حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الدوليةالرئيسيةسري للغايةسياسية

الجنرالات خافوا من بن بلة وهكذا اختير بوضياف ليصبح رئيسا

يونس جنوحي

بعد ظهور الشاذلي بن جديد على الشاشة معلنا استقالته التي أرغم عليها في الكواليس، ظهر مشكل دستوري وقانوني آخر، يتعلق بصلاحية المجلس الوطني للدولة، والذي انتهت صلاحيته أياما بعد استقالة الشاذلي. ففي الوقت الذي كان فيه نقاش بين الجنرالات من أجل إحضار دماء جديدة إلى المشهد السياسي، تحظى بشعبية كبيرة وفي الوقت نفسه لن تدخل في مشاكل مع الجيش، برز مشكل نهاية ولاية المجلس الوطني حينها الذي وجبت إعادة انتخاب أعضائه، وهي وضعية دستورية تدخلها البلاد وتمتد خلال فترة 45 يوما.

كان عبد العزيز بلخادم هو الذي يترأس هذا المجلس الذي كان له دور أشبه بمجلس استشاري لكنه صوري فقط ويأتمر بأوامر الجنرالات.

 

سلاطة بلون واحد

كان أمر الجنرالات عجيبا فعلا وغير منطقي. هكذا وصفهم هشام عبود وهو يتحدث عن شخصية عبد العزيز بلخادم. فهذا الأخير، الذي كان منبوذا من طرف الجنرالات لفترة، سرعان ما حظي بفرصة أخذ حقيبة وزير دولة بدون مهمة، ثم أصبح لاحقا وزيرا للخارجية، ولم يفهم المتابعون أي منطق يتبعه الجنرالات. فقد كانوا يستقطبون إليهم الديموقراطيين والاشتراكيين وحتى أعضاء جبهة الإنقاذ الإسلاميين الذين اتهموهم بالإرهاب.

وحده أحمد بن بلة كان خطا أحمر، ورغم أنهم وضعوا اسمه في أعلى لائحة المرشحين للعودة إلى رئاسة الجمهورية، إلا أن الرجل لم يكن ليغامر بالعودة إلى تلك الأجواء في ظل وجود عسكريين يتحكمون في الهواء وكل تفاصيل القصر الرئاسي، كانوا مجرد ضباط صغار عندما كان هو رئيسا للجمهورية. ومن الأمور التي قتلت محاولة استقطاب الرئيس الجزائري السابق للعودة إلى السلطة، غياب أي موقف من هؤلاء العسكريين لإنصافه عندما كان سجينا طوال فترة حكم الهواري بومدين التي قاربت العقدين من الزمن.

يقول هشام عبود إن خالد نزار اقترح عددا من الأسماء لتسلم مهمة رئاسة المجلس الوطني لإنهاء تلك المشكلة «الدستورية»، كما لو أن الجنرالات فعلا كانوا يحرصون على احترام الدستور، وهم الذين قاموا بأنفسهم بوقف الانتخابات فقط لأنهم لم يستطيعوا مواجهة اكتساح جبهة الإنقاذ للمشهد. يحكي هشام عبود عن طريقة تداول الجيش للاقتراحات: «قام الجنرال نزار باقتراح اسم أحمد الطالب الابراهيمي. فعارضه سيد أحمد الغزالي قائلا:

-لا. خصوصا الابراهيمي.
إنه إمام يلبس البذلة وربطة العنق».

كان أحمد الغزالي يقصد أن الابراهيمي شخص محافظ. وقد كان هذا حال عدد من الشخصيات التي تحظى بالكفاءة السياسية، خصوصا منهم الذين تكونوا جيدا في الساحة السياسية أيام ولاية أحمد بن بلة. يواصل هشام عبود في وصف تلك الأجواء والمشهد الكاريكاتوري لتداول أسماء المرشحين في اجتماع الجنرالات:

«طلب الجنرال نزار من سيد أحمد الغزالي اقتراح اسم من الأسماء. اقترح عليه الغزالي أحمد بن بلة. فقاطعه علي هارون:

-مع عودة هذا «الانتقامي»، سوف يكون مصيرنا جميعا دكة الإعدام.

في هذا السياق، أخرج الاسم «المفاجأة» من جيبه:

-وإذا قمنا باستدعاء بوضياف؟

تم ربط الاتصال ببوضياف. وأعلن أنه سوف يدخل الجزائر في اليوم الموالي. يا له من سيناريو!».

 

موت تحت الطلب

إنه فعلا سيناريو عجيب. هذه هي الطريقة التي جاء بها بوضياف إلى رئاسة الجمهورية. ليس لأنه الوحيد الذي وافق على إمساك كرسي ينفر منه الجميع لأنهم رأوا مصير الشاذلي بن جديد الذي تجرع الإهانة، ولكن أيضا لأنه الوحيد الذي حظي بالتوافق من طرف الجنرالات ولم يعترض أحد منهم على اقتراحه رئيسا للجمهورية. بقيت فقط مسألة الأوراق. بالنسبة إلى الجيش، لم يكن هناك أي داع للانتخابات ولا إلى المبارزات السياسية والخطابات بين المتسابقين. جلسة واحدة أزال فيها الجنرالات طرابيشهم وجلسوا إلى الطاولة، ولم ينهضوا إلا بعد تحديد من سيكون الرئيس المقبل للبلاد.

كان علي هارون، وهو علبة سوداء حقيقية، هو الذي تكلف بعملية إحضار بوضياف. في يوم 9 يناير 1992 اتصل هارون بابن بوضياف، وكان اسمه ناصر، إلى مكتبه، وطلب منه التواصل مع والده والتفاوض معه، لكن الابن رد بأن والده لم يكن من النوع الذي يقبل الوساطات والمراسيل وأنه يتعين على هارون الاتصال به شخصيا وإخباره بما يريد، وهكذا كان فعلا.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى