الرأي

الزاد والمؤونة في محاربة «كورونة»

يونس جنوحي
لا تملك، وأنت تتابع المواكبة الحكومية الرسمية لانتشار وباء كورونا في مختلف المناطق المحيطة بنا، إلا أن تطلب السلامة، خصوصا أننا لا نسمع إلا أخبار الحجر المواكبة لليقظة للحالات التي تم رصدها. ولم نسمع حتى الآن عن الواجب القيام به على الحدود لضبط الوافدين الذين يحملون الفيروس حتى لا يصاب السليمون بالعدوى.
وفي الوقت الذي ينتظر الجميع خطابا تواصليا من رئيس الحكومة لوضعنا في الصورة، لم نفز إلا بلقاء يتيم ترأسه رئيس الحكومة مع وزير الصحة، الذي حاول ممازحته أثناء الندوة وعاتبه على جوابه عن الأسئلة «السهلة» ليترك له الأسئلة الصعبة. والصحافيون الذين حضروا الندوة تابعوا روح الدعابة لرئيس الحكومة وهو يتحدث إلى وزير الصحة في هذه الظرفية الحساسة التي نعرفها جميعا.
لا داعي للتهويل وتضخيم الأمور، لكن لا داعي، أيضا، إلى الاستخفاف بها وترك القضية «على الله». فالعالم يعرف جيدا أن المجاعات والأمراض الأخرى الدائمة، بل وحتى حوادث السير، تعصف يوميا بأضعاف الأرواح التي حصدها كورونا منذ ظهوره في «ووهان» الصينية إلى اليوم.
وما يزيد من دعم المعنويات، هو الانفراج الذي أصبحت تعرفه بؤر الوباء، بعد تغلب الأطباء عليه ونجاحهم في شفاء عدد كبير جدا من الحالات المصابة، بينما جل الوفيات سُجلت في صفوف المتقدمين في السن أو الذين كانوا يعانون أساسا من أمراض مزمنة، كالسرطان أو فقدان المناعة المكتسبة.
«ولا تدري نفس بأي أرض تموت» باتت واقعا حقيقيا يمكن التأكد منه بالملموس، إذ إن مواطنا صينيا فكّر في الهروب من الصين قبل أن يصاب بدوره بالوباء، وشعر بسعادة غامرة وهو يضع قدميه في أوربا، واستقل أول قطار إلى قرية نائية تعرف بصناعة القوارب الصغيرة، وفكّر جديا في الاستقرار بكوخه الصغير إلى أن يُشفى العالم. لكنه أصيب بكورونا في السوق الصغير بسبب سياح من دولة أخرى كانوا مصابين، ليصبح بدوره في الحجر الصحي معهم. فبعد أن هرب من الوباء في معقله وبؤرته الأولى، أصيب به في أبعد مكان تخيّل أن يصل إليه كورونا.
وفي الوقت الذي ننتظر مواكبة من المنابر القريبة من الحزب الذي يقود الحكومة، أو حتى تسريبات عن الإجراءات الاحترازية التي يجب أن يكونوا قد فكروا في تفعيلها على الحدود والمطارات، تولى موقع الحزب الحاكم، يا حسرة، مهمة نشر ملصقات من تلك التي يتداولها الناس في «الواتساب» والنساء في مجموعات نصائح العناية بالبشرة والهالات السوداء والترهلات. المنشور يقدم نصائح من قبيل غسل اليدين بانتظام وتجنب المصافحات ولمس مقابض أبواب الأماكن العمومية ودعامات طوابير الانتظار.
في وقت تخرج الحكومات الأخرى بتقارير بها أرقام أكثر من أدوات الربط، لا وجود حتى الآن لأي مصارحة حكومية للمغاربة بشأن القدرة الاستيعابية والضغط الذي قد تتحمله وزارة الصحة لشفاء الحالات المرصودة مهما ارتفع عددها، خصوصا أن جل دول العالم الآن لم تعد قلقة بشأن الوفيات بعد تماثل حالات كثيرة جدا للشفاء. وكل هذه التقارير الدولية تؤكد أن أفضل وسيلة لاحتواء المرض والحد من انتشاره هو تطويق الأماكن العمومية وتعقيمها، والتدخل الفوري للجهات الرسمية لضبط الأمور الصحية، وحتى توفير السلع والبضائع حتى لا يصاب المواطنون بالهلع.
تأثر المغرب بهذا الوباء يبقى محدودا جدا إذا قارنا بين الحالات المرصودة والعدد الإجمالي للمغاربة، داخل المغرب وخارجه. وسوف يسجل التاريخ، مرة أخرى، على الحكومة أنها كانت خارج الملعب، وأنها تركت المغاربة وحدهم أمام وصفات الحامض والعسل، والكرموص المنقوع في الزيت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى