الافتتاحية

افتتاحية

في ظل تطور الأزمة الدبلوماسية مع ألمانيا وإسبانيا، وقبلهما مع هولندا، التي حاولت حشر أنفها في شؤون بلادنا الداخلية، فإن المغرب أصبح مطالبا الآن أكثر من أي وقت مضى بإعادة النظر في علاقته مع الاتحاد الأوروبي في مجمله، لتجاوز منطق «الأستاذ والتلميذ» الذي تتعامل به دول هذا الاتحاد مع المغرب، خاصة بعد تصريح نائب رئيس اللجنة الأوروبية، الذي اتهم فيه الرباط بممارسة الابتزاز في موضوع الهجرة.
وقبل أسابيع فقط، وجه ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، رسائل قوية إلى دول الاتحاد الأوروبي في علاقته مع المغرب، عندما دعا دول الاتحاد إلى الخروج من منطق الأستاذ والتلميذ في علاقتها مع الجوار الجنوبي للحوض المتوسطي.
ففي الوقت الذي يلتزم المغرب بكل الاتفاقيات والمواثيق التي تجمعه بالاتحاد الأوروبي، سواء في المجال الاقتصادي أو في مجال محاربة تدفق المهاجرين نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، وكذلك الجرائم العابرة للقارات، بالإضافة إلى التعاون الأمني والاستخباراتي الذي ساهم في تفكيك خلايا إرهابية كانت تستهدف استقرار بعض الدول الأوروبية، بالمقابل نجد أن هذه الدول هي التي تمارس الابتزاز في حق المغرب، من خلال توظيف ملف وحدته الترابية للضغط عليه، والتلويح بقطع الدعم عليه، في حال عدم استمراره في قيامه بدور الدركي وحراسة حدود أوروبا الجنوبية من هجرات مواطني الدول الإفريقية، التي تستنزفها شركات الدول الأوروبية المجهولة والمعلومة.
وما يؤكد ذلك، هو عدم تفاعل الدول الأوروبية مع التطورات الأخيرة التي يعرفها ملف الصحراء المغربية، وكأن هذه الدول تريد أن يبقى هذا المشكل قائما بدون حل، علما أن هناك توجها دوليا لدعم مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب لحل الملف، وذلك تحت السيادة الوطنية للمغرب. وسبق لبوريطة أن دعا الاتحاد الأوروبي بشكل صريح إلى الخروج من منطقة الراحة الخاصة به، وأكد أنه «يكفي أن تخرج أوروبا من منطقة راحتها وتدعم هذا التوجه الدولي»، مشيرا إلى أن «العملية راوحت مكانها على مدى سنوات»، واليوم «هناك توجه ينبثق، وهو ما ينبغي على الاتحاد الأوروبي تبنيه»، لأن أوروبا في حاجة إلى منطقة للساحل والصحراء مستقرة وآمنة، وهذه الأماني يمكن أن تظل جامدة في حال عدم وجود التزام، وتساءل بوريطة: «اليوم، سينطلق القطار، فهل ستظل أوروبا سلبية أم أنها ستساهم في هذه الدينامية؟».
إن الاتحاد الأوروبي محتاج إلى المغرب اليوم أكثر من أي وقت مضى، نظرا للمخاطر والتحديات الأمنية التي تتهدد منطقة الساحل والصحراء. لذلك فمن حق المغرب أن يطالب بتغيير التعامل الأرعن والفوقي لبعض دول الاتحاد معه، وأن يحظى بالاحترام الواجب لموقعه وحجمه وتاريخه ومقدراته.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى