
يونس جنوحي
نواصل مع السفير محمد التازي، وهو يتناول موضوع المقال الذي كتبته عنه صحيفة «نيويورك تايمز» وتسبب في زوبعة في السفارات العربية في كندا.
هنا يشرح التازي، في أوراقه الشخصية، أهم مضامين المقال وكيف وصل الخبر إلى الملك الحسن الثاني، الذي كان يعلم أن سفيره سيلقي كلمة في ذلك المؤتمر. لكن واقعة الصفير بعد ذكر «المغرب»، في صفوف بعض الحاضرين العرب، جعلت التازي يرتجل كلمة «غاضبة»، هي التي أضافت «البهارات» إلى مقال «نيويورك تايمز».
هنا يشرح التازي ما وقع:
«ويضيف المقال: «وقبل أن ينهى السفير جملته قام عدد من الحاضرين، الذين جاوزوا الألف، بإطلاق كلمات الاستهجان ومطالبة السفير بالتوقف عن الحديث».
ثم: «وقد توقف السفير لحظة، ثم جمع أوراق حديثه، وكان المتوقع أن يغادر المنصة، ولكن، وسط دهشة الحاضرين، شرع في الحديث بدون أوراق وقال: «إنني أقول لكم، بكل أمانة وصدق، إن أعتى مشكلة يواجهها الإنسان العربي هي الرعب الذي يصيبه من الكلمة الحرة، من الرأي الآخر، لأنه تعود أن يسمع رأيا واحدا، هو ما تريد السلطة أن تسمعه إياه، وأن ما سمعته الآن من صفير وصياح، ليؤكد لي أن العرب في الهوى سواء. لقد جعلتموني أشعر أني لا أتحدث مع نخبة من المثقفين والمفكرين، فقد أحسست أني في تجمع نظمته السلطة في إحدى الدول التي لا تحترم سلطتها إلا رأيها، وإن كان لا يحترمه غيرها، إن المشكلة التي تعاني منها الشعوب العربية وبعض المنتسبين إليها من المهاجرين حملة الشهادات العليا هي انعدام الحرية، وما سمعته من صفير وضجيج ليس موجها ضدي، لأن لا أحد منكم يعرفني، وإنما الضجيج والصفير ضد حرية الرأي وحرية التعبير، معا، يؤكد لي أن العرب سواء كانوا مقيمين أو مهاجرين لا يتمايز بعضهم على بعض».
وينتهي المقال بالقول: «إن السفير ما كاد يُنهي كلمته التي كانت تقاطع بالتصفيق، ويعود إلى مقعده حتى التهبت أكف الحاضرين بالتصفيق له وقوفا لبضع دقائق».
هذا ملخص لمقال «نيويورك تايمز»، الذي أثار حفيظة السفراء العرب في نيويورك وواشنطن، وكندا، وكل بعث إلى حكومته ما يثبت نشاطه ويقظته وتتبعه لما يقع من أحداث.
وكان رد فعل جلالته طيب الله ثراه، حين علم بما نشر، أن تساءل: هل هذا مؤتمر جديد؟ أم هو المؤتمر الذي أذنت للتازي بحضوره من قبل؟ وأجاب جلالته على تساؤله بنفسه بأن ما علم عن المؤتمر هو غير ما ينقل إليه الآن.
فما هي حقيقة ما وقع؟
في شهر أكتوبر من عام 1982 وجهت لي رابطة الخريجين العرب الأمريكيين والكنديين دعوة لحضور مؤتمرها الرابع عشر الذي سيعقد في مدينة مونتريال الكندية، في الأسبوع الأخير من الشهر نفسه، وبعثت أستأذن جلالته بواسطة الأستاذ امحمد بوستة، وزير الدولة في الخارجية والتعاون، وجاءت الموافقة الملكية مع قرار من وزير الدولة بالمشاركة في وفد المغرب لدورة الأمم المتحدة، وفي الحين طلبت من الأمانة العامة للجامعة العربية معلومات عن الرابطة، وعن أهدافها ومعلومات عن المؤتمرات السابقة، وعن المشار كين في المؤتمر المدعو لحضوره، وقضيت أياما في دراسة الوثائق التي تسلمتها، وأعددت الكلمة التي سأتلوها في المؤتمر، وكان من المدعوين لحضوره مندوب عن وزارة الخارجية الأمريكية، وممثل للحكومة الكندية ومندوب عن لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وشفيق الحوت عن منظمة التحرير الفلسطينية، وعمداء الجامعات الأمريكية في بيروت والقاهرة، وجامعة جورج تاون الأمريكية ومدعوون من السفارات العربية في كندا، ولكن من حضر منهم لم يكن من بينهم أي عضو في السفارة المغربية».





