الرأي

الفتنة في قيلولة

حسن البصري
وضعت تصريحات شرف الدين عمارة رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، الحكومة الجزائرية في مأزق، حين أثنى على المغرب ونوه بحسن الاستقبال الذي قوبلت به بعثة المنتخب الجزائري خلال تواجدها في مراكش لمواجهة منتخب بوركينا فاصو.
قال عمارة: «حظينا باستقبال جيد في المغرب، الأجواء رائعة هنا وكأننا سنلعب في بلدنا الجزائر بالنظر لتشابه المناخ والأرض والشعب. نحن مسرورون بالتواجد بين إخواننا المغاربة، الأمور تسير بشكل طبيعي، وتم تسهيل كل الإجراءات هنا، ونشكر الجامعة المغربية على هذه التسهيلات».
وقبل أن ينهي رئيس الاتحاد تنويهه بالمغرب، تعاقب على الميكروفون باقي أعضاء البعثة، وكلهم أجمعوا على حفاوة الاستقبال، حتى أن أمين لعبيدي المشرف العام على المنتخب الجزائري كاد أن يلتمس من «كاف» السماح لهم بإجراء باقي المباريات في مراكش.
خلافا لما حملته صحيفة «الشرور» من مغالطات وما كتبته أفلام أرتوت من حبر العساكر، فقد كانت تصريحات البعثة الجزائرية أشبه ببيانات حقيقة لإعلام حاول أن يجعل من مباراة كرة بؤرة نزاع.
لعبت الصحافة الجزائرية دور المدان وحاولت تقمص دور نور الشريف في فيلم «الظالم والمظلوم»، وادعت بأن السلطات المغربية منعت الصحافيين الجزائريين من تغطية المباراة، «حتى لا ينقل الإعلام الجزائري حقائق صادمة»، يا سلام.
ما حصل يوم المباراة يؤكد حجم الرعب الذي يشعر به النظام الجزائري كلما تعلق الأمر بزيارة بعثة رياضية جزائرية للمغرب، فعلى امتداد تسعين دقيقة، حرص المخرج الجزائري الذي نقل المباراة لتلفزيون الجارة الشرقية على نقل رقعة الملعب ولا شيء سواها، كانت التعليمات صارمة بعدم تقديم صورة للملعب وجمالية محيطه أو صور من مدينة مراكش، أما المعلق الجزائري فلم يذكر اسم الملعب ولا المدينة ولا المغرب واكتفى بذكر أسماء اللاعبين فقط، وكأن المباراة أجريت في الثلث الخالي.
يعلم زملاؤنا في الجزائر أن المغرب غير معني بتنظيم المباراة، وأن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم هي التي أصرت على أن تجرى المواجهة بدون إعلام إلا طاقم القنوات التي تملك حقوق النقل الحصري، وأن بلادنا أنقذت ماء وجه المنافسات القارية حين وضعت ملعب مراكش رهن إشارة بوركينا فاصو، بعد أن تبين أن ملاعبها لا تتوفر على المواصفات الدولية، لكن يبدو أنهم يدفعوننا لتبني لازمة «ما دير خير ما يطرا باس».
بحثت بعض الأقلام عن نصف هفوة تنظيمية لتنزيل مبرر «المؤامرة الخارجية»، والترويج لرياح العداء فكل الآفات التي تضرب جيراننا قادمة من المغرب، حتى غياب صندوق الفيديو «الفار» مسحه بعض المحللين في السلطات المغربية، وحين حرم الحكم البوتسواني جوشوا بوندو اللاعب محرز من ضربة جزاء، بحثوا في سيرته وعبثوا في تاريخه وقالوا فيه ما لم يقله تبون في معارضيه.
إذا احترقت غابات القبائل فعود الثقاب آت من المغرب، وإذا ضربت موجة حر مدينة مراكش، فإن السلطات المغربية اختارت مدينة جوها جاف نكاية في منتخب الجزائر، وإذا منعت التدابير الوبائية الجزائريين من ولوج الملعب، قيل إن أنصار منتخب الخضر مستهدفون، وحين تدخل مدافع بوركينابي بخشونة في حق لاعب جزائري بحثوا في سوابقه وقالوا إنه احترف ذات يوم في المغرب وأنه مشبع بالضغينة.
زار المدرب الجزائري عبد الحق بن شيخة بعثة المنتخب الجزائري في مقر إقامتها بمراكش، وجالس صديقه شرف الدين عمارة رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، وتبين من جلسة الحوار أن الكرة معقمة ضد السياسة بأكثر من جرعة.
قبل يومين أعلنت وزارة الرياضة الجزائرية بأنها بصدد وضع منصة رقمية تحت تصرف الرياضيين، «للتبليغ عن أي شكل من أشكال الفساد»، لكن حين تصبح وزارة الرياضة مصلحة تابعة في جرها ورفعها لوزارة الخارجية وتزرع في أذهان اللاعبين بذور العداء فتلك أم الكبائر.
إياك أعني واسمعي يا جارة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى