حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

السلطتان التنفيذية والتشريعية…صراع أم تعاون؟

سوء الفهم الكبير بين المعارضة البرلمانية والحكومة

قبل أسبوعين، وقع جدل دستوري، حول الحدود بين السلطة التنفيذية والتشريعية داخل المؤسسة البرلمانية، بعد توجيه فرق المعارضة لانتقادات واتهامات للوزراء بعدم التفاعل مع الأسئلة والمبادرات الرقابية للبرلمانيين، وأثناء محاولة الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الرد على هذه الاتهامات، اعترضت المعارضة على منحه حق الكلام في جلسة ينظمها الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب. وينص الدستور على تنظيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومنح للبرلمان عدة صلاحيات في مجال الرقابة على العمل الحكومي، كما تم منح المعارضة بالبرلمان وضعية متميزة وحقوقا متعددة، ويبقى الهدف الأساسي من ذلك هو النهوض بالعمل البرلماني، والرفع من جودة القوانين والسياسات العمومية التي يتولى البرلمان تشريعها، ورد الاعتبار للبرلمان كمؤسسة دستورية لازمة لتحقيق الديمقراطية التمثيلية الحقة وليس الشكلية.

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

 

الدستور منح صلاحيات للمعارضة للقيام بدورها الرقابي والتشريعي

 

 

توجه الأغلبية الحكومية، في العديد من المناسبات، انتقادات قوية لفرق المعارضة، من خلال اتهامها بعدم قدرتها على ممارسة دورها الدستوري في مراقبة العمل الحكومي، وفي المقابل تتهم المعارضة الحكومة وأغلبيتها البرلمانية بحرمانها من هذا الحق الذي خوله لها الدستور الجديد، كما تتهم الحكومة بحرمانها من ممارسة حقها في التشريع، من خلال عدم التفاعل مع مقترحات القوانين التي تتقدم بها.

وخص الدستور الجديد فرق المعارضة بالبرلمان بمكانة متميزة، وخولها العديد من الحقوق، كما جعل منها شريكا أساسيا في صناعة التشريع والرقابة على العمل الحكومي إلى جانب الأغلبية البرلمانية، وخصص لها المشرع الدستوري الفصل 10 من الدستور، الذي ينص على ما يلي «يضمن الدستور للمعارضة البرلمانية مكانة تخولها حقوقا من شأنها تمكينها من النهوض بمهامها، على الوجه الأكمل، في العمل البرلماني والحياة السياسية.

ويضمن الدستور بصفة خاصة للمعارضة مجموعة من الحقوق، أهمها حرية الرأي والتعبير والاجتماع، وحيز زمني في وسائل الإعلام العمومية يتناسب مع تمثيليتها، والاستفادة من التمويل العمومي وفق مقتضيات القانون، والمشاركة الفعلية في مسطرة التشريع، لاسيما عن طريق تسجيل مقترحات قوانين بجدول أعمال مجلسي البرلمان، والمشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي، لاسيما عن طريق ملتمس الرقابة، ومساءلة الحكومة، والأسئلة الشفوية الموجهة للحكومة، واللجان النيابية لتقصي الحقائق، والمساهمة في اقتراح المترشحين وفي انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وتمثيلية ملائمة في الأنشطة الداخلية لمجلسي البرلمان، ورئاسة اللجنة المكلفة بالتشريع بمجلس النواب، والتوفر على وسائل ملائمة للنهوض بمهامها المؤسسية، والمساهمة الفاعلة في الدبلوماسية البرلمانية، للدفاع عن القضايا العادلة للوطن ومصالحه الحيوية، والمساهمة في تأطير وتمثيل المواطنات والمواطنين، من خلال الأحزاب المكونة لها، طبقا لأحكام الفصل 7 من هذا الدستور، وممارسة السلطة عن طريق التناوب الديمقراطي، محليا وجهويا ووطنيا، في نطاق أحكام الدستور.

ويتضح، من خلال مقتضيات الدستور المغربي الجديد، أن المعارضة البرلمانية تتمتع بوضعية دستورية متميزة، حيث بإمكانها، بقوة الدستور، أن تشارك في التشريع كما في الرقابة على العمل الحكومي، وهذا الأمر فيه رفع للحيف والتهميش الذي كان يمس المعارضة في ظل الدساتير السابقة. فالوسائل والآليات التي كان منصوصا عليها في الدساتير السابقة، لم تكن لتمكن المعارضة من القيام بمهامها، وذلك بالنظر للشروط المسطرية المعقدة والنصاب القانوني الكبير المتعلق بأهم آليات الرقابة، كتكوين لجان نيابية لتقصي الحقائق، أو الطعن في دستورية القوانين العادية، وكذلك رئاسة إحدى اللجان البرلمانية الدائمة، كلجنة العدل والتشريع، كما أن كل المقتضيات الدستورية سابقة الذكر تؤكد، بالملموس، بأن دستور 2011 شكل قطيعة مع الدساتير السابقة على عدة مستويات، من أهمها ما يتعلق بالرقابة البرلمانية على العمل الحكومي ودور المعارضة في إطار النظام البرلماني المغربي الجديد.

العلاقة بين الحكومة والبرلمان في الدستور

 

 

رسم الدستور حدود العلاقات بين المؤسسة التشريعية (البرلمان)، والمؤسسة التنفيذية (الحكومة). وينص الفصل 100 من الوثيقة الدستورية على أنه تُخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة، وتدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوما الموالية لإحالة السؤال إليها، وتقدم الأجوبة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، وتخصص لهذه الأسئلة جلسة واحدة كل شهر، وتُقدم الأجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة إلى رئيس الحكومة.

وحسب الفصل 101، يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إما بمبادرة منه، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين، وتُخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها، ويمكن للجان المعنية في كلا المجلسين أن تطلب الاستماع إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، بحضور الوزراء المعنيين، وتحت مسؤوليتهم، ويمكن لرئيس الحكومة أن يربط، لدى مجلس النواب، مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة، أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه، ولا يمكن سحب الثقة من الحكومة، أو رفض النص، إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على تاريخ طرح مسألة الثقة، ويؤدي سحب الثقة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.

كما يمكن لرئيس الحكومة حل مجلس النواب، بعد استشارة الملك ورئيس المجلس، ورئيس المحكمة الدستورية، بمرسوم يتخذ في مجلس وزاري، ويقدم رئيس الحكومة أمام مجلس النواب تصريحا يتضمن، بصفة خاصة، دوافع قرار الحل وأهدافه، وكذلك لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة، ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، ولا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس؛ وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية، وإذا وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة، فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه، طيلة سنة.

ولمجلس المستشارين أن يُسائل الحكومة بواسطة ملتمس يوقعه على الأقل خُمس أعضائه؛ ولا يقع التصويت عليه، بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداعه، إلا بالأغلبية المطلقة لأعضاء هذا المجلس، ويبعث رئيس مجلس المستشارين، على الفور، بنص ملتمس المساءلة إلى رئيس الحكومة؛ ولهذا الأخير أجل ستة أيام ليعرض أمام هذا المجلس جواب الحكومة، يتلوه نقاش لا يعقبه تصويت.

العلاقة بين الحكومة والبرلمان في الدستور

 

 

رسم الدستور حدود العلاقات بين المؤسسة التشريعية (البرلمان)، والمؤسسة التنفيذية (الحكومة). وينص الفصل 100 من الوثيقة الدستورية على أنه تُخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة، وتدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوما الموالية لإحالة السؤال إليها، وتقدم الأجوبة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، وتخصص لهذه الأسئلة جلسة واحدة كل شهر، وتُقدم الأجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة إلى رئيس الحكومة.

وحسب الفصل 101، يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إما بمبادرة منه، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين، وتُخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها، ويمكن للجان المعنية في كلا المجلسين أن تطلب الاستماع إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، بحضور الوزراء المعنيين، وتحت مسؤوليتهم، ويمكن لرئيس الحكومة أن يربط، لدى مجلس النواب، مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة، أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه، ولا يمكن سحب الثقة من الحكومة، أو رفض النص، إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على تاريخ طرح مسألة الثقة، ويؤدي سحب الثقة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.

كما يمكن لرئيس الحكومة حل مجلس النواب، بعد استشارة الملك ورئيس المجلس، ورئيس المحكمة الدستورية، بمرسوم يتخذ في مجلس وزاري، ويقدم رئيس الحكومة أمام مجلس النواب تصريحا يتضمن، بصفة خاصة، دوافع قرار الحل وأهدافه، وكذلك لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة، ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، ولا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس؛ وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية، وإذا وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة، فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه، طيلة سنة.

ولمجلس المستشارين أن يُسائل الحكومة بواسطة ملتمس يوقعه على الأقل خُمس أعضائه؛ ولا يقع التصويت عليه، بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداعه، إلا بالأغلبية المطلقة لأعضاء هذا المجلس، ويبعث رئيس مجلس المستشارين، على الفور، بنص ملتمس المساءلة إلى رئيس الحكومة؛ ولهذا الأخير أجل ستة أيام ليعرض أمام هذا المجلس جواب الحكومة، يتلوه نقاش لا يعقبه تصويت.

سوء الفهم الكبير بين المعارضة والحكومة

 

 

قبل أسبوعين، وقع سوء فهم كبير بين المعارضة والحكومة في شخص الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى بايتاس، وذلك بعد توجيه اتهامات للوزراء بعدم التفاعل مع أسئلة البرلمانيين، ما دفع بفريق حزب التقدم والاشتراكية إلى الانسحاب من الجلسة، فيما اعترضت بقية أحزاب المعارضة على منح الكلمة للوزير بايتاس من أجل تقديم توضيحات والرد على الاتهامات.

وأكد بايتاس في ندوة صحفية عقدها بمناسبة انعقاد مجلس الحكومة، أن الحكومة لا تتهرب من التفاعل مع أسئلة البرلمانيين، معتبرا ذلك كلاما غير صحيح ومجرد ادعاء باطل، موضحا أن المسألة تؤطرها قوانين واضحة تنظم العلاقة بين الحكومة والبرلمان.

وأبرز بايتاس أن القوانين الداخلية لمجلس النواب تتحدث عن التوازن والتعاون بين السلطتين، ومكتب المجلس هو المكلف بتحديد الأسئلة والقطاعات الحاضرة، واعتبر منعه من الكلام خلال الجلسة العمومية، «تعسفا»، مشيرا إلى أن البرلمان هو فضاء للنقاش والتدافع وإبراز وجهات النظر، متسائلا: «إن كان الوزير المكلف بتدبير العلاقات مع البرلمان ممنوعا، فمن يحق له الكلام؟».

وأورد المسؤول الحكومي أنه يحضر منذ بداية الجلسة البرلمانية إلى غاية نهايتها من أجل تقديم التوضيحات عند الحاجة، رافضا أن يمنع من حقه في الكلام بواسطة صراخ المعارضة، مسجلا أن القوانين هي التي تنظم المبادرات الرقابية: السؤال والتعقيب والجواب وغيره.

وفي رده، اعتبر رشيد حموني، رئيس فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أن ما جاء على لسان الوزير مخالف للواقع، وتأويل مخالف للقانون، واتهمه «بالتهجم المُتغول على المعارضة»، وأوضح أن احتجاجها كمعارضة وطنية، ديموقراطية وبناءة ومسؤولة، في الجلسة المذكورة، يعودُ إلى أن قطاعاً وزاريا كان حاضراً ورفض كل اقتراحات مواضيع تقدم بها فريق حزبه، من أجل إدراج سؤالٍ شفوي من بين كل تلك المستوفية للشروط والآجال القانونية، والتي يُمكن إطلاع الرأي العام الوطني عليها بالدليل والبرهان.

ورفض حموني ما أسماه «محاولةُ الناطق الرسمي باسم الحكومة إعطاء الانطباع، زوراً وبهتاناً، أن نائبات ونواب الأمة يريدون برمجة أسئلة غير مستوفية للشروط والآجال القانونية هو أمر فيه إهانة لهم وللمؤسسة التشريعية برمتها»، وأكد حموني أن سلوك عدد من الوزراء في الحكومة ومنهج التعنت ورفض الجواب على أسئلة نائبات ونواب الأمة، أو العجز عن ذلك، ليس أمراً جديداً، وتوجد عليه أدلة قاطعة، حيث توجد مئات الأسئلة الكتابية مثلاً من دون جواب، رغم مرور الآجال الدستورية. وتساءل «فهل هذا مؤشر على التعاون والتكامل الذي تحدث عنه السيد الوزير مصطفى بايتاس !؟ أم أنه مؤشر على الكفاءة السياسية للوزراء !؟ أم أنه مؤشر على احترام الحكومة للبرلمان !؟ أم أنه مؤشر على الفعالية؟!».

وأضاف حموني «لقد تقمص الناطق الرسمي باسم الحكومة دور الفقيه الدستوري في شرح وتفسير وتأويل النظام الداخلي لمجلس النواب، مُحاولاً إعطاء الانطباع بأن البرلمان لم يعد فضاءً للحوار والنقاش. وهذا أمر خطير ينطوي على استصغارٍ غير مقبول نهائيا لمكانة المؤسسة التشريعية، كفضاء للتعبير الحر والديموقراطي». موضحا أن النظام الداخلي لمجلس النواب يؤطر وينظم تناول الكلمة، بالنسبة للجميع، بدقة وتفصيلٍ متناهيين. وليس هناك أبداً مجال للتلاعب في هذا الأمر أو الالتفاف عليه، أو التحايل عليه، تحت أي مبرر كان، ومن أي كان.

وبدوره، أكد إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أن النظام الداخلي للمجلس الذي يعتبر أسمى من القوانين العادية، هو الذي يؤطر ويضبط العلاقة بين مجلس النواب وباقي السلط، والحال أن هذا النظام خصص المواد من 150 إلى 154 لنظام «تناول الكلمة»، حيث لا ينص تماما على تناول الحكومة للكلمة، سواء في إطار نقطة نظام، أو للتعقيب على نقط النظام المخولة حصرا للفرق والمجموعة النيابة، من أجل التذكير بضوابط سير الجلسة أو التنبيه إلى تطبيق النظام الداخلي، وبالتالي، فإن المانع من تناول الكلمة من طرف الحكومة هو مانع قانوني، وليس شيئا آخر من قبيل ما ادعاه الوزير بايتاس.

وأوضح أن الأمر يتعلق بجلسة للأسئلة التي نظمها النظام الداخلي في المواد من 258 إلى 271، فإن المنصوص عليه، هو فقط منح الحكومة الحق في الردود، بالتناسب مع نفس الحصة الزمنية المخولة للمجلس بالنسبة للأسئلة والتعقيبات، ولم يضف لها أي هامش زمني للجواب على نقط النظام.

ثلاثة أسئلة لبن يونس المرزوقي*:

«العلاقة بين الحكومة والبرلمان تنبني على فصل السلط وتوازنها وتعاونها»

 

1- كيف يؤطر الدستور العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية؟

 

إن التأطير الدستوري للعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنظيمية قائم، وفق الفصل الأول من الدستور، على أساس ثلاثة مبادئ تتمثل في فصل السلط وتوازنها وتعاونها. وتقتضي هذه المبادئ أن تمارس كل سلطة صلاحياتها بمعزل عن السلطة الأخرى، مع توفر كل منهما على وسائل للتأثير على الآخر. وهذه المعادلة التي يقوم عليها النظام البرلماني تستهدف في النهاية إقامة توازن، ولا أدل على ذلك من أن صلاحيات البرلمان تقوم أساسا على التصويت على القوانين، التي يكون مصدرها غالبا مشاريع تحضرها الحكومة، مقابل مراقبة هذا البرلمان للعمل الحكومي. وبالمنطق نفسه فالحكومة تحضر مشاريع القوانين، وتقدم كل البيانات والمعلومات اللازمة للبرلمان من أجل حسن قيامه بصلاحياته. والدستور المغربي لسنة 2011 قد وسع صلاحيات كل من الحكومة والبرلمان، وبما يمكننا من القول إن مجال التوازن موجود على مستوى النص الدستوري. وانطلاقا من هذا التأطير الدستوري، يمكن إجمال العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في التعاون والتكامل، وهي العلاقة الطبيعية والسليمة التي تجمع السلطتين بعيدا عن التداخل، وفي إطار مبدأ فصل السلط الذي أشرت إليه في الأول.

وبالتالي يجب التأكيد على أهمية المبادئ الثلاثة المؤطرة للعلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية، الفصل والتوازن والتعاون، وذلك أيضا في إطار احترام كل سلطة لصلاحياتها.

 

2- ما حدود الوظيفة الرقابية للبرلمان في العلاقة مع الحكومة؟

 

يمكن القول بداية إن الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي لا حدود لها. فهي متعددة ومتنوعة، تبدأ من مجال الأسئلة الكتابية أو الشفوية، ثم لجان الاستطلاع، ولجان تقصي الحقائق، وصولا إلى درجة ملتمس الرقابة، الذي بموجبه يدفع البرلمان الحكومة إلى الاستقالة. غير أنه من الملاحظ أن البرلمان لا يستعمل كل هذه الوسائل، وكمثال لذلك أنه لم يتم اللجوء إلى ملتمس الرقابة إلا مرتين في تاريخ عمر البرلمان المغربي، كما لم يتم اللجوء إلى لجان تقصي الحقائق إلا في مناسبات قليلة، ومنذ دستور 2011، ومن هذا المنطلق يمكن القول إنه بقدر ما كانت للحكومة أغلبية مريحة، بقدر ما تقل عمليات المراقبة.

ومما زاد في إشكاليات المراقبة أن تشكيلة مجلس النواب الحالي، لا تسمح للمعارضة بممارسة أي شكل من هذه الأشكال، خاصة منها الأشكال الرئيسية، مثل ملتمس الرقابة وتشكيل لجنة تقصي الحقائق وغيرهما، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى القول إن البرلمان وجب أن يغير نظرته للمراقبة، والمقصود هنا أن يتعامل البرلمان مع الوظيفة الرقابية بأنها وسيلة من أجل الحصول على المعلومات، كشأن لجنة تقصي الحقائق، والتي تتيح للبرلمان الحصول على المعطيات والبيانات حول موضوع معين، وليس وسيلة لإلقاء اللوم على الحكومة. وأتمنى أن يسير النظام الداخلي للبرلمان في هذا التوجه، وأن يتم تغيير هذا التصور المرتبط بأن الوظيفة الرقابية للبرلمان من أجل الضغط على الحكومة، بل على العكس، هي صلاحية دستورية من شأنها تجويد وتحسين عمل السلطة التنفيذية.

 

3- ما أهمية الجلسات العمومية في تكريس الدور الرقابي للمؤسسة التشريعية؟

 

إن الجلسات العمومية المخصصة لمراقبة البرلمان للعمل الحكومي، تلعب دورا أساسيا لمواكبة البرلمان للنقاش العمومي. إن مختلف أشكال الرقابة، برلمانية أو إعلامية أو مجتمعية والحزبية والنقابية وغيرها، ينبغي أن تكملها عملية المراقبة البرلمانية، على أساس أن يقوم البرلمان بكل ما يلزم من أجل إيصالها إلى الرأي العام في شكل جلسات علنية، وهذه العلنية ليس فيها ما يحرج الحكومة، لأن المؤسسات الأخرى تنشر تقاريرها، والحكومة أيضا مطالبة بتقديم حصيلتها وإجابات عن النقاش البرلماني والجلسات العمومية، وبالتالي يجب تشجيع ممارسة الرقابة عن طريق جلسات عمومية، لكن ينبغي في الوقت نفسه عدم إعطاء المواطن والمتتبع صورة خاطئة عن الجلسات العلنية، وأعتقد أن ما يقع من ملاسنات ونقاشات مسطرية داخل البرلمان خلال تلك الجلسات، مسألة غير صحية وغير مقبولة، ونحن أمام حكومة تتوفر على أغلبية مريحة. وينبغي على الأجهزة التي تضع جدول الأعمال أن تتقن أمورها، والنظام الداخلي مثلا، يحدد غياب الوزراء في ثلاث حالات، منها حضور نشاط ملكي، أو الإشراف على مؤتمر دولي في المغرب، أو المشاركة في مؤتمر دولي، وهي أمور معروفة، وعلى ذلك ينبغي تدقيق النظام الداخلي للبرلمان.

 

* أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بوجدة

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى