبب ما وصفته بـ«عدم الجدية وغياب التحضير الكافي»، بالتزامن مع احتجاجات اجتماعية شبابية تزامنت مع موعد الاجتماع المؤجل.
وفي المقابل، أكدت الوزيرة في تصريحات برلمانية أن «تأخر عمل اللجنة المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد لا يعني غياب الإرادة الحكومية، وإنما يعكس تعقيدات الملف وحساسيته الاجتماعية»، مبرزة أن الحكومة «تتعامل مع الموضوع بمنهجية متأنية، تأخذ بعين الاعتبار مختلف الفاعلين والرهانات المالية والاجتماعية». فيما يُرتقب أن تستأنف المشاورات بين الحكومة والنقابات، خلال الأسابيع المقبلة، في محاولة لإعادة تحريك مسار الحوار الاجتماعي، وسط دعوات متزايدة إلى بلورة رؤية إصلاحية متوازنة تضمن ديمومة صناديق التقاعد، دون المساس بمكتسبات الموظفين والأجراء.





