
في إطار تنفيذ مخططها التنموي 2037- 2023، قامت الخطوط الملكية المغربية، يوم 8 دجنبر 2024، بإعادة إطلاق خطها الجوي المباشر الذي يربط الدار البيضاء بمدينة ساو باولو بالبرازيل، بعد توقف دام نحو أربع سنوات.
وتم تعزيز هذا الخط برحلة رابعة أسبوعيا، ابتداء من يناير 2025، لتصبح بذلك شبكة الرحلات أكثر اتساعا، مما يتيح للمسافرين من وإلى البرازيل خيارات متعددة للسفر عبر الدار البيضاء نحو وجهات مختلفة في أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط.
وفي هذا الصدد وفي إطار الدينامية المتصاعدة التي يعرفها قطاع السياحة العالمي، قدمت هيئة السياحة البرازيلية «إمبراتور»(Embratur) عرضا مفصلا لشركة الخطوط الملكية المغربية، بهدف تعزيز الربط الجوي بين المملكة والبرازيل، وفتح آفاق جديدة أمام السياحة المتبادلة والاستثمارات المرتبطة بالنقل الجوي والخدمات الفندقية.
رؤية جديدة للسياحة البرازيلية
في خطوة تعكس طموحها للتموقع مجددا ضمن أبرز الوجهات السياحية العالمية، أعلنت الهيئة البرازيلية للترويج السياحي عن إطلاق خطتها الجديدة للتسويق السياحي الدولي «Plano Brasis 2025-2027»، التي تهدف إلى تعزيز صورة البرازيل كبلد يحتضن تنوعا ثقافيا وبيئيا فريدا، ويقترح على الزوار تجارب سياحية أصيلة ومستدامة تعكس روح الأمة البرازيلية وثراءها الطبيعي. وترتكز هذه الخطة الطموحة، الممتدة على مدى ثلاث سنوات، على خمسة محاور استراتيجية رئيسية ترسم ملامح توجه جديد في تطوير السياحة الوطنية:
- الاستدامة محورا للنمو
تسعى البرازيل من خلال هذا البرنامج إلى تعزيز التنمية السياحية المسؤولة، عبر تبني ممارسات تحافظ على البيئة وتضمن انخراط المجتمعات المحلية في الاستفادة من العائدات السياحية، بما يحقق توازنا بين الحفاظ على الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- الابتكار والتقنيات الحديثة
تضع الخطة الابتكار في صلب استراتيجيتها التسويقية، من خلال اعتماد أدوات رقمية متطورة، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وحملات ترويجية ذكية تستهدف فئات محددة من المسافرين العالميين، خاصة أولئك المهتمين بالسياحة البيئية والثقافية.
- تجارب سياحية أصيلة
تعمل الهيئة على تطوير منتجات سياحية جديدة تُبرز الهوية البرازيلية بكل تنوعها، من الموسيقى والرقص إلى المطبخ المحلي والمناطق الطبيعية الخلابة، بهدف تمكين الزوار من التواصل الحقيقي مع الثقافة والشعب والطبيعة البرازيلية.
- التحليل الذكي للبيانات
سيتم توظيف أنظمة تحليل البيانات الضخمة لتوجيه السياسات السياحية وتحديد أولويات الاستثمار والترويج، بما يضمن قرارات دقيقة قائمة على مؤشرات واقعية ومحدثة باستمرار.
- تشجيع الشراكات الدولية
تسعى البرازيل إلى توسيع شبكة علاقاتها السياحية عبر عقد شراكات مع مؤسسات وهيئات من مختلف الدول، ما سيسهم في زيادة تدفق الزوار، وتعزيز موقعها التنافسي على الساحة العالمية.
وبحسب الهيئة البرازيلية، فإن «Plano Brasis 2025-2027»،
يمثل رؤية جديدة لقطاع السياحة، قائمة على التوازن بين الأصالة والابتكار، بين الاستدامة والانفتاح، بما يعكس صورة البرازيل كوجهة نابضة بالحياة والطبيعة والإنسان.
أداء قياسي للسياحة البرازيلية
كشفت معطيات «إمبراتور» أن البرازيل حققت خلال الفترة من يناير إلى شتنبر 2025 رقما قياسيا بلغ 7 ملايين زائر دولي، وهو الأعلى في تاريخ البلاد، مسجلة نموا بنسبة 45 في المائة مقارنة مع السنة الماضية.
كما تجاوزت الإيرادات السياحية حاجز 9مليارات دولار أمريكي، مدفوعة بزيادة قدرها 17 في المائة في الطاقة الاستيعابية الجوية، وارتفاع الرحلات المباشرة بنسبة 47 في المائة.
وجهة متنوعة تتجاوز الصورة النمطية
أكد العرض أن البرازيل لم تعد وجهة مقتصرة على الشواطئ وغابات الأمازون، بل أصبحت منظومة سياحية شاملة تجمع بين الرفاهية البيئية، والسياحة الثقافية، والسياحة الإيكولوجية، والتراث الإفريقي- البرازيلي. وتسعى الحملة الدولية الجديدة «Brasil Soft Power»، التي سيتم إطلاقها خلال معرض WTM London 2025، إلى إبراز «فن العيش البرازيلي» من خلال الرياضة، الثقافة، الموسيقى، وفنون الطبخ.
شراكات وترويج عالمي
ضمن برامج الترويج، أطلقت «إمبراتور» مبادرة PATI لدعم شركات الطيران والمطارات، التي تفتح خطوطا جديدة نحو البرازيل. ففي نسختها الأولى سنة 2024، أُضيف أكثر من 70 ألف مقعد جديد على الرحلات الدولية، بينما ستركز المرحلة المقبلة 2026-2025 على منطقة الشمال الشرقي والأسواق الاستراتيجية. كما أطلقت الهيئة مشروع «Brasil Feel»، الذي يضم101 تجربة سياحية عبر 61 مدينة في27 ولاية، بهدف إبراز الوجه المحلي الأصيل للبلاد.
البنية التحتية الفندقية في صعود
أشار التقرير إلى أن أبرز المجموعات الفندقية العالمية توسع حضورها في شمال وشمال شرق البرازيل، من بينها Accor، Marriott، Vila Galé، Iberostar، Fasano، Radisson، Wyndham، Club Med.
وتعد مدن Recife، Salvador، Maceió، Fortaleza، Natal،Belém من بين أكثر الوجهات استقطابا، إذ يتجاوز عدد الأسرة الفندقية في كل منها بين 16 و32 ألف سرير، مما يعزز جاذبية البرازيل كمحور سياحي واعد في أمريكا الجنوبية.
اقتصادات إقليمية صاعدة
يؤكد العرض أن الاقتصادات المحلية في الشمال والشمال الشرقي للبرازيل تشهد ازدهارا متواصلا، بفضل تنوع القاعدة الصناعية والتجارية، خصوصا في مجالات الموانئ، البتروكيمياء، الصناعات الثقيلة، الزراعة، والتكنولوجيا.
وتتجاوز قيمة المبادلات التجارية الخارجية في بعض الموانئ الكبرى، مثلBelém وSalvador وRecife، أكثر من25 مليار دولار سنويا.
فرص جديدة للخطوط الملكية المغربية
ضمن رؤيتها التوسعية نحو أمريكا اللاتينية، تبرز أمام الخطوط الملكية المغربية فرص واعدة لتعزيز حضورها في السوق البرازيلية. ويقترح العرض البرازيلي رفع وتيرة الرحلات بين الدار البيضاء وساو باولو من ثلاث إلى سبع رحلات أسبوعيا، مع إعادة تشغيل خط ريو دي جانيرو، واستكشاف إمكانية تشغيل رحلات مباشرة نحو شمال شرق البرازيل – سيما مدن Fortaleza، Recife، Salvador، Natal، وBelém، باستخدام طائرات Boeing 737 MAX متوسطة المدى.
اتفاقية الرموز المشتركة
في إطار سعيها الدائم لتعزيز حضورها في أمريكا اللاتينية، أبرمت الخطوط الملكية المغربية اتفاقية «الرموز المشتركة»(Code Sharing) مع شركة الطيران البرازيلية Gol Linhas Aéreas، مما يسمح للمسافرين بالاستفادة من رحلات مشتركة عبر تذكرة واحدة، انطلاقا من الدار البيضاء نحو عدة مدن برازيلية، مثل ريو دي جانيرو، برازيليا، سلفادور، فورتاليزا، وكوريتشيبا. يمكن هذا التعاون الناقلة الوطنية من استقطاب شرائح متعددة من المسافرين: دبلوماسيين، ورجال أعمال، وطلبة، وعائلات، وزوار من فئة VFR (زيارة الأصدقاء والأقارب). كما يتيح الخط الجديد للمسافرين القادمين من البرازيل الولوج بسهولة إلى وجهات أوروبية مثل باريس، مدريد، برشلونة، لشبونة، بورتو، وميلانو، إضافة إلى وجهات إفريقية عديدة كغينيا بيساو، ولواندا، وغيرها من الدول الناطقة بالبرتغالية. وعززت الخطوط الملكية المغربية علاقاتها مع كبار منظمي الرحلات السياحية بالبرازيل، ووقعت اتفاقيات جديدة لترويج الوجهة المغربية، بالتعاون مع المكتب الوطني المغربي للسياحة، عبر تنظيم معارض وفعاليات في السوق البرازيلية، أبرزها: المعرض الدولي للسياحة في أمريكا اللاتينية (WTM São Paulo)، والمعرض الدولي لوكالات الأسفار البرازيلية (ABAV Rio de Janeiro). وأثمر هذا التعاون عن ارتفاع ملموس في عدد السياح المتبادلين بين المغرب والبرازيل.
«لارام» الناقل الرسمي لعدد من التظاهرات
كما تم توقيع اتفاقية لترويج رحلات Incentive (الرحلات التحفيزية للشركات والمؤسسات)، بهدف تنشيط السياحة نحو المغرب، ضمن خطة تواصل متعددة القنوات شملت حملات رقمية وتنظيم رحلات استطلاعية للوكالات البرازيلية والمغربية. وشاركت الخطوط الملكية المغربية، باعتبارها ناقلا رسميا، في عدد من التظاهرات الفنية والثقافية الكبرى بالبرازيل، من أبرزها: البينالي الدولي للفن بساو باولو (الدورة السادسة والثلاثون) المنظم من 6 شتنبر الماضي إلى 11 يناير 2026 تحت شعار «الأسفار ليست عبورا للطريق فحسب، بل تجسيد للإنسانية في أبهى صورها». والاحتفال السنوي بيوم إفريقيا الذي تنظمه الهيئة الدبلوماسية الإفريقية بالبرازيل، بمشاركة الخطوط الملكية المغربية، التي تدعم هذا الحدث الثقافي لتعزيز الروابط بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية. ستواصل الخطوط الملكية المغربية دعمها للحضور الإفريقي بالبرازيل، من خلال المشاركة في مؤتمر الأطراف (COP30) المزمع تنظيمه في مدينة بيليم البرازيلية سنة 2025، وذلك عبر نقل الوفود الرسمية والمشاركين، لتؤكد بذلك موقعها كفاعل استراتيجي يربط بين إفريقيا، أوروبا، وأمريكا اللاتينية عبر محور الدار البيضاء.
يظهر هذا التعاون المحتمل بين المغرب والبرازيل رؤية منسجمة بين قطاعي الطيران والسياحة في البلدين، ويؤكد رغبة الجانبين في بناء جسر جوي جديد يربط إفريقيا بأمريكا اللاتينية، بما يسهم في تنشيط السياحة الثنائية، وتوسيع المبادلات الاقتصادية، وجذب استثمارات فندقية وخدمية جديدة.








