شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الحقيقة المرة

إن كل من يستمع لكلمة الرئيس الأسبق للحكومة على المباشر وهو يتفاخر بترك خزينة الدولة مليئة بالأموال، يعتقد أن حكومته خلفت وراء ظهرها مغربا لا يقل في تصنيفه عن سويسرا أو السويد في نسب النمو ومعدلات البطالة والتضخم وحجم القروض، بينما يكفي أن ننظر لما تحقق في مجال المخزون الطاقي والمائي، سنجد أنفسنا أمام تركة ثقيلة كانت تستوجب تحريك كل أشكال المساءلة القانونية والسياسية، طبعا لا شيء من المحاسبة تحقق وواصلنا بكل ثبات سياسة الهروب من قاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة.

قلنا يكفي أن نعود لحصيلة ملفي الطاقة والماء اللذين دبرهما حزب بنكيران لعشر سنوات، لنكون أمام معيار واقعي ومادي، يصف حكومتي العقد الأخير بالحكومتين الأسوأ في تدبير هاذين الملفين الحارقين. فالأزمات الراهنة المتعلقة بمخاطر العطش الذي كان يتهدد هذا الصيف، لولا رحمة الله، أكثر من 10 مدن كبرى، منها البيضاء ووجدة ومراكش والناظور ومكناس وبرشيد وسيدي قاسم والرشيدية وأكادير وشفشاون، بالإضافة إلى ندرة المخزون الطاقي الذي لا يتجاوز احتياطه 26 يوما، ما كانت لتكون لو أن تلك الحكومات التي استمرت على رأس السلطة التنفيذية لولايتين تعاملت بجدية وفعالية لتأمين أساسيات الأمن الطاقي والمائي، وأعدت كل عدتها للتخفيف من آثارها على حياة الناس!

فمن كانت تصف نفسها بحكومة الشرعية الانتخابية، عبثت طيلة ولايتيها في قطاعات الماء والكهرباء والطاقة وتركتها تحت رحمة القدر والتقلبات الجيوستراتيجية المفاجئة، وعطلت بقصد أو غير قصد حركة تأمين الحاجيات الوطنية للمدى المتوسط والبعيد، خصوصا أن السياق المالي وكل الموارد المالية والسياسية كانت متوفرة آنذاك، فلم تكن هناك جائحة كوفيد التي أربكت حسابات الاقتصادات الكبرى، ولا حروب جيوستراتيجية تهدد مصير العالم، ولا تواتر الجفاف بهذه القسوة، ومع ذلك لا شيء تحقق في مجال الأمن الطاقي والأمني.

والحقيقة فنحن لا نتجنى على أحد بالقول إن الحكومتين السابقتين فشلتا فشلا ذريعا، في تدبير المخزون المائي والطاقي، الملك أكد هذه الحقيقة المرة في خطاب افتتاح السنة التشريعية، الواقع يقول إننا على حافة الهاوية في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الماء ولولا هذا الجفاف الشديد لما تحركت الحكومة للبحث عن حلول لتحلية المياه، ولولا الأزمة الطاقية لما صعدت إلى السطح أولوية إنشاء خزانات كبرى لتوسيع حجم الاحتياط من البترول والغاز.

لا نقوم بهذا التشخيص لسب الماضي، أو التلذذ بنقد فصيل سياسي تاجر في الوهم، بل لأنها الحقيقة المرة، ولكي تأخذ الحكومة الحالية الدروس لعدم تكرار ما جرى، فتأمين الغذاء والشراب والطاقة لكل المغاربة لا ينبغي أن يظل إرثا تتوارثه الحكومات بل ينبغي أن توجد له حلول نهائية خلال هاته الولاية وإلى الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى