الرأي

اللي خانها ذراعها

حسن البصري
استعانت إدارة الإسماعيلي المصري لكرة القدم بـ«نعمان» كبير مشجعى الدراويش، في مباراة جمعت الفريق الأصفر بالرجاء البيضاوي، طلب من الدجال الحضور إلى الملعب واتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء نحس لازم الفريق المصري في ملعبه.
وافق نعمان على الملتمس وقدم ورقة كتب عليها وصفة الخلطة السحرية، وقبل انطلاق المباراة قام الرجل بتبخير الملعب مستخدما «المبخرة» وهو يجوب على كرسي متحرك الملعب طولا وعرضا دون أن يحرك مندوب المباراة ساكنا، خوفا من شياطين نعمان، بل إن ضابط الشرطة المصري قدم له التحية العسكرية حتى اعتقد إداريو الرجاء أن الدجال لواء في الجيش.
يلقب كبير مشجعي الإسماعيلي المصري بـ«الوزير نعمان»، وله مكانة اعتبارية في الوسط الرياضي، بل يحضر عند الضرورة اجتماعات المجلس الإداري للنادي، كما أنه تلقى دعوة للسفر إلى المغرب لاستكمال مهمته، علما أن دجال الكرة المصرية يدعى «شحتة» يوجد في فترة نقاهة ويتعذر عليه العودة إلى الميادين.
آمن الرجاويون بقول «مقهور» أكل عليه الدهر وشرب يقول: «وداويها بالتي كانت هي الداء»، وحين عادوا إلى قواعدهم سالمين نحروا «عجلا» وفي رواية «أخرى «خروفا»، وأريق على جوانب الملعب الدم، أملا في التخلص من لعنة طاردت الفريق وحولت نصف لاعبيه إلى نزلاء عيادة.
حين نعود قليلا إلى الوراء سنقف على كثير من أعمال الدجل التي اقتحمت الأندية المغربية، فقد نحر المكتب المسير للرجاء البيضاوي سنة 2007 عجلا في ملعب الوازيس رغبة في التصدي لسوء الطالع الذي لازم الفريق مع المدرب الإسباني باكو، اشترى المسيرون الذبيحة واستعانوا بجزار «رجاوي»، نحر الأضحية في ملعب التداريب فتحققت الانتصارات في الحصص التدريبية فقط، وتبين أن اختيار المكان والزمان ضروري في مثل هذه المواقف.
بدل مناقشة الخطط التكتيكية لفك العقم الهجومي للكوكب المراكشي، اختار القائمون على الفريق تغيير لون قميص النادي من الأحمر إلى لون تجمعت فيه ألوان قوس قزح، معللين التغيير بالخوف من السحر. ولجأ اتحاد طنجة لدجال برتبة تقني في مباراته ضد الوداد، كما نحر مسؤول من الاتحاد البيضاوي ديكا لطرد النحس دون أن يدير النحس ظهره لفريق الحي المحمدي.
وكان فريق الدفاع الحسني الجديدي سباقا في الثمانينات إلى العمل بمبدأ «الدم مقابل الانتصار»، حيث أقدم الرئيس على نحر كبش في مرمى ملعب العبدي، وعلقت جثته في المرمى درءا لـ«العكس» وظل حبل «الكديد» يستفز اللاعبين والمدربين إلى أن انتهت البطولة. وعلى المنوال نفسه سار اتحاد المحمدية الذي كان أكثر شفافية من سابقيه حين تضمن التقرير المالي نفقات الذبيحة السرية وتعويضات الجزار. ولجأ أمل سيدي بنور للنحر حين آمن بأن الشرف الرفيع لا يسلم من الأذى حتى يراق على جوانب المرمى الدم، بينما اختار أولمبيك آسفي «عتروسا» اقتناه المكتب المسير عام 2006، وسلمه لحارس الملعب مع توصية بذبحه في مربع العمليات لطرد الأرواح الشريرة التي تعرقل سير الفريق.
لا يوجد خبير «سحر» في تركيبة الأندية المغربية، لكن اللجوء إليه غالبا ما يتم بسرية ودون استشارة المنخرطين، ويجسد تعامل بعض رؤساء الفرق بمنطق «لا يفل الحديد إلا الحديد» فلا يفل السحر إلا السحر.
ولأن التكنولوجيا والشعوذة لا تلتقيان، فإن إقحام تقنيات «الفار» يدفعنا للبحث عن تقنية أخرى للكشف عن السحر الساكن في ردهات الملعب، والتفكير في كاسحة لهذه الألغام المدفونة في عشب ميادين التباري، وطرد سلالة «شمهاروش» من عالم قيل إنه يحفظ القيم المثلى ويصونها.
لو كان سحرة المغرب أشداء كما يروج المصريون، لما توقف مسار منتخبنا عند عقبة كأسي العالم وإفريقيا، ولو كان دخان البخور مبطلا للسحر لعوضت الجماهير الشهب بالمسك والعنبر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى